القيادات اليهودية في أميركا تشن حملة غير مسبوقة ضد نتنياهو

الخارجية الإسرائيلية توقف 3 دبلوماسيين بسبب انتقادهم رئيس الوزراء

يغئال كاسبي
يغئال كاسبي
TT

القيادات اليهودية في أميركا تشن حملة غير مسبوقة ضد نتنياهو

يغئال كاسبي
يغئال كاسبي

وجّه قادة التنظيمات اليهودية في الولايات المتحدة رسائل بالغة الحدة إلى الحكومة الإسرائيلية، أكدوا فيها أن إصرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على زيارة واشنطن مطلع الشهر المقبل، وإلقاء خطاب في الكونغرس بمضمون مخالف لسياسة الرئيس باراك أوباما في ما يتعلق بالملف الإيراني، وسياسة حكومته تجاه الإدارة الأميركية، كلها عوامل ستلحق ضررا استراتيجيا بإسرائيل وبالوجود اليهودي في أميركا، وقالوا إنها ستؤدي إلى ظهور عداء غير مسبوق.
وقد نقل القناصل العامون في القنصليات الإسرائيلية داخل الولايات المتحدة، من خلال تقارير حولوها إلى وزارة الخارجية خلال الأسبوعين الأخيرين، أجواء غاضبة شديدة انتشرت في أوساط الجاليات اليهودية، وفي صفوف أصدقاء إسرائيل بأميركا، حذروا فيها من تبعات الخطاب المقرر لنتنياهو أمام الكونغرس في الثالث من مارس (آذار) المقبل. وفي هذا الشأن قال مسؤول رفيع في الخارجية، إن قناصل إسرائيل في سان فرانسيسكو، وشيكاغو، وأتلانتا، وبوسطن، ولوس أنجليس، وفيلادلفيا، بعثوا إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية ببرقيات أعربوا فيها عن قلقهم المتزايد بسبب عدم رضا الجالية اليهودية عن خطاب نتنياهو المرتقب، وذكّروا بالرسائل التي يتلقونها من رجال الاتصال الذين حذروا من أبعاد الأزمة العميقة بين إدارة أوباما وحكومة نتنياهو. وقال المسؤول الرفيع في الوزارة، إن الرسالة التي تكررت في تقارير القناصل هي أن أصدقاء إسرائيل في الولايات المتحدة يعتقدون أن خطاب نتنياهو في الكونغرس يعتبر خطأ فظيعا، ويمكنه أن يسبب ضررا للعلاقات بين البلدين.
وكتب القنصل الإسرائيلي العام في فلوريدا، أن الانتقادات تأتي من جهات يهودية وأخرى غير يهودية، تتهم بشكل خاص نتنياهو بعدم احترام الرئيس الأميركي، كما تتهم زعيم الغالبية الجمهورية في الكونغرس جون باينر، والسفير الإسرائيلي رون دريمر. وقال إن القنصلية تتلقى كميات كبيرة من الرسائل الإلكترونية والمحادثات الهاتفية التي تحتج على نية نتنياهو إلقاء خطاب في الكونغرس، وأوضح أن الكثيرين ممن تهمهم العلاقات الإسرائيلية – الأميركية، يعتبرون خطوة نتنياهو بمثابة غرس إصبع في عيون الرئيس والإدارة الأميركية.
وكان دريمر قد اجتمع أول من أمس مع سبعة نواب يهود في الكونغرس من الحزب الديمقراطي، تحفظوا أمامه من خطاب نتنياهو، وأعربوا عن قلقهم وعدم رضاهم عن خطوة نتنياهو، بحجة أنها يمكن أن تجعل إسرائيل محل خلاف بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وبالتالي إجبارهم على الاختيار بين دعم الرئيس أوباما أو دعم نتنياهو.
من جهة ثانية، قررت وزارة الخارجية الإسرائيلية وقف ثلاثة دبلوماسيين عن العمل بصورة فورية، وإعادتهم إلى البلاد واستدعاءهم إلى استجواب في مقر الوزارة تمهيدا لفصلهم من العمل، وذلك في أعقاب توجيههم انتقادات شديدة إلى نتنياهو، من خلال حساباتهم في موقع «تويتر».
والدبلوماسيون الثلاثة هم سفير إسرائيل في سويسرا يغئال كاسبي، والمستشار في السفارة في نيودلهي أساف موران، والدبلوماسي في السفارة في باريس يارون غمبورغ. وقالت مصادر في وزارة الخارجية الإسرائيلية، إنه «تم إقصاء هؤلاء الموظفين الثلاثة عن العمل بصورة فورية، وستتم إعادة كاسبي وموران إلى البلاد، وسيخضع ثلاثتهم لاستجواب قبل فصلهم من العمل بموجب تعليمات الوزير»، في إشارة إلى وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان.
وكتب السفير في سويسرا يغئال كاسبي، أن نتنياهو يسيطر على عدو وسائل إعلام إسرائيلية، وتطرق إلى خطاب نتنياهو في الكونغرس عشية انتخابات الكنيست بالقول، إنه «لم يعد بالإمكان الاكتفاء بإخافتنا هنا باللغة العبرية؟ هل يجب السفر حتى إلى الولايات المتحدة، إلى الكونغرس، والتحدث هناك باللغة الإنجليزية حول مدى خطورة (البرنامج) النووي الإيراني؟». وأضاف كاسبي بخصوص أزمة العلاقات بين حكومة نتنياهو وإدارة الرئيس باراك أوباما، أنه «بعد أن اتضح أن نتنياهو دهور علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة إلى وضع أسوأ من سابقه، يتضح أنه يواصل في خفض سقف العلاقات إلى حضيض آخر». أما بخصوص سيطرة ليبرمان، الوزير المسؤول عنه مباشرة، فقد كتب كاسبي إنه «لأمر مزعزع كيف أطاح ليبرمان بوزراء حزبه، وإن استغلاله للأفراد وجلبهم وتحريكهم عندما يسأم منهم أمر مقزز».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.