قبل عشر سنوات

قبل عشر سنوات
TT

قبل عشر سنوات

قبل عشر سنوات

في 28 فبراير (شباط) من عام 2011. بلغت الدبلوماسية الأميركية نقطة حاسمة وواعدة في جهودها لتحقيق السلام بين سوريا وإسرائيل. وصرح الرئيس السوري بشار الأسد آنذاك أنه يعتزم قطع العلاقات العسكرية مع كل من إيران، و«حزب الله»، وحركة «حماس»، مع تحييد كافة التهديدات الناشئة من سوريا والموجهة ضد إسرائيل، شريطة أن تلتزم إسرائيل بإعادة كافة الأراضي التي استحوذت عليها في يونيو (حزيران) من عام 1967 إلى السيادة السورية. وبعد مرور أيام من إبلاغه بالتزامات الرئيس السوري المشروطة، أقر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بجدية جهود الوساطة، ووجه الأوامر إلى فريقه بالمضي قدماً صوب المعاهدة، استناداً إلى مشروع المسودة الأميركية ذات الصلة.
بعد مرور أسبوعين، وبرغم كل شيء، بدأت تلك الفرصة تتحول إلى أمر مريع. فلقد فتحت قوات الأمن السورية النار على المتظاهرين السلميين في البلاد. ولقد أثارت حالة انعدام القانون الحكومية تساؤلاً جوهرياً: هل لا يزال بشار الأسد يملك الحق بالحديث باسم الأمة السورية في شأن قضية مهمة مثل إقرار السلام مع إسرائيل؟
اتسع نطاق المظاهرات في كافة أنحاء البلاد مع مواصلة قوات الأمن الحكومية في ممارسة أعمال العنف المميتة. وصارت إجابة السؤال واضحة للعيان: كلا، لم يعد بشار الأسد يملك هذا الحق المذكور. فإن مجريات انعدام القانون الحكومية قد عصفت تماماً بشرعيته الرسمية كرئيس للدولة السورية.
وبعد مرور عشر سنوات، لا تزال سوريا قابعة في أصل الخراب، ويستغل مواردها ضباط عسكريون روسيون يحصدون الأموال الطائلة من وراء تعاقدات يشرف عليها بشار الأسد والنشطاء الإيرانيون الذين يستخدمون سوريا كهمزة وصل برية مع تنظيم «حزب الله»، الوكيل الإيراني القوي في لبنان. وما يزال تنظيم «القاعدة» وشراذم تنظيم «داعش» الإرهابيين راسخة أقدامهم في البلاد التي شجع رئيسها من وجودهم وانتشارهم لاتخاذهم ذريعة للزعم بمحاربة الإرهاب فضلاً عن ممارسة إرهاب الدولة ضد المدنيين السوريين. وأسفر فساد الأسرة الحاكمة وحاشيتها، وانعدام الكفاءة في إدارة البلاد، عن دمار عميق لحق بالاقتصاد السوري. ونزح أكثر من نصف سكان سوريا لما قبل الحرب في داخل البلاد، وإلى خارجها كلاجئين. ولا يدري من أحد عدد المدنيين العزل الذين سقطوا صرعى الصراع المريع، وأغلبهم جراء القصف الدموي من المدفعية، والغارات الجوية، والبراميل المتفجرة من قوات بشار الأسد، تلك المجازر المتتابعة التي استكملتها الضربات الجوية الروسية المعاونة. إنها الزمرة الحاكمة العمياء تماماً عن معاناة الشعب السوري والتي جعلت من دمشق توصف بأنها «بيونغ يانغ» بلاد الشام بكل أسف.
كان دمار سوريا لا معنى له على الإطلاق. ويبدو أن الرئيس السوري، المفترض التزامه باستعادة الأراضي المحتلة من إسرائيل في مقابل إعادة تنضيد الاستراتيجية السياسية السورية، قد أطاح بكل شيء إلى الهاوية. ولأجل أي شيء؟ أجل، إنه يواصل رفقة حاشيته امتصاص ما تبقى من الدماء السورية لتغذية المنافع الشخصية المجردة. ولكن، هل الترؤس على أطلال من الحطام أفضل مما كان يمكن أن يكون؟ ألم تكن هناك وسيلة تتسم بالكرامة والسلمية بديلاً لبشار الأسد عن شن الحرب الشنيعة على شعبه؟ وهل كانت الفوائد الاقتصادية المحتملة للسلام منعدمة القيمة حقا؟
ربما يعد «التساؤل البديل» غير قابل للإجابة فعلاً. كان بمقدور الرئيس السوري، وقرينته السيدة الأولى الشهيرة للغاية، أن يذهبا سوياً إلى محافظة درعا في مارس (آذار) من عام 2011، وإعادة الأطفال المسجونين والمضروبين إلى ذويهم، وتقديم التعويضات إلى المظاليم، وإصدار الأوامر للقوات بالبقاء في الثكنات، مع ترافق كل تلك الجهود بمطالب حازمة لعودة النظام والاستقرار. غير أن حالة «اللاعنف»، والتعامل بأساليب اللياقة، والسخاء، واحترام كرامة الإنسان لم تكن على الإطلاق من بين أدوات بشار الأسد في التعامل مع أبناء شعبه.
ومن بين الاحتمالات القائمة أن بشار الأسد قد تعمد اللجوء إلى العنف بُغية إلغاء التزامات السلام المشروطة سابقاً والفرار من الوساطة الأميركية الجدية. ولم يجبره من أحد على التقدم بتلك الالتزامات. فلقد طرح الالتزام بها كلها خلال اجتماع استغرق 50 دقيقة. ويتساءل أحدنا ما إذا كانت لدى بشار الأسد، خلال الأسابيع التالية على تعهده بإعادة التوجيه الكامل للاستراتيجية السورية، أفكار أخرى بشأن ردة الفعل الإيرانية المحتملة مع التداعيات السياسية المحلية للسلام. وعلى أي حال، فلقد قدم لإسرائيل كل شيء ما عدا الأرض التي قال أنه يريد إعادتها إلى السيادة السورية. ومن شأن مسمى «مرتفعات الأسد” أن يكون أسما أفضل لمستوطنة جديدة تقيمها إسرائيل في الجولان من مسمى «مرتفعات ترمب».
وهناك احتمال آخر يفيد بأن قادة الأمن قد طلبوا من بشار الأسد توجيه الأوامر بالعنف ضد السكان، أو أنه وجه الأوامر من تلقاء نفسه، إثر خشيته أن يوصف بالرئيس الضعيف في مواجهة شعبه. ومع ذلك، فإن فكرة تفضيل الأسد لحالة «اللاعنف» بصفة خاصة تبدو متناقضة تماماً مع تصرفاته الواضحة منذ ذلك الحين. فلقد سمح باستخدام الأسلحة الكيماوية العسكرية ضد المدنيين، بما في ذلك الأطفال منهم. واستندت استراتيجيته للبقاء على رأس السلطة السياسية إلى ممارسة القتل الجماعي للمدنيين. ثم إنه روج للمتطرفين الإسلامويين أصحاب المنهج العنيف بأنهم أعداؤه المختارون. فهل كان لمثل هذه الشخصية أن تفكر في بديل إنساني آخر لإدارة الصراع قبل عشر سنوات مضت؟
والآن، تنظر الإدارة الأميركية الجديدة فيما ينبغي فعله إزاء أطلال الحطام المحترقة في سوريا. ويحاول بشار الأسد - عبر مناوراته المكوكية المستمرة ما بين وزارة الخارجية الروسية، وكبار قادة الجيش الروسي، والحكومة الإيرانية - التوضيح لجميع الأطراف، لا سيما مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا، أن التسوية السياسية للأزمة السورية ليست من الخيارات المطروحة على أجندة أعماله السياسية. فذلك الرجل، الذي لم ينبس ببنت شفة من الندم أو الأسى على ما حل ببلاده وشعبه، ما يزال عاقداً العزم على الاحتفاظ بكرسي الرئاسة بصرف النظر تماماً عن الثمن. وحتى تلكم الزمرة التي أيدته على مضض عبر سنوات يدركون عن كثب حقيقة ذلك الثمن: تلك الأرواح التي جرى التضحية بها على مذبح الشراكات التجارية العائلية، ثم الخراب الاقتصادي السوري المشهود.
وبعد مرور عشر سنوات، لا يزال الأسد يأمل أن تتفاعل الحكومة الأميركية معه دبلوماسياً، بل وأن تنفق عليه وعلى حاشيته بتعاقدات وأموال إعادة الإعمار السخية. والرؤية الواضحة تفيد بأن تلك الآمال محض أوهام وخيالات.
يدرك عدد كبير للغاية من المسؤولين النافذين في فريق الرئيس جوزيف بايدن الجديد أن الخطوط الحمراء التي جرى محوها تماماً في عام 2013. فضلاً عن النصيحة الرئاسية في 2016. بأنه على العرب «مشاركة الجوار» مع إيران، قد ألحقتا الأضرار بالأمن الغربي، ودمرتا مصداقية الولايات المتحدة فيما وراء الملف السوري. إن الإدارة الأميركية الجديدة ستدرس خياراتها بعناية فائقة. ومن المستبعد بصورة كبيرة أن يكرر الرئيس بايدن نفس سلسلة الإخفاقات السياسية السابقة بالتخلي عن الانتقال السياسي السوري - الذي أقره مجلس الأمن الدولي - كأساس لسياسته المعتمدة حيال الأزمة السورية.
بعد عشر سنوات كاملة من المعاناة والعذاب الذي لا طائل من ورائه، ذلك الذي فرضه بشار الأسد بصورة جوهرية، سقط أكثر من 80 في المائة من المواطنين السوريين في هاوية الفقر، الأمر الذي أسفر عن القضاء شبه التام على الطبقة الوسطى الصغيرة، وإنما المنتجة، من الشعب السوري. فضلاً عن سقوط مئات الآلاف من الصرعى المدنيين. وتعرض عدد لا يُحصى من السوريين للتشوه والصدمات الجسدية والنفسية المريعة. وما يزال عشرات الآلاف الآخرين قابعين رهن غرف التعذيب التابعة لإدارة النظام الحاكم في سوريا. وكل ذلك بهدف وحيد يتمثل في المحافظة على الشراكة التجارية العائلية، تلك الأعمال التجارية التي ربما تكون قد ازدهرت وتطورت من الناحية السياسية إلى كيان أكثر شمولية وتمثيلاً إن كانت قد اتخذت خيارات عملانية وأكثر إنسانية قبل عشر سنوات من الزمان. ولكن، هل كانت الزمرة الحاكمة وحاشيتها قادرة فعلاً على اتخاذ تلك الخيارات من قبل؟ تشير الأوضاع السورية الراهنة في عام 2021 أن الإجابة هي الرفض التام.
- السفير فريدريك هوف، يحاضر في كلية بارد في نيويورك. وكان وسيطاً سياسياً بين سوريا وإسرائيل من عام 2009 حتى مارس (آذار) 2011. ثم عمل مستشاراً لدى وزارة الخارجية الأميركية بشأن الانتقال السياسي في سوريا حتى سبتمبر (أيلول) من عام 2012. وله كتاب قيد النشر حالياً حول وساطات السلام بين سوريا وإسرائيل.
- خاص بـ«الشرق الأوسط»



منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
TT

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة، الذي يديره بشكل مباشر «الحرس الثوري» الإيراني، بتنسيق مع ميليشيا «حزب الله» اللبناني.

وتضمن تقرير المنصة، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، معلومات عن خريطة التوسّع الخارجي للجماعة الحوثية بتكليف من إيران، وخريطة تهريب وتسليح الجماعة، ومفاتيح مشروع التوسّع الحوثي في القرن الأفريقي والمشرفين عليه والمنفّذين.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

ويتناول التقرير نشاط جماعة الحوثيين خارجياً في القرن الأفريقي، ابتداءً من تهريب الأسلحة وتجنيد الأفارقة ومعسكرات تدريبهم، واستخدامهم في الأنشطة الاستخبارية والإرهابية التوسّعية.

ووفق التقرير، أكدت محاضر سرية لاجتماعات ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» التابع للحوثيين أنه جرى إسناد مسؤولية مشروع التوسّع الخارجي في القرن الأفريقي إلى القيادي عبد الواحد أبو راس، ورئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني، ووكيل الجهاز لقطاع العمليات الخارجية حسن الكحلاني (أبو شهيد)، والقيادي الحسن المرّاني، والقيادي أبو حيدر القحوم، بهدف تحقيق مساعي إيران في التوسّع في القارة الأفريقية والسيطرة على ممرّات الملاحة الدولية.

وأشار التقرير إلى الدور الذي يلعبه نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين الانقلابية، حسين العزّي، من خلال المصادر الدبلوماسية والشخصيات التي تعمل معه في كل من إثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتي، والسودان، وكينيا، إذ تُجرى إقامة علاقات استخباراتية وأمنية وسياسية ولوجستية مع الشخصيات والعناصر الموجودة والمقرّبة من جماعة الحوثيين في تلك الدول، والعمل على استقطاب أكبر قدر ممكن من الدبلوماسيين في السفارات اليمنية في تلك الدول.

تجهيز وتدريب

وكشفت المنصة اليمنية في تقريرها عن سعي الحوثيين لإنشاء محطات استخباراتية حسّاسة ودقيقة في كل دول القرن الأفريقي والدول المحيطة باليمن، والعمل على تجهيز وتدريب وتأهيل كوادرها في أسرع وقت ممكن؛ بهدف تفعيلها بشكل مناسب، وفي وقت مناسب، لما يحقّق أهداف ما تُسمّى «المسيرة القرآنية والمصالح المشتركة مع دول المقاومة، خصوصاً إيران، وغزة، ولبنان».

عشرات الآلاف من الأفارقة المهاجرين يصلون سنوياً إلى اليمن (الأمم المتحدة)

وأظهرت الوثائق التي أشار إليها التقرير إلى هدف الحوثيين المتمثّل في التحضير والتجهيز مع العناصر والشخصيات التي جرى إنشاء علاقة معها في أفريقيا لـ«إنجاز أعمال وتحرّكات ونشاط في البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي لمساندة الحوثيين في حال ما تعرّضوا لأي ضغوط سياسية أو دبلوماسية دولية خارجية».

واحتوى التقرير على أسماء القيادات المسؤولة عن هذا الملف، ابتداءً من المشرف في «الحرس الثوري» الإيراني المدعو أبو مهدي، وانتهاءً بمالك أصغر قارب تهريب للأسلحة في البحر الأحمر، إضافة إلى علاقة تنظيم «الشباب المجاهدين» الصومالي بجماعة الحوثيين والأفارقة ومافيا تجنيد الأفارقة وتهريبهم من وإلى اليمن، في واحدة من أخطر جرائم الاتجار بالبشر والجريمة المنظّمة.

ويؤكد تقرير منصّة تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) أن جماعة الحوثيين قامت باستقطاب وتجنيد كثير من العناصر الأفريقية من جنسيات مختلفة، خصوصاً عقب اجتياح صنعاء ومحافظات عدّة في سبتمبر (أيلول) 2014، إذ جرى إخضاعهم لدورات ثقافية وعسكرية، وتوزيعهم على جبهات القتال (تعز - الساحل الغربي - مأرب - الحدود)، وأرجع البعض إلى دولهم لغرض التوسّع في أفريقيا.

تعنت الحوثيين أدى إلى تعطيل مسار السلام في اليمن (أ.ب)

كما استقطبت الجماعة - وفق المنصة - كثيراً من الشخصيات والرموز الأفارقة المؤثّرين (قبيلة العفر - الأورومو - أوجادين) بين أوساط الجاليات الأفريقية في صنعاء (الصومالية - الإثيوبية - الإريترية) والاعتماد عليهم في الحشد والاستقطاب من اللاجئين الأفارقة الموجودين في صنعاء، وكذلك من يجري استقطابهم من مناطقهم بالقرن الأفريقي، والتنسيق لهم للوصول إلى صنعاء.

أبو راس والكحلاني

وذكرت المنصة اليمنية في تقريرها أن مسؤول ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي في الجماعة الحوثية هو عبد الواحد ناجي محمد أبو راس، واسمه الحركي «أبو حسين»، وهو من مواليد محافظة الجوف اليمنية، إذ تولّى هذا الملف بتوصية مباشرة من قبل قيادات إيرانية سياسية عليا وقيادات في «الحرس الثوري» الإيراني.

ومن أبرز الملفات التي يعمل عليها أبو راس، وفق التقرير، التنسيق مع عناصر «الحرس الثوري» الإيراني، وقيادة الحركة الحوثية للعمل الميداني، كما أنه المسؤول المباشر عن تأمين وإدخال وتهريب عناصر «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» من وإلى اليمن.

وتوارى أبو راس - وفق التقرير - عن الأنظار منذ عدة أعوام، ولكنه كان المكلّف السري بأخطر الملفات السياسية والاستخباراتية لدى جماعة الحوثي، إذ كُلّف بمهام وكيل الشؤون الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حتى تعيين المدعو حسن الكحلاني بالمنصب نفسه، وترقية أبو راس لتولي ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي، بتوصية واتفاق مباشر بين عبد الملك الحوثي وقيادة «الحرس الثوري» الإيراني.

الحوثيون يطمحون إلى التحول إلى لاعب دولي ضمن المحور الذي تقوده إيران في المنطقة (أ.ب)

وإلى جانب أبو راس يأتي القيادي حسن أحمد الكحلاني، المُعين في منصب وكيل قطاع العمليات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين، والمعروف بكنيته «أبو شهيد»، وهو من مواليد 1984 في محافظة حجة، ويُعد من القيادات الحوثية الأمنية البارزة؛ إذ نشأ في بيئة حوثية بين صعدة وصنعاء، والتحق بالجماعة في سن مبكّرة.

ويشير التقرير إلى أن الكحلاني كان من خلية صنعاء الإرهابية التي نفّذت عدّة تفجيرات واغتيالات عقب مقتل مؤسّس الجماعة حسين الحوثي في 2004، كما كان من القيادات التي تولت دخول صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، وتولّى قيادة المجموعة التي أصدرت توجيهاً بمنع طائرة أمريكية من الإقلاع من مطار صنعاء، بحجة تفتيشها قبل المغادرة. وعقب هذا الحادث، جرى اغتيال والده في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 على أيدي مسلّحين مجهولين يستقلون دراجة نارية في صنعاء.

ويعمل حسن الكحلاني حالياً - وفق المنصة - تحت إشراف عبد الواحد أبو راس، ويعرف ارتباطه الوثيق بـ«الحرس الثوري» الإيراني، ويحاول عبر هذه العلاقة فرض نفسه باعتباره الرجل الأول في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، الأمر الذي يعكس حالة من الصراع بينه وبين عبد الحكيم الخيواني رئيس الجهاز.

قيادات في ملف التوسع

يشير تقرير المنصة اليمنية إلى القيادي الحوثي أدهم حميد عبد الله العفاري (أبو خليل) ويذكر أنه المختص في ملف الجاليات الأفريقية الموجودة في اليمن، خصوصاً في صنعاء، إذ كُلّف بمهام التواصل المستمر والتنسيق برؤساء الجاليات (إثيوبية- صومالية - إريترية - سودانية - جيبوتية).

عناصر حوثيون في صنعاء خلال تجمع حاشد دعا له زعيمهم (أ.ف.ب)

كما يعمل العفاري على حشد العناصر الأفريقية وإلحاقهم بالدورات العسكرية والثقافية، وبعدها يجري توزيعهم على جبهات (الساحل الغربي - مأرب - الحدود - تعز)، وفي مهام استخباراتية داخل بلدانهم.

وإلى ذلك يعد العفاري، المسؤول عن التنسيق مع النقاط الأمنية التابعة للحوثيين لإدخال العناصر الأفريقية إلى مناطق الحوثيين، ويتولى أيضاً مهام أخرى، أبرزها صرف المخصّصات المالية للعناصر الأفريقية.

أما الشخص الرابع المسؤول عن ملف التوسّع الخارجي الحوثي إلى القرن الأفريقي فهو أسامة حسن أحمد المأخذي، واسمه الحركي (أبو شهيد)، وهو - وفق التقرير - أحد العناصر الحوثية العاملة في جهاز الأمن والمخابرات، وملف المسار الأفريقي، وتتلخّص مهمته في التنسيق مع الشخصيات الأفريقية المؤثّرة في كل من (الصومال - إثيوبيا - إريتريا - جيبوتي - السودان) من أجل حشدهم لتدريبهم وتأهيلهم، وإلحاقهم بصفوف ميليشيا الحوثي، بصفتهم مقاتلين وعاملين في الدول القادمين منها، وبصفتهم عناصر استخباراتية، تقوم بمهام مختلفة، منها نشر الفكر الحوثي، والقيام بالعمليات الاستخباراتية، وتهريب الأسلحة، والاتجار بالبشر، ونقل المخدرات عبر البحر من وإلى القرن الأفريقي واليمن.

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد اللاجئين الأفارقة بالترغيب والترهيب (الأمم المتحدة)

إلى ذلك أورد التقرير أسماء 16 شخصية أفريقية، هم أبرز المتعاونين مع الجماعة الحوثية للتوسع في القرن الأفريقي، يتصدرهم، تاجو شريف، وهو مسؤول عن الجالية الإثيوبية في صنعاء، والتحق بدورات ثقافية حوثية، ويعمل على استقطاب وتجنيد عناصر أفريقية لصالح العمل العسكري والاستخباراتي الحوثي.

ويرى التقرير في توصياته أن التوسع الحوثي في القرن الأفريقي يمثل تهديداً كبيراً يستدعي تحركاً دولياً وإقليمياً عاجلاً، من خلال خطة رادعة متكاملة توقف التوسع والنشاط الخارجي بشكل كامل، وبما يعزز الاستقرار والأمن في المنطقة.