معرض كتاب ليبي في ساحة إعدامات لمعارضي «داعش»

جانب من معرض للكتاب أقيم في مدينة درنة الليبية (حسابات موثوقة على «تويتر»)
جانب من معرض للكتاب أقيم في مدينة درنة الليبية (حسابات موثوقة على «تويتر»)
TT

معرض كتاب ليبي في ساحة إعدامات لمعارضي «داعش»

جانب من معرض للكتاب أقيم في مدينة درنة الليبية (حسابات موثوقة على «تويتر»)
جانب من معرض للكتاب أقيم في مدينة درنة الليبية (حسابات موثوقة على «تويتر»)

لم ينس الليبيون وهو يتوافدون على معرض للكتاب شهدته مدينة درنة أن يلقوا نظرة على الساحة الشاسعة التي أقيم عليها هذا المحفل الثقافي والاجتماعي، ويتذكرون كيف كانت تُقطف هنا رؤوس الأبرياء على يد أفراد تنظيم «داعش» الإرهابي قبل قرابة خمسة أعوام، وكيف كانوا يُطالبون بـ«دفع الجزية».
الآن، تحولت هذه الدماء إلى حبر، وتبدل الجهل والفكر التكفيري إلى عِلم تحتويه آلاف الكتب بين جنبات الساحة الممتدة أمام مسجد العتيق (المعروف أيضاً بجامع الصحابة) في المدينة الساحلية الواقعة على بعد حوالي 1100 كيلومتر شرق العاصمة طرابلس.
افتتح المعرض محافظ مصرف ليبيا المركزي بشرق ليبيا علي الحبري، برعاية رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وبتنظيم من الهيئة العامة للإعلام والثقافة والمجتمع المدني وبإدارة مكتب التوجيه المعنوي بـ«الجيش الوطني».
وقال أنور الشويهدي رئيس اللجنة العليا لمعرض الكتاب مدير الإدارة العامة للمطبوعات بالهيئة العامة للإعلام والثقافة والمجتمع المدني، إن 40 دار نشر محلية وعربية شاركت في المعرض هذا العام من خلال 20 ألف عنوان من مختلف التخصصات الأدبية والتاريخية والاجتماعية، مشيراً إلى أن رمزية إقامة المعرض في هذا المكان تدل على زوال الإرهاب وبقاء العلم والثقافة.
وشهد المعرض، الذي فتح أبوابه للجمهور منذ الثاني والعشرين من فبراير (شباط) وتنتهي أعماله اليوم، إقبالاً جماهيرياً من مختلف الفئات العمرية، خصوصاً الشباب، كما حفلت قاعاته بتوقيع عديد المؤلفات الأدبية والتاريخية.
وأقبل الجمهور على حضور الأنشطة الثقافية التي حرصت إدارة المعرض على إقامتها في الشعر والقصة، بجانب الندوات التثقيفية المختلفة؛ وعبرت المواطنة الليبية أسماء علي، عن سعادتها بالمعرض، وقالت: «مدينتنا تزينت بهذا الحفل الثقافي، وها هو عبق الكتاب ومحبيه يملأ باحة المسجد العتيق بعد أن كانت تملؤها رائحة الدماء وسافكيه».
ورأت رحاب شنيب، ‏أن أي نشاط ثقافي لا بد أن يحظى بالدعم لأنه يقام وسط صعوبات، مثمنة دور رئيس اللجنة العليا لمعرض الكتاب، بسبب «مجهوداته في إقامة هذا المعرض على هذا النحو».
ودرنة الساحلية الواقعة على ساحل البحر المتوسط، شهدت فترات عصيبة عندما سيطرت عليها «الجماعات الإرهابية»، منها تنظيم «داعش» وفلول «القاعدة»، عندما اتخذت من ساحة المسجد العتيق الشاسعة مكاناً معلوماً لتنفذ أحكام الإعدام التي كان يقضي بها (القاضي الشرعي) للتنظيم الإرهابي آنذاك، فهناك تم نحر عشرات المواطنين بدماء باردة على مرأى ومسمع من العالم، إلى أن تمكنت قوات «الجيش الوطني» من إزاحتها عن البلاد.
وبجانب مشاركات عديدة في المحفل، الذي حمل اسم معرض «الوحدة الوطنية»، شاركت دور نشر من طرابلس والزاوية ومسلاتة، بالإضافة إلى 6 من دور النشر المصرية. واعتبر عبد المنعم الغيثي عميد بلدية درنة، إقامة معرض للكتاب بالمدينة في هذا الوقت تأكيداً على تعافيها «وعودتها كمنارة للفن والثقافة والإبداع»، وقال، «أمرت بتوفير كافة التجهيزات المطلوبة ليخرج المعرض في صورة مناسبة لقيمة وحجم مدينة درنة الزاهرة».
والتقى رئيس مجلس النواب بوفد من المشاركين في المعرض ضم رئيس اللجنة العليا للمعرض والناشرين وأصحاب المكتبات الكبرى وعدداً من المثقفين المشاركين في فعاليات المعرض، وقال إن مثل هذه الأنشطة «هي التي ترفع من المستوى الثقافي للمواطنين ولمحبي القراءة والكتابة والإبداع بشكل عام وتحفز الأدباء والكتاب على الكتابة والنشر». يأتي تنظيم معرض درنة على خلفية إقامة معرض بنغازي في الثلاثين من شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وشهد إقبالاً جماهيرياً على مدار عشرة أيام.


مقالات ذات صلة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

ثقافة وفنون أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أطلّت الكاتبة التشيلية الأشهر إيزابيل الليندي، عبر منصة «مايسترو»، في «هيئة الإذاعة البريطانية»، من صالونها الهادئ الذي يضم تفاصيلها الشخصية والحميمية

سحر عبد الله
يوميات الشرق «معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي يستمر حتى 21 ديسمبر الجاري في مركز «سوبر دوم» بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان

عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» لفنلندا

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
TT

عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» لفنلندا

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

حملت أسرة بن زقر التجارية العريقة في جدة شرف التمثيل القنصلي الفخري لفنلندا عبر 3 أجيال متعاقبة.

يروي الحفيد سعيد بن زقر، لـ«الشرق الأوسط»، أنه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، عندما علم الجد سعيد بن زقر بوجود جالية مسلمة في فنلندا تعاني من غياب مسجد، سافر إلى هناك لبناء مسجد، لكنه واجه تحديات قانونية.

ويضيف: «بعد تعثر بناء المسجد، تقدمت الجالية المسلمة هناك بطلب رسمي إلى الحكومة الفنلندية لتعيين الجد سعيد قنصلاً فخرياً يمثلهم، وهو ما تحقق لاحقاً بعد موافقة الحكومة السعودية على ذلك».

ويسعى الحفيد بن زقر إلى مواصلة إرث عائلته العريق في تعزيز العلاقات بين السعودية وفنلندا.