انقسام حاد في الحراك الجزائري بسبب شعارات «مسيئة» للمخابرات

جانب من المسيرات التي أحيت ذكرى الحراك الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
جانب من المسيرات التي أحيت ذكرى الحراك الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

انقسام حاد في الحراك الجزائري بسبب شعارات «مسيئة» للمخابرات

جانب من المسيرات التي أحيت ذكرى الحراك الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
جانب من المسيرات التي أحيت ذكرى الحراك الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

يواجه الحراك الشعبي الجزائري انقساماً حاداً بين ناشطيه، بسبب شعار رفعه متظاهرون يوم الجمعة الماضي بمناسبة عودة الاحتجاجات إلى الشارع، يهاجم المخابرات بشدة ويتهمها بـ«الإرهاب» والشرطة بـ«الاستعمار»، وذلك على خلفية تعذيب أحد المتظاهرين خلال فترة احتجازه بمقر الأمن الداخلي.
وبرز الخلاف حيال هذا الشعار جلياً، في حسابات أبرز الناشطين بشبكات التواصل الاجتماعي. فمنهم من رأى فيه «ردة فعل طبيعية» بعد التفاعل الذي أحدثته شهادة الطالب الجامعي وليد نقيش، للمحكمة، بخصوص تعذيبه والاعتداء عليه في ثكنة تابعة للمخابرات. وآخرون استهجنوا الشعار باعتبار أنه «يبعد الحراك عن طابعه السلمي، ويدفع السلطة إلى استعمال مزيد من العنف ضد المتظاهرين» يوم الجمعة المقبل، موعد المظاهرات الأسبوعية.
ووجهت انتقادات شديدة إلى «غوغاء الحراك»، وهم مجموعة من الشباب في المظاهرات يتميزون بالحدة في صياغة الشعارات السياسية التي يتم ترديدها وسط الحشود. وفي نظر قطاع من المتظاهرين، فإن الجيش وعموده الفقري «حال دون تحقيق مطلب التغيير» الذي قام من أجله الحراك قبل عامين، كما يتهمونه بالوقوف وراء اعتقال وسجن المئات من النشطاء بسبب تمسكهم بهذا المطلب.
وباتت المنصات الرقمية الاجتماعية، خصوصاً «فيسبوك»، الملاذ الوحيد للمتظاهرين للتعبير عن آرائهم ومواقفهم، في ظل إغلاق وسائل الإعلام أبوابها في وجوههم مخافة إثارة غضب السلطات.
ومن أكثر الذين أبدوا معارضة لـ«الشعارات المتطرفة» المحامي وأستاذ الجامعة رضا دغبار الذي نشر فيديو على حسابه في «فيسبوك» تابعه آلاف، أكد فيه أنه «مرعوب من حدة بعض الشعارات المقرفة، المرفوعة في الحراك خلال الجمعة والاثنين الماضيين. فقد انتقلنا من المطالبة بتغيير النظام إلى المطالبة بإسقاط النظام، وانتقلنا من المطالبة ببناء دولة المؤسسات إلى وصف جهاز المخابرات بأنه منظمة إرهابية، بإيعاز من أطراف خبيثة. كما انتقلنا من المطالبة بدولة القانون إلى وصف أجهزة الشرطة بأنها قوى استعمارية، وهذا أمر غير مقبول».
وأبرز دغبار، وهو من أشد المعارضين للسلطة، أن «هذه الشعارات الدخيلة مصدرها معروف، وهم من كانوا يطالبون بالاشتباك السلمي مع الشرطة»، في إشارة ضمناً إلى تنظيم «رشاد» الإسلامي، وزعيمه العربي زيطوط اللاجئ في بريطانيا. وأضاف: «خرجنا من أجل أن نبني الجزائر لا من أجل أن نهدمها، لذا علينا أن ننقذ الحراك ورفع مطالب مشروعة من أجل بناء دولة المؤسسات».
ولقي هذا الموقف معارضة شديدة ممن يوصفون بـ«النواة الصلبة» داخل الحراك، ممن يرفضون أي هدنة وأي تقارب مهما كان مع السلطة. وكتب الكاتب نصر الدين قاسم في حسابه أن «السلطة بسياستها القمعية وتضييقها وغلقها للمجالين السياسي والإعلامي، ومصادرتها للحريات وانتهاكها للحقوق، هي التي تتحمل في آخر المطاف مسؤولية ما يشاع وما يقال ضدها، لأن الجزاء من جنس العمل».
وأضاف: «تحت تأثير حالتهم النفسية وحرصاً على وضعيتهم النفعية وعلاقتهم بالسلطة، يحاسب المستنكرون الحراك الشعبي على شعاراته، وهم الذين لم ينبسوا ببنت شفة ضد تجاوزات السلطة أو ممارساتها وانتهاكاتها، ومصادرتها للحريات ولم يغضبوا لما تعرض له ناشطو الحراك من اعتقالات وتنكيل وأحكام قاسية... إن الحراك ثورة شعبية سلمية عفوية، تجسد مختلف التوجهات ومختلف المستويات، غير مؤطرة ولا منظمة ولا تنفذ تعليمات محددة ولا تقودها زعامة معلنة ولا تخضع إلا لسلطانها. ومن غير المعقول أن ينتظر منها الالتزام بواجب التحفظ، ولا بعقلانية المؤسسة ولا منطق الدولة ولا مطالبتها بذلك. هي سلوكيات أفراد يعبرون عن ذواتهم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.