«الوطني الحر» في مأزق بين الصدام مع الراعي والتحالف مع «حزب الله»

TT

«الوطني الحر» في مأزق بين الصدام مع الراعي والتحالف مع «حزب الله»

في خضم الاصطفاف المسيحي الحاصل في لبنان خلف مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي، يحاول «التيار الوطني الحر» إمساك العصا من الوسط في محاولة لعدم الخروج عن تحالفه مع «حزب الله»، الذي أعلن صراحة رفضه طروحات الراعي، تحديداً تلك المتعلقة بالحياد وعقد مؤتمر دولي بشأن لبنان، وبين موقع «التيار» كحزب أساسي في البيئة المسيحية، وبالتالي فإن خروجه عن هذا الاصطفاف قد يؤدي لانعكاسات سلبية عليه.
ومع هذا الانقسام الذي ظهر جلياً في مواقف الأطراف في الأيام الأخيرة وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، يؤكد مسؤولو «التيار» أن لا خلاف بينهم وبين الراعي، إضافة إلى لقاءات نواب من كتلته النيابية مع الراعي في الأسبوعين الأخيرين، من دون أن يعلن مواقف واضحة لا من طرح الراعي ولا من موقف «حزب الله» الذي شن هجوماً على دعوة البطريرك، كما أن «التيار» لم يسجل دعوة، وإن غير حزبية، لمناصريه للمشاركة في التحرك الذي نظم أمس دعماً للراعي.
وأمس عاد «التيار» وأعلن رفضه ما وصفه بـ«التشويش» على علاقته مع بكركي، وأكد أنه منفتح على النقاش في أي اقتراح طرحه الراعي، رافضاً في الوقت عينه «إقحام لبنان في سياسة المحاور والتزامه محور لبنان دون غيره وتحييده عن أي صراع».
لكن هذه المواقف لا يجد فيها النائب في حزب «القوات اللبنانية» عماد واكيم، أهمية ما دامت لا تقترن بالأفعال. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «(التيار الوطني الحر) كحزب مسيحي، ليس في موقعه الطبيعي اليوم حيث يتحالف مع (حزب الله)، الذي يجسد الدويلة داخل الدولة ويقوم بهدمها، بينما طالما كان هو ينادي بالسيادة والحرية والاستقلال، وبالتالي فإن كل الكلام والمواقف التي يصدرها التيار، إضافة إلى أن زياراته الشكلية إلى بكركي لا تنفع ما دامت لم تقترن بخطوات عملية على الأرض تثبت ذلك»، ويسأل: «أين التيار من هجوم حليفه (حزب الله) على طروحات الراعي، فليعلن على الأقل موقفه ومعارضته لهذا الأمر ليثبت ما يقوله في البيانات والتصريحات».
وفيما يعتبر واكيم أن التيار اليوم في مأزق لا يحسد عليه، يقول «هذه المواقف ليست إلا محاولة لتجميل صورته في البيئة المسيحية، فهو من ناحية غير قادر على فك تحالفه مع (حزب الله)، ومن ناحية أخرى لا يمكنه أن يصطدم مع بكركي، علماً بأن قوة (حزب الله) داخلياً، ليست بقوة سلاحه إنما بالغطاء المسيحي الذي يؤمنه له التيار»، معتبراً «أن هذا الأمر بدأ ينعكس سلباً عليه في الساحة المسيحية، وهو ما يفترض أن يظهر في الانتخابات النيابية المقبلة».
وفي موقف مباشر لـ«الوطني الحر» على من يعتبر أنه يخالف أو يقف ضد طروحات بكركي، أكدت الهيئة السياسية لـ«التيار» بعد اجتماعها الدوري برئاسة النائب جبران باسيل، أمس، «أن العلاقة مع البطريركية المارونية تقوم على احترام هذا الموقع ودوره تاريخاً وحاضراً، فالتيار يشارك بكركي هواجسها في حماية الوجود وسعيها إلى تثبيت الشراكة المتوازنة بين اللبنانيين في الحكم، ورفضها كل ما يمس الهوية اللبنانية حدوداً ونسيجاً اجتماعياً ونمط حياة». وطمأنت «أن محاولات التشويش على هذه العلاقة لن تنفع فهي مبنية على حوار صادق وعميق»، وأكدت «انفتاح التيار على مناقشة أي اقتراح من جانب البطريرك الراعي انطلاقاً من السعي المشترك الصادق لحماية لبنان ارتكازاً على الثوابت الوطنية وتأميناً للتفاهم الوطني حول الخيارات الكبرى، لكي تؤسس حلولاً غير منقوصة وآنية وتجنب لبنان أي أزمات إضافية».
وشددت على «رفض التيار إقحام لبنان في سياسة المحاور والتزامه محور لبنان دون غيره، وتحييده عن أي صراع لا يرتبط بمصلحة لبنان مع التأكيد على الانخراط في الصراع مع إسرائيل»، مذكرة بأن «إعلان لبنان دولة محايدة أمر مفيد وطنياً، ويستوجب تحقيق مجموعة شروط من بينها موافقة اللبنانيين عليه وقبول الدول المجاورة بذلك»، مؤكدة «حرصها على مبدأ التعاون الدولي وعلى الحفاظ على علاقات لبنان مع الدول العربية وانفتاحها على كل دعم خارجي يأتي للبنان من ضمن احترام سيادته واستقلالية قراره».



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.