إدارة بايدن لاستعادة {الديناميكية} في الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي

الوضع الاقتصادي يدفع الفلسطينيين للعمل في بناء مستوطنات اسرائيلية (أ.ف.ب)
الوضع الاقتصادي يدفع الفلسطينيين للعمل في بناء مستوطنات اسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

إدارة بايدن لاستعادة {الديناميكية} في الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي

الوضع الاقتصادي يدفع الفلسطينيين للعمل في بناء مستوطنات اسرائيلية (أ.ف.ب)
الوضع الاقتصادي يدفع الفلسطينيين للعمل في بناء مستوطنات اسرائيلية (أ.ف.ب)

قالت وزارة الخارجية الأميركية، إن أميركا تعارض أي خطوات من طرف إسرائيل تجعل حل الدولتين أكثر صعوبة.
وجاءت التصريحات على لسان الناطق بلسان الخارجية الأميركية ند برايس، على ضوء التقارير التي تحدثت عن خطط بناء إسرائيلية جديدة في المستوطنات في الضفة الغربية. موضحا أن واشنطن تعارض أي خطوة تبعد حل الدولتين عن التنفيذ. وتابع المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية: نحن نود أن نقدم المساعدة لكل الفلسطينيين بمن فيهم اللاجئون.
وعندما يتعلق الأمر بحل الدولتين، فإن إدارة الرئيس بايدن شددت وبشكل مكرر أكثر من مرة، بأنها تقف مع هذا الحل الذي تراه عادلاً لكلا الطرفين، ودعت إلى استقلال الفلسطينيين عن إسرائيل، وأن يكون لهم كيان معترف به دولياً. وبحسب نيد برايس، فإن إدارة بايدن ترى أن أفضل طريقة لضمان هوية إسرائيل، كدولة يهودية وديمقراطية، هو حل الدولتين، وأن تعيش بسلام إلى جانب دولة فلسطينية ديمقراطية قابلة للحياة، مؤكداً أن «هذا هو بالضبط سبب استمرار حل الدولتين، في كونه جوهر الطريقة التي ننظر بها إلى الصراع».
وتصريحات برايس، مساء أول من أمس، تكمل تصريحاته السابقة في موجزاته اليومية، ناطقا باسم الخارجية الأميركية، أن حل الدولتين واقعي وسيوفر إطاراً دائماً للحالة النهائية، مشيراً إلى أن مصالح أميركا هي قيمها والعكس صحيح، لذلك عندما يتعلق الأمر بحل الدولتين، فإن قيم أميركا تلعب على كلا الجانبين، إذ تعتقد واشنطن، أن إسرائيل يجب أن تستمر في كونها دولة يهودية وديمقراطية. وفي الوقت نفسه، «نعتقد أن الفلسطينيين يستحقون تطلعاتهم المشروعة في قيام دولة واستقلال». رغم استدراكه، في أنه لا يعتقد أن حل الدولتين المتفاوض عليه، وشيك في الساعات أو الأيام القادمة.
وترى الباحثة السياسية، إيما لاهي، أنه من المحتمل أن تعود العلاقات الأميركية الإسرائيلية والعلاقات الأميركية الفلسطينية، إلى الوضع خلال إدارة الرئيس أوباما، وهي شراكة وثيقة مع إسرائيل، ولكن مع استمرار دعم حل للصراع عادل للفلسطينيين. وتعتقد إيما في حديثها إلى «الشرق الأوسط»، أن التطورات الأخرى في المنطقة، وبالتحديد التوترات المتصاعدة مع إيران، يمكن أن ترسل العلاقة في اتجاهات أخرى، رغم أن بايدن أكد مجدداً «دعمه الثابت لأمن إسرائيل ومستقبلها كدولة يهودية وديمقراطية». من جهة أخرى، وقبل أيام من تنصيب بايدن، أعلنت السلطة الفلسطينية أنها ستجري أول انتخابات تشريعية ورئاسية منذ 15 عاماً هذا الصيف. وإذا أجريت الانتخابات بطريقة حرة ونزيهة، يمكن أن تبدأ السلطة الفلسطينية في استعادة الشرعية الديمقراطية، في نظر بايدن وقادة العالم الآخرين.
من جهتها، قالت كبيرة المحللين في معهد نيولاينز للاستراتيجيات والسياسات، كارولين روز، إنه خلال الأشهر القليلة الأولى من إدارة بايدن، سيكون الهدف الأساسي، إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، مع العديد من المبادرات التي اتخذتها إدارة ترمب لصالح إسرائيل، في محاولة للحصول على الديناميكية الأميركية بالوقوف على قدم المساواة بين الطرفين.
واعتبرت روز أن الإدارة الأميركية، تضع، في الوقت الحالي، أي خطة سلام طموح على نار هادئة، وتركز على إحياء العلاقات الأميركية الفلسطينية، وإعادة فتح العلاقات الدبلوماسية، واستئناف المساعدات في ظل الأونروا وفرص التنمية الاقتصادية الأخرى. واعتبرت أنه، بما أن الرأي العام والأوضاع السياسية في إسرائيل وفلسطين، ليسا ناضجين للمفاوضات، ناهيك من التسوية الناجحة، «فإن إدارة بايدن تسعى إلى زرع بذور النيات الحسنة وإجراءات بناء الثقة، لتمهيد الطريق للمحادثات، وقد اتبعت حتى الآن خطاً دقيقاً، معلنة أنها ستدعم صيغة حل الدولتين، ولكنها ستحتفظ أيضاً ببعض قرارات عهد ترمب مثل موقع السفارة الأميركية في القدس».
وتعتقد الباحثة الأميركية، أنه من المحتمل أن تستكشف الإدارة بدائل لصيغة الدولتين، إذا اختارت المضي قدماً في اتفاق سلام، لكنها في الوقت الحالي تسعى إلى التراجع عن سلسلة سياسات ترمب، وإعادة الالتزام بإطار عمل يعود إلى حقبة أوباما.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم