«مجموعة العشرين» تعتمد خطة إنقاذ للاقتصاد العالمي

وزراء المالية تعهدوا استمرار التحفيز ودعم الدول الفقيرة

جانب من اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين عبر الفيديو كونفرنس أمس (أ.ف.ب)
جانب من اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين عبر الفيديو كونفرنس أمس (أ.ف.ب)
TT

«مجموعة العشرين» تعتمد خطة إنقاذ للاقتصاد العالمي

جانب من اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين عبر الفيديو كونفرنس أمس (أ.ف.ب)
جانب من اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين عبر الفيديو كونفرنس أمس (أ.ف.ب)

اتفق المسؤولون الماليون لدول مجموعة العشرين أمس (الجمعة)، على تحاشي السحب المبكر لحزم التحفيز المالي والنقدي التي قدموها للاقتصاد العالمي من أجل التغلب على تداعيات جائحة «كوفيد - 19».
وقالت الرئاسة الإيطالية لمجموعة العشرين في مؤتمر صحافي، إن القادة الماليين اتفقوا أيضاً على تكثيف تعاونهم للتعامل مع التعافي الذي ما زال هشاً وغير متكافئ، واستكشاف سبل إضافية لمساعدة الاقتصادات الفقيرة على مواجهة فيروس «كورونا».
وأكد وزير المالية الياباني تارو آسو، أن حالة الاقتصاد العالمي تستلزم توخي الحذر نظراً للضبابية المحيطة بلقاحات فيروس «كورونا» وسلالاته. وأشار إلى أن اقتصاد بلاده يُبدي بوادر تعافٍ في ظل تدنّي معدلات الإصابة بالفيروس.
وحثّ آسو، عقب الاجتماع، الاقتصادات الرئيسية على الوقوف صفاً واحداً في دعمها للدول ذات الدخل المنخفض في ضوء اتساع الفوارق على صعيد النمو الاقتصادي والتطعيم. وقال: «بغية دعم الدول منخفضة الدخل، ستساند اليابان مخصصاً جديداً لحقوق السحب الخاصة».
وعقد وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية لدول العشرين مؤتمراً عبر الاتصال المرئي، حيث تصدرت جدول الأعمال الاستجابة العالمية للفوضى الاقتصادية غير المسبوقة التي أفرزها الفيروس، والحدّ من الأضرار بالنسبة إلى الدول الفقيرة المهمَّشة في السباق من أجل الحصول على اللقاحات المضادة لـ«كوفيد - 19».
وفي خضمّ الأزمة الصحة العالمية، بدأ هذا الاجتماع وهو الأول برئاسة إيطالية، لوزراء مالية وحكام المصارف المركزية في المجموعة التي تضمّ عشرين أغنى دولة في العالم، وبحضور وزيرة الخزانة الأميركية الجديدة جانيت يلين. وسيطر على الاجتماع جوّ هادئ، إذ إن الولايات المتحدة عادت إلى مبدأ التعددية، بعد فترة رئاسة دونالد ترمب.
وقالت أستاذة الاقتصاد الدولي في كلية إدارة الأعمال التجارية في ميلانو لوسيا تاجولي، لوكالة الصحافة الفرنسية: «بالطبع، مع الإدارة الأميركية الجديدة، سيكون من الأسهل التوصل إلى اتفاق» لتقديم مساعدة أكبر للدول الفقيرة، «لأن مقاربة جو بايدن للتعاون الدولي منفتحة أكثر بكثير» مقارنةً بالإدارة السابقة... لكنها حذّرت من أن «جمع الأموال لن يكون أمراً سهلاً، نظراً إلى الأزمة الاقتصادية التي تضرب عدداً كبيراً من الدول».
وحضّت واشنطن، أول من أمس (الخميس)، دول مجموعة العشرين على إطلاق حملة فعلية ومنسقة للتلقيح العالمي. وكتبت جانيت يلين في رسالة وجّهتها إلى نظرائها في مجموعة العشرين: «من دون الحصول على اللقاحات، ستُمنى الدول ذات الدخل المنخفض بمزيد من الخسائر في الأرواح وسيتأخر انتعاشها الاقتصادي».
وأبدت يلين أيضاً استعدادها لمناقشة تقديم مساعدات جديدة من خلال عُملة يُصدرها صندوق النقد الدولي تُعرف باسم حقوق السحب الخاصة، لدعم الدول التي تواجه صعوبات، في موقف يتعارض أيضاً مع موقف إدارة ترمب في هذا الشأن.
وتدعو دول عدة من مجموعة العشرين من بينها فرنسا، إلى اللجوء مجدداً إلى أداة التمويل هذه التي سبق أن أثبتت فاعليتها خلال الأزمة المالية عام 2009، لكنّ مصدراً مقرباً من الرئاسة الإيطالية لوزراء مالية مجموعة العشرين، قال قبل الاجتماع إنه «من المبكر مناقشة المبلغ لأنه لا يمكن اتخاذ قرار إلا حين يعرض صندوق النقد الدولي اقتراحاً».
وقرّرت مجموعة العشرين في أبريل (نيسان) الماضي تعليق سداد فوائد ديون الدول الأشدّ فقراً، ثم مدّدته في أكتوبر (تشرين الأول) حتى 30 يونيو (حزيران) 2021. وقال رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس، في مقابلة مع صحيفة «لا ستامبا» الإيطالية نُشرت أمس، إن «تأثير تعليق سداد الفوائد لم يكن كبيراً كما كنا نأمل. ولم يشارك فيه القطاع الخاص في مناطق كثيرة من العالم وكذلك بنك الصين للتنمية».
وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، تم تجاوز مرحلة جديدة مع تبني وزراء مالية دول مجموعة العشرين «إطاراً مشتركاً» لتخفيف عبء الدين. ومذّاك، طلبت تشاد وزامبيا وإثيوبيا إعادة هيكلة ديونها.
وقال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة «لويس» في روما فيديريكو نيليا، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «مسألة تخفيف الدين التي بقيت طي الكتمان، باتت حالياً على جدول الأعمال ويمكننا بالطبع توقع خطوة إلى الأمام». وحتى اليوم، تمّ تأجيل سداد فوائد ديون 46 دولة فقط من أصل 73 دولة مؤهلة لذلك، بقيمة 5.7 مليارات دولار... ولا يشكّل هذا المبلغ سوى غيض من فيض مقارنةً بقرابة 14 مليار دولار أنفقتها دول مجموعة العشرين لإنعاش اقتصاداتها المتضررة بشدة من الوباء.
وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا، أمس، لصحيفة «لا ستامبا»: «ينبغي علينا المثابرة من أجل مكافحة الأزمة الاقتصادية... علينا الحرص على عدم سحب دعمنا بشكل سابق لأوانه».
ومن بين المواضيع الأخرى على جدول أعمال اجتماع مجموعة العشرين، القطاع المالي العالمي. ففي وقت قاومت أسواق المال بشكل عام تداعيات الأزمة الصحية، ارتفعت معدلات الاقتراض بشدة منذ مطلع فبراير (شباط). ويتخوف المستثمرون من ارتفاع في التضخم في حال حصول انتعاش غير منضبط للاقتصاد.
وحاول البنك المركزي الأوروبي الطمأنة، أمس. ففي حال حصول ارتفاع كبير في معدلات الفوائد، فإن البنك المركزي الأوروبي يمكن أن يزيد بشكل إضافي دعمه للاقتصاد، كما ألمحت إيزابيل شنابل، عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي.



الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، في الفترة التي سبقت أول موازنة للحكومة الجديدة، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، مما يؤكد حجم التحدي الذي يواجهه حزب العمال لتحفيز الاقتصاد على النمو.

فقد أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الانخفاض غير المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي كان مدفوعاً بتراجعات في البناء والإنتاج، في حين ظلَّ قطاع الخدمات المهيمن راكداً.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقَّعون نمو الاقتصاد بنسبة 0.1 في المائة. ويأتي ذلك بعد انخفاض بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر (أيلول) ونمو بطيء بنسبة 0.1 في المائة في الرُّبع الثالث من العام، وفقاً لأرقام الشهر الماضي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأسبوع الماضي، إن «هدف الحكومة هو جعل المملكة المتحدة أسرع اقتصاد نمواً بين دول مجموعة السبع، مع التعهد بتحقيق دخل حقيقي أعلى للأسر بحلول عام 2029».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

لكن مجموعة من الشركات قالت إنها تخطِّط لإبطاء الإنفاق والتوظيف بعد موازنة حزب العمال في أكتوبر، التي تضمَّنت زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني.

وقال خبراء اقتصاديون إن الانكماش الشهري الثاني على التوالي في الناتج المحلي الإجمالي يعني أن الاقتصاد نما لمدة شهر واحد فقط من الأشهر الخمسة حتى أكتوبر، وقد يعني ذلك أن الاقتصاد انكمش في الرُّبع الرابع ككل.

وقالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز، إن الأرقام «مخيبة للآمال»، لكنها أصرَّت على أن حزب العمال يعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح للنمو.

أضافت: «في حين أن الأرقام هذا الشهر مخيبة للآمال، فقد وضعنا سياسات لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل، ونحن عازمون على تحقيق النمو الاقتصادي؛ لأنَّ النمو الأعلى يعني زيادة مستويات المعيشة للجميع في كل مكان».

واشتكت مجموعات الأعمال من أن التدابير المعلنة في الموازنة، بما في ذلك زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل، تزيد من تكاليفها وتثبط الاستثمار.

وانخفض الناتج الإنتاجي بنسبة 0.6 في المائة في أكتوبر؛ بسبب الانخفاض في التصنيع والتعدين والمحاجر، في حين انخفض البناء بنسبة 0.4 في المائة.

وقالت مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية، ليز ماكيون: «انكمش الاقتصاد قليلاً في أكتوبر، حيث لم تظهر الخدمات أي نمو بشكل عام، وانخفض الإنتاج والبناء على حد سواء. شهدت قطاعات استخراج النفط والغاز والحانات والمطاعم والتجزئة أشهراً ضعيفة، وتم تعويض ذلك جزئياً بالنمو في شركات الاتصالات والخدمات اللوجيستية والشركات القانونية».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة لدى «كابيتال إيكونوميكس»، بول ديلز، إنه «من الصعب تحديد مقدار الانخفاض المؤقت، حيث تم تعليق النشاط قبل الموازنة».

وأضاف مستشهداً ببيانات مؤشر مديري المشتريات الضعيفة: «الخطر الواضح هو إلغاء أو تأجيل مزيد من النشاط بعد الميزانية... هناك كل فرصة لتراجع الاقتصاد في الرُّبع الرابع ككل».

وأظهرت الأرقام، الأسبوع الماضي، أن النمو في قطاع الخدمات المهيمن في المملكة المتحدة تباطأ إلى أدنى معدل له في أكثر من عام في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث استوعبت الشركات زيادات ضريبة الأعمال في الموازنة.

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

وسجَّل مؤشر مديري المشتريات للخدمات في المملكة المتحدة الذي يراقبه من كثب «ستاندرد آند بورز غلوبال» 50.8 نقطة في نوفمبر، بانخفاض من 52.0 نقطة في أكتوبر.

وفي الشهر الماضي، خفَض «بنك إنجلترا» توقعاته للنمو السنوي لعام 2024 إلى 1 في المائة من 1.25 في المائة، لكنه توقَّع نمواً أقوى في عام 2025 بنسبة 1.5 في المائة، مما يعكس دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خطط موازنة الإنفاق الكبير لريفز.