نبات صائد للحشرات يملك مجالاً مغناطيسياً

اكتشاف يساعد مستقبلاً في تشخيص الأمراض

نبات صائد للحشرات يملك مجالاً مغناطيسياً
TT

نبات صائد للحشرات يملك مجالاً مغناطيسياً

نبات صائد للحشرات يملك مجالاً مغناطيسياً

نبات «فينوس فلايترابس»، هو نبات آكل للحشرات يحيط بفريسته باستخدام أوراق معدلة كمصيدة، ومن خلال هذه العملية، تؤدي الإشارات الكهربائية إلى إغلاق فصوص الأوراق على الفريسة.
وأظهر فريق بحثي ألماني متعدد التخصصات في دراسة نشرت بدورية «ساينتفيك ريبورتيز»، في 14 يناير (كانون الثاني) الماضي، أن هذه الإشارات الكهربائية تولد مجالات مغناطيسية قابلة للقياس، وباستخدام مقاييس المغناطيسية الذرية، ثبت أنه من الممكن تسجيل هذه المغناطيسية الحيوية. وتقول الفيزيائية آن فابريكانت، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة ماينز الألمانية في 2 فبراير (شباط) «يمكنك القول إن القياس يشبه إلى حد ما إجراء فحص بالرنين المغناطيسي على البشر، ولكن المشكلة هي أن الإشارات المغناطيسية في النباتات ضعيفة للغاية؛ وهو ما يفسر صعوبة قياسها بمساعدة التقنيات القديمة».
وتضيف «نعلم أنه في الدماغ البشري، تنتج تغيرات الجهد في مناطق معينة من النشاط الكهربائي المنسق الذي ينتقل عبر الخلايا العصبية في شكل جهد فعل، ويمكن استخدام تقنيات مثل تخطيط كهربائية الدماغ (EEG) وتخطيط الدماغ المغناطيسي (MEG) والتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لتسجيل هذه الأنشطة وتشخيص الاضطرابات غير الغازية، وعندما يتم تحفيز النباتات، فإنها تولد أيضاً إشارات كهربائية، والتي يمكن أن تنتقل عبر شبكة خلوية مماثلة للجهاز العصبي للإنسان والحيوان».
وتتكون مصيدة «فينوس فلايترابس» من أوراق محاصرة ذات فصوص ذات شعر حساس، والتي عند لمسها، تحفز جهد فعل ينتقل عبر المصيدة بأكملها، وبعد محفزين متتاليين، يتم إغلاق المصيدة ويتم حبس أي فريسة حشرة محتملة بالداخل ثم هضمها لاحقاً. ومن المثير للاهتمام، أن المصيدة قابلة للإثارة كهربائياً بطرق عدة، فبالإضافة إلى التأثيرات الميكانيكية مثل اللمس أو الإصابة، فإن الطاقة التناضحية، على سبيل المثال أحمال المياه المالحة، والطاقة الحرارية على شكل حرارة أو برودة يمكن أن تؤدي إلى الإثارة أيضاً. وفي دراستهم، استخدم فريق البحث التحفيز الحراري للحث على الإثارة، وبالتالي القضاء على العوامل المزعجة المحتملة مثل ضوضاء الخلفية الميكانيكية في القياسات المغناطيسية.
وفي حين أن المغناطيسية الحيوية خضعت لأبحاث جيدة نسبياً في البشر والحيوانات، لم يتم إجراء سوى القليل جداً من الأبحاث المكافئة في المملكة النباتية، وذلك عبر استخدام مقاييس مغناطيسية فائقة التوصيل والتداخل الكمي (SQUID)، وهي أدوات ضخمة يجب تبريدها إلى درجات حرارة شديدة البرودة.
وفي التجربة الحالية، استخدم فريق البحث مقاييس مغناطيسية ذرية لقياس الإشارات المغناطيسية لمصيدة ذباب فينوس، والمستشعر المستخدم عبارة عن خلية زجاجية مملوءة ببخار من الذرات القلوية، والتي تتفاعل مع التغيرات الصغيرة في بيئة المجال المغناطيسي المحلية، وتعد أجهزة قياس المغناطيسية التي يتم ضخها بصرياً أكثر جاذبية للتطبيقات البيولوجية؛ لأنها لا تتطلب تبريداً كبيراً ويمكن أيضاً تصغيرها.
واكتشف الباحثون إشارات مغناطيسية بسعة تصل إلى 0.5 بيكوتيسلا من مصيدة ذباب فينوس، وهي أضعف بملايين المرات من المجال المغناطيسي للأرض. وأوضحت، آن فابريكانت، أن «حجم الإشارة المسجلة مشابه لما لوحظ أثناء القياسات السطحية للنبضات العصبية في الحيوانات».
وأضافت «سنولي اهتماماً بمزيد من الأنواع النباتية الأخرى، وسنعمل على تطوير التقنية بهدف قياس إشارات أصغر قد تكون موجودة بها». وعن الجانب التطبيقي لهذا التوجه، يقول الدكتور شعبان أبو حسين، الأستاذ بالمركز القومي للبحوث بمصر لـ«الشرق الأوسط»، «تشخيص المرض هو أسلوب علمي يتم بناؤه على أساس رد فعل النبات لمسبب ما، ومن ثم فإنه في حال رصد الإشارات المغناطيسية للنبات، يمكن في هذه الحالة معرفة حجم الاستجابات الكهرومغناطيسية للتغيرات المفاجئة في درجات الحرارة أو الآفات أو التأثيرات الكيميائية، وتصبح بالتالي تلك الإشارات علامة تشخيصية».



الآشوريون عرفوا علاج جذور الأسنان قبل أكثر من 3000 عام

الآشوريون عرفوا علاج جذور الأسنان قبل أكثر من 3000 عام
TT

الآشوريون عرفوا علاج جذور الأسنان قبل أكثر من 3000 عام

الآشوريون عرفوا علاج جذور الأسنان قبل أكثر من 3000 عام

عندما ننظر إلى تاريخ الطب القديم، نجد أن الحضارات القديمة كانت متقدمة في مجالات عدة بفضل براعة وابتكار أطبائها.

ومن بين هذه الحضارات، تبرز حضارة وادي الرافدين، بإنجازاتها العظيمة في الطب والعلاج. ومن أكثر الاكتشافات إثارة للإعجاب هي الرسائل الطبية الآشورية التي تكشف عن ممارسات طبية متقدمة تُستخدم لمعالجة التحديات الصحية المعقدة.

رسالة تشخيص قبل نحو 3000 عام

من بين هذه الرسائل المذهلة تأتي رسالة تعود إلى القرن السابع قبل الميلاد، أرسلها طبيب إلى الملك الآشوري نابو ناصر. تحتوي هذه الرسالة على تفاصيل مذهلة حول كيفية تعامل الأطباء مع مشكلات صحية تتعلق بالأسنان التي كانت تسبب آلاماً شديدة للملك، لا في السن فحسب، بل وفي باقي الجسم إذ كان يعاني من الصداع وآلام الأطراف.

وفي الرسالة، يشخّص الطبيب السبب وراء الأوجاع التي يعاني منها الملك على أنها نتيجة لمشكلة في الأسنان، ويوضح أن التسوس، الذي كان يُعتقد آنذاك أنه بسبب الديدان، هو السبب وراء هذه الأعراض.

علاج جذور الأسنان

قدم الطبيب توصيات للعلاج، مشيراً إلى خيارين رئيسيين: الأول هو علاج السن عبر «قنوات داخلية»، حيث يتم تنظيف التسوس، وهو أقرب ما يكون لما نعرفه اليوم بعلاج الجذور. أما الخيار الثاني فهو قلع السن المصابة بالكامل إذا كانت الحالة متقدمة.

تقدم الفكر الطبي في حضارة آشور

وتكشف الرسالة عن وعي الأطباء الآشوريين بأثر صحة الفم على باقي أعضاء الجسم، وهي فكرة لم تكتشفها الأبحاث الطبية الحديثة إلا في القرن التاسع عشر. وهذا الوعي يعكس تفوق الأطباء الآشوريين في فهم العلاقة المتبادلة بين صحة الفم والصحة العامة للجسم.

كما تُظهر النصوص المسمارية التي وثقت هذه الرسائل تنوع الممارسات الطبية في ذلك الوقت، حيث لم تقتصر على استخدام الأعشاب والزيوت، بل شملت أيضاً الطقوس الروحية والتقنيات الجراحية البسيطة.

تاريخية الوثيقة واكتشافها

هذه الوثيقة الثمينة، التي نشرها وترجمها العلامة البروفسور طه باقر في القرن العشرين (وتم نشرها حصرياً في المجلات العلمية لكنها لم تنشر في أي وسيلة إعلامية للعامة وهذه أول مرة يتم نشرها على أي صحيفة أو مجلة تستهدف العامة)، تؤكد مكانة الطب الآشوري بين حضارات العالم القديم. وعثر على هذه الرسالة في تل قوينجق شمال مدينة الموصل في العراق، وتعتبر من أهم الوثائق التي تبرز التقدم الطبي لدى الآشوريين.

إن هذا التراث الطبي الثري يُعد مصدر فخر للإنسانية، ويذكرنا بأهمية الاستمرار في البحث والتعلم من الحضارات السابقة لتطوير مستقبل أكثر صحة ورخاء.