قوات النظام تقصف أطراف «نقطة تركية» شمال غربي سوريا

TT

قوات النظام تقصف أطراف «نقطة تركية» شمال غربي سوريا

صعدت قوات النظام أمس (الخميس) قصفها في ريفي محافظة إدلب الشرقي والجنوبي ضمن مناطق خفض التصعيد في شمال غربي سوريا، وطال القصف منطقة تتواجد بها إحدى النقاط العسكرية التركية، في وقت عاد الهدوء إلى مدينة رأس العين في شمال شرقي البلاد بعد توتر واشتباكات على مدى يومين بسبب اقتتال بين الفصائل الموالية لتركيا في المنطقة.
ونفذت قوات النظام قصفا على مناطق في قرية آفس التي تتواجد فيها نقطة مراقبة عسكرية تابعة للقوات التركية بريف إدلب الشرقي، دون معلومات عن خسائر بشرية، كما قصفت قوات النظام بعد منتصف ليل الأربعاء - الخميس، أماكن في الفطيرة وكنصفرة وأطراف البارة وفليفل وبينين ضمن ريف إدلب الجنوبي.
وجددت قوات النظام قصفها المدفعي على مواقع فصائل المعارضة المسلحة في مدينة سرمين في ريف إدلب الشرقي، بالتزامن مع تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع والطيران الحربي في أجواء المنطقة.
وردت غرفة عمليات «الفتح المبين» على القصف بقذائف المدفعية الثقيلة، إذ استهدفت تجمعات قوات الحكومة على محور قرية جوباس بريف إدلب الشرقي. واستهدفت غرفة العمليات بقذائف المدفعية وصواريخ غراد تجمعات عسكرية لقوات الحكومة السورية على محاور مدينة سراقب، وأوقعت إصابات مباشرة في صفوف القوات الحكومية على خطوط التماس الأمامية.
من ناحية أخرى، عاد الهدوء النسبي إلى مدينة رأس العين، الواقعة شمال محافظة الحسكة، ضمن ما يعرف بمنطقة «نبع السلام» التي تسيطر عليها القوات التركية والفصائل الموالية لها ضمن ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري»، وذلك بعد اشتباكات استمرت يومين بين مجموعتين من فصيل «الحمزات» بسبب خلافات على بعض الممتلكات المصادرة.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن الاقتتال بين الطرفين أسفر عن وقوع 5 جرحى، وأن المدينة لا تزال تشهد توتراً، حيث انتشر المسلحون في المدينة وسط استقدام الطرفين تعزيزات من خارجها. كما شهدت المدينة توترا بين فصيل الحمزات والشرطة المدنية على خلاف حول أحقية إدارة معبر مع تركيا.
على صعيد آخر، كشف «مركز توثيق الانتهاكات» في شمال سوريا عن اعتقال ما لا يقل عن 77 شخصاً، بينهم عشر نساء وطفل في عفرين شمال غربي سوريا من قبل فصائل معارضة مسلحة موالية لتركيا خلال شهر فبراير (شباط) الماضي.
وذكر أن أعداد المعتقلين لم تعرف على وجه الدقة، بسبب تحفظ بعض العائلات على ذكر أسماء المعتقلين منها، إضافة إلى وجود معتقلين لم يتمكن المركز من الوصول إليهم. ولفت المركز، في تقرير له، إلى أن غالبية الاعتقالات تتم بشكل عشوائي لأسباب كيدية وجزء منها يجري بذريعة أن المعتقلين من أنصار الإدارة الكردية الذاتية أو كانوا موظفين لديها.
وذهب التقرير إلى أن الهدف الأساسي للاعتقالات والخطف وبقية الانتهاكات هو «تهجير ما تبقى من سكان عفرين والاستيلاء على ممتلكاتهم وعقاراتهم وأراضيهم». وأكد أن كل هذه الانتهاكات تجري تحت أعين القوات التركية ومشاركتها، وأنها سياسة تركية تنفذ بأيدي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لأنقرة.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.