لبنان: مخاوف من تفاقم التسرب المدرسي بين الأسر الفقيرة

قرض البنك الدولي بقيمة 246 مليون دولار لمساعدة 87 ألف طالب

TT

لبنان: مخاوف من تفاقم التسرب المدرسي بين الأسر الفقيرة

لحظ قرض البنك الدولي المخصص لتمويل برنامج دعم الأسر الأكثر فقراً بقيمة 246 مليون دولار الذي يفترض أن يستفيد منه لبنان بعد إقرار مشروع القانون المرتبط به في مجلس النواب، تقديم مساعدات مالية لـ87 ألف طالب في المدارس الرسمية للتصدي لظاهرة التسرب المدرسي التي حذّر منها التقرير التقييمي للبنك، والذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، بحيث نبّه من أن «الأزمات المالية والاقتصادية الحالية في لبنان، التي تصاعدت بسبب جائحة كورونا باتت تشكل تهديداً خطيراً لاستمرار تعليم الأطفال».
وبحسب مصدر لبناني رسمي، فإن نسبة التسرب المدرسي بلغت في بعض المناطق 30 في المائة للطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و18 سنة، لذلك لحظت وزارة الشؤون الاجتماعية ومنذ عام 2011 وفي إطار «البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقراً» تقديم مساعدات للطلاب اضطرت إلى وقفها عام 2018 لعدم توافر الأموال اللازمة نتيجة الأزمة المالية التي يرزح تحتها لبنان. وتشير المعلومات المتوافرة إلى أن التلامذة الذين ينتمون لعائلات تعيش تحت خط الفقر، سيحصلون بعد اعتماد القرض، على مبلغ يتراوح ما بين مليون و200000 ومليون و900000 ليرة لبنانية خلال العام الدراسي (أي ما بين 800 و1200 دولار أميركي وفق سعر الصرف الرسمي: 1500 ليرة للدولار).
ولا تملك الدولة اللبنانية على ما يبدو رقما محدداً لنسبة التسرب المدرسي في لبنان؛ إذ إن مكتب البحوث التربوية التابع لوزارة التربية، أفاد «الشرق الأوسط» بأنه كان قد بدأ في العام الماضي 2020 بدراسة حول التسرب والرسوب المدرسي وأنهى وضع الإطار العام للدراسة والأدوات المرافقة لها، «ولكن بسبب جائحة كورونا لم نتمكن من استكمال العمل الميداني، أي الدخول إلى المدارس لتعبئة الاستمارات. وبالتالي توقف العمل ليس فقط بهذه الدراسة إنما بكل الدراسات التي كانت قيد الإنجاز في مكتب البحوث التربوية».
وفي تقريره المرتبط بقرض الـ246 مليون دولار، يشدد البنك الدولي على أن ظاهرة التسرب المدرسي ليست جديدة لبنانياً، حيث كان معدل التسرب في العام الدراسي 2011 – 2012، «مرتفعاً للغاية بالنسبة للطلاب في الفئات الاجتماعية والاقتصادية الأدنى»، باعتبار أنه بحلول سن 18، كان 50 في المائة فقط من الطلاب الذين ينتمون للعائلات الأكثر فقراً لا يزالون في المدرسة. ويشير التقرير إلى أن «الوضع خطير بشكل خاص بالنسبة للذكور الذين يبدأ تسربهم من المدرسة في سن 12 و13 عاماً». ومن بين أفراد الأسر المسجلة في قاعدة بيانات البرنامج الوطني لاستهداف الفقر (NPTP)، لم يلتحق حوالي 15 في المائة منهم بالمدارس، وذكر حوالي 50 في المائة منهم أن أسباباً مالية مقنعة هي السبب الرئيسي لعدم التسجيل.
وينبه البنك الدولي أنه مع المستويات المقدرة للزيادة في معدل الفقر (بما في ذلك تضاعف نسبة الفقر المدقع من 10 في المائة إلى أكثر من 22 في المائة)، من المحتمل جداً أن يترافق ذلك مع ازدياد نسبة التسرب المدرسي «ما لم يتم تزويد الأسر الأكثر فقراً بالدعم اللازم لمواصلة تعليم الأطفال».
وفي هذا الإطار، قال عضو لجنة التربية والتعليم والثقافة النيابية النائب ادغار طرابلسي لـ«الشرق الأوسط» إن «التسرب المدرسي موجود وخاصة في البيئات الضعيفة اقتصادياً واجتماعياً نتيجة الجهل والمشاكل العائلية والفقر، بحيث يتم وقف تعليم الأطفال وإرسالهم للعمل رغم أن القوانين اللبنانية تمنع الانخراط في سوق العمل لكل من هم دون الـ18»، لافتاً إلى أن من شأن الأزمة الاقتصادية الراهنة أن تزيد نسب التسرب، مضيفاً: «مؤخراً نلحظ تسرباً من نوع جديد نتيجة التعلم عن البعد، بحيث إن الكثير من العائلات غير قادرة على تأمين المستلزمات اللازمة سواء الكومبيوتر أو الهواتف الذكية أو حتى الإنترنت، ما يجعل الكثير من الطلاب يتخلون عن التعليم».
ويشير أستاذ السياسات والتخطيط في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور ناصر ياسين إلى أن تداعيات الأزمة الاقتصادية سترخي بثقلها على عدة مجالات ومنها التعليم والانخراط فيه، موضحاً أن «الكثير من الأبحاث تخلص إلى أنه عندما تحصل أزمة اقتصادية حادة تعتمد بعض الأسر على آليات تكيف معينة، ومنها وقف تعليم الأطفال باعتبار أن من شأن ذلك أن يخفف التكاليف التي يتكبدها رب الأسرة، وتأمين أموال ومداخيل إضافية من خلال عمالة الأطفال، وهنا نتحدث عن العائلات الأكثر فقراً التي ترزح تحت خط الفقر». ويوضح ياسين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و18 عاماً هم الأكثر عرضة للتسرب المدرسي والذين يتوجهون عادة للقيام بأعمال يدوية بسيطة لا تتطلب مهارات معينة»، مشدداً على وجوب «التأكد من أن المساعدات النقدية التي ستحصل عليها العائلات الفقيرة من قرض البنك الدولي ستساعد على إبقاء الأولاد في المدارس، علماً بأنها مساعدات غير مشروطة إنما محفزة حصراً».
وتتفاقم ظاهرة التسرب المدرسي في صفوف النازحين السوريين في لبنان، بحيث يخلص التقرير السنوي حول وضع اللاجئين السوريين في لبنان الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط» إلى أن 33 في المائة من الأطفال السوريين اللاجئين في لبنان في السنين الابتدائية (6 - 14 عاماً) لم يتابعوا تعليمهم خلال العام الدراسي 2019 – 2020.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.