قلق أميركي ـ فرنسي من تأخير تسليم الأسلحة الكيماوية السورية

لا اختراق في جنيف.. وترحيل القضايا العالقة للجولة المقبلة

فاطمة خان، والدة الدكتور البريطاني عباس خان الذي قتل في سجن تابع للحكومة السورية، تواجه صحافية من وسيلة إعلام موالية للنظام السوري في جنيف أمس، بعد أن التقت خان مجموعة من الصحافيين في المقر الأوروبي للأمم المتحدة للحديث عن مقتل ابنها العام الماضي (أ.ب)
فاطمة خان، والدة الدكتور البريطاني عباس خان الذي قتل في سجن تابع للحكومة السورية، تواجه صحافية من وسيلة إعلام موالية للنظام السوري في جنيف أمس، بعد أن التقت خان مجموعة من الصحافيين في المقر الأوروبي للأمم المتحدة للحديث عن مقتل ابنها العام الماضي (أ.ب)
TT

قلق أميركي ـ فرنسي من تأخير تسليم الأسلحة الكيماوية السورية

فاطمة خان، والدة الدكتور البريطاني عباس خان الذي قتل في سجن تابع للحكومة السورية، تواجه صحافية من وسيلة إعلام موالية للنظام السوري في جنيف أمس، بعد أن التقت خان مجموعة من الصحافيين في المقر الأوروبي للأمم المتحدة للحديث عن مقتل ابنها العام الماضي (أ.ب)
فاطمة خان، والدة الدكتور البريطاني عباس خان الذي قتل في سجن تابع للحكومة السورية، تواجه صحافية من وسيلة إعلام موالية للنظام السوري في جنيف أمس، بعد أن التقت خان مجموعة من الصحافيين في المقر الأوروبي للأمم المتحدة للحديث عن مقتل ابنها العام الماضي (أ.ب)

أبدت واشنطن قلقها حيال التعاون السوري مع منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية، فيما كشفت مصادر غربية أن دمشق سلمت «أقل من خمسة في المائة من مخزونها فقط» رغم اقتراب الموعد النهائي في الخامس من فبراير (شباط) المقبل، وهو الموعد المتفق عليه لتسليم هذه المواد بموجب عملية نزع السلاح الكيماوي.
وقال وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل أمس بأن الولايات المتحدة «قلقة من تأخر الحكومة السورية عن المواعيد المقررة لنقل مواد الأسلحة الكيماوية المقرر تدميرها»، وحض سوريا على الالتزام بالاتفاق الدولي الخاص بالتخلص من هذه المواد. وأوضح هيغل أن بلاده قلقة أيضا من تأخر الحكومة السورية في تسليم تلك المواد التي تصنع منها أسلحة كيماوية في المواعيد المقررة حسب الجدول المتفق عليه».
وكشف هيغل أنه ناقش هذه المسألة في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف وطلب منه «أن يقوم بما يستطيع القيام به لحمل الحكومة السورية على الالتزام بالاتفاق المبرم على تدمير الأسلحة الكيماوية».
وقال البيت الأبيض بأنه يجب على سوريا تكثيف جهودها لنقل الأسلحة الكيماوية إلى ميناء اللاذقية. وأشار المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني للصحافيين إلى أن «نظام بشار الأسد هو المسؤول عن نقل تلك المواد الكيماوية لتسهيل إخراجها من سوريا». وأردف «نتوقع منه الوفاء بالتزامه بعمل ذلك».
وقال هيغل بأن السفينة الأميركية كيب راي التي جهزت خصيصا للتخلص من الأسلحة الكيماوية السورية في البحر غادرت ميناء أميركيا في وقت سابق هذا الأسبوع. وأضاف «نحن نعتقد أن هذا الجهد يمكن أن يستمر من أجل العودة إلى المسار برغم تأخرنا عن المواعيد المقررة لكن ينبغي للحكومة السورية أن تضطلع بالمسؤولية عن الوفاء بالالتزام الذي قطعته على نفسها».
وفي الإطار نفسه، دعا وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إلى «اليقظة» بشأن خطة تدمير الأسلحة الكيماوية السورية التي يتأخر تطبيقها بحسب مصادر مقربة من منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية. وقال فابيوس للصحافيين «يبدو أن الحركة تباطأت. على المجتمع الدولي أن يكون يقظا جدا لجهة وفاء سوريا لتعهداتها».
وحسب خطة تدمير الأسلحة الكيميائية السورية التي وافقت عليها الأمم المتحدة، كان يتعين على سوريا أن تنقل إلى خارج أراضيها بتاريخ 31 يناير (كانون الثاني) 700 طن من العناصر الكيماوية الأكثر خطورة التي أعلنت عنها دمشق، وخصوصا تلك التي تستعمل في صناعة غاز الخردل وغاز السارين.
من جهة أخرى، قال رئيس لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة بأن السلطات السورية التي تتهم المعارضة بالمسؤولية عن هجوم بغاز السارين وقع في أغسطس (آب) الماضي، لم تقدم تفسيرا معقولا يبين من وجهة نظرها طريقة حصول مقاتلي المعارضة على هذا المركب الكيماوي.
ولم يحدد كبير محققي الأمم المتحدة أكي سلستروم بشكل قاطع الطرف المسؤول عن استخدام الغاز، لكنه قال: إنه «من الصعب تصور تمكن المعارضة من تعبئة الغاز السام في سلاح». وقال في مقابلة مع دورية «سي بي أر إن إي وورلد» المتخصصة في التهديدات الكيماوية والبيولوجية والإشعاعية والنووية بأنه طلب من السلطات السورية عدة مرات تقديم أدلة تدعم زعمها أن مقاتلي المعارضة أطلقوا الأسلحة. وأضاف: «لديهم نظريات ضعيفة للغاية فهم يتحدثون عن التهريب عن طريق تركيا ومعامل في العراق، وسألتهم تحديدا ماذا عن مخازنكم أنتم؟ هل نقص شيء من مخازنكم، هل فقدتم قنبلة استولى عليها أحد أو قنابل يمكن أن تكون المعارضة عثرت عليها؟ فنفوا ذلك. إنني أجد هذا غريبا. إن كانوا يريدون حقا اتهام المعارضة فينبغي أن تكون لديهم قصة معقولة تفسر طريقة حصولها على الذخائر وهم لم يقدموا مثل هذه القصة».
وكان تقرير للأمم المتحدة قال العام الماضي بأن الأسلحة الكيماوية استخدمت على الأرجح في خمس هجمات حقق فيها خبراؤها في سوريا. وأضاف أن غاز السارين استخدم على الأرجح في أربع حالات أكبرها هجوم 21 أغسطس على ضواح يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في دمشق. واقتصر التحقيق على تحديد ما إذا كانت الأسلحة الكيماوية استخدمت بالفعل ولم يتطرق إلى المسؤول عن استخدامها.

وعلى صعيد اخر، من المرتقب أن تختتم اليوم الجولة الأولى من المفاوضات بين النظام السوري والائتلاف السوري الوطني في جنيف اليوم، من دون نتائج ملموسة، على أن تعقد الجلسة الثانية بعد نحو أسبوع. وأعلن ممثل الأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي أن وفدي النظام السوري والائتلاف الوطني السوري بحثا في الجلسة المشتركة التي عقداها أمس في جنيف في المسائل الأمنية في بلادهما، مشيرا إلى أنهما غير متفقين على كيفية «معالجة الإرهاب». وقال الإبراهيمي في مؤتمره الصحافي اليومي «ناقشنا أمورا مهمة وحساسة تتعلق بالمسائل الأمنية في سوريا والإرهاب». وأضاف: «هناك اتفاق على أن الإرهاب موجود في سوريا وهو مشكلة جدية، لكن لا اتفاق حول كيفية التعامل معه». وتابع: «كما أنه بديهي القول: إنه لا بد من معالجة مسائل الأمن للوصول إلى حل للأزمة». وقال: إن الجلسة شهدت «لحظات توتر وأخرى واعدة».
ووزع المكتب الإعلامي لوفد الائتلاف معلومات عن مجريات الجلسة جاء فيها أن وفد المعارضة قال داخل جلسة أمس «إن براميل القنابل هي إرهاب، تجويع السكان حتى الموت إرهاب، التعذيب والاعتقال أيضا إرهاب». وقال مصدر في الوفد المعارض بأن فريقه يعتبر أن «أكبر إرهابي في سوريا هو (الرئيس السوري) بشار الأسد». وقال عضو وفد المعارضة المفاوض لؤي صافي للصحافيين بعد الجلسة، بأن الوفد عرض «وثائق» وصورا عن «المجازر» التي ارتكبها النظام. وقال: «عرضنا ملفات كاملة والتقرير الذي صدر اليوم عن منظمة هيومان رايتس ووتش».
وأشار الإبراهيمي إلى أن جلسة أخيرة ستعقد قبل ظهر اليوم، يليها مؤتمر يقدم فيه بعض «الخلاصات»، معربا عن أمله في «أن نستخلص دروسا مما فعلنا وأن نقوم بعمل أفضل في الجولة المقبلة». إلا أنه لم يحدد تاريخ تلك الجولة كما أنه لا يتوقع الخروج ببيان حول ختام الجولة الأولى.
وبعد أن فشلت الجولة الأولى من إحداث خرق على الصعيد الإنساني أو السياسي، سيكون الأسبوع المقبل مخصصا لبحث الطرفين بإمكانية التوصل إلى مقترحات جديدة تدفع العملية السياسية المراوحة محلها. وأعلن الائتلاف الوطني السوري أمس أن رئيس الائتلاف أحمد الجربا سيتوجه إلى موسكو للقاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بناء على دعوة روسية. وأكد مدير مكتب الجربا، منذر اقبيق، لوكالة الصحافة الفرنسية أن رئيس الائتلاف «قبل الدعوة الروسية لزيارة موسكو وسيزورها في الرابع من فبراير (شباط)». وكان الجربا قال في مقابلة مع تلفزيون «الآن»: «نحن نتواصل طبعا مع الروس.. وتواصلنا.. وسنتواصل أيضا.. وأعتقد أن العلاقة مع الروس يجب أن تتطور إيجابيا». ويذكر أن الجربا التقى بوزير الخارجية الروسي في باريس.
وبحث المفاوضون في الأيام الستة الماضية في مواضيع فك الحصار عن مدينة حمص وإطلاق المعتقلين والمخطوفين وهيئة الحكم الانتقالي والإرهاب، من دون أن يكون لهم جدول أعمال واضح أو محدد مسبقا. ولم يتفقوا على أي من هذه المواضيع. وعبر الإبراهيمي عن أمله في أن تكون «الجولة المقبلة بناءة.. ومنظمة بشكل أكثر».
ورغم الخلافات العملية بين الطرفين، وقف وفدا الحكومة والائتلاف السوري في مستهل جلسة أمس دقيقة حدادا على أرواح عشرات الآلاف الذين قتلوا في الصراع المستمر منذ ثلاث سنوات في خطوة رمزية موحدة نادرة بعد مرور أسبوع على بدء محادثات السلام التي لم تثمر عن أي تسوية حتى الآن.
وقال مندوب المعارضة أحمد جقل بأن كبير المفاوضين من قبل الائتلاف هادي البحرة اقترح الوقوف دقيقة حدادا ووقف جميع الأطراف بمن فيهم أعضاء وفد الأسد وفريق الإبراهيمي. ونقلت «رويترز» عن جقل قوله: «وقف الجميع حدادا على أرواح الشهداء. كان ذلك رمزا طيبا».
وقال دبلوماسيون بأنه لم يحرز أي تقدم في القضايا الإنسانية وأن قافلة مساعدات تابعة للأمم المتحدة ما زالت تنتظر السماح لها بدخول مدينة حمص الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة والتي تقول الولايات المتحدة بأن سكانها يتضورون جوعا. وأوضح الإبراهيمي: «لم ننتبه لأي تغيير كبير في مواقف الطرفين، أما بالنسبة إلى دعوة أطراف أخرى إلى المفاوضات.. وإذا دخل الوفد (الائتلاف) ناس آخرون عندما نعود هذا أمر سنرحب به». وعبر الإبراهيمي عن «إحباط» لعدم إيصال مساعدات إلى حمص المحاصرة بسبب رفض الحكومة لإدخال مساعدات للبلدة القديمة. ولفت إلى أنه «يتمنى» أن «في الجولة الثانية سيكون لدينا مفاوضات ومحادثات منظمة بشكل أفضل.. وآمل أن خلال الفترة التي لا نجتمع أن نبقى على اتصال وأتمنى أن تكون المفاوضات بناءة» في الجولة المقبلة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.