تونس: «النهضة» تحشد لـ«مسيرة السبت» ومخاوف من انزلاق نحو العنف

معارضون تونسيون خلال مسيرة بالعاصمة في 6 فبراير الجاري بمناسبة الذكرى الثامنة لاغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد (إ.ب.أ)
معارضون تونسيون خلال مسيرة بالعاصمة في 6 فبراير الجاري بمناسبة الذكرى الثامنة لاغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد (إ.ب.أ)
TT

تونس: «النهضة» تحشد لـ«مسيرة السبت» ومخاوف من انزلاق نحو العنف

معارضون تونسيون خلال مسيرة بالعاصمة في 6 فبراير الجاري بمناسبة الذكرى الثامنة لاغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد (إ.ب.أ)
معارضون تونسيون خلال مسيرة بالعاصمة في 6 فبراير الجاري بمناسبة الذكرى الثامنة لاغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد (إ.ب.أ)

تحشد قيادات حركة «النهضة» لصالح المسيرة المنتظر تنظيمها اليوم (السبت)، بالشارع الرئيسي للعاصمة التونسية، وتعوّل على أنصارها لـ«إسكات خصومها واستعراض مدى تماسكها وسيطرتها على المشهد السياسي» بعد أن انتقدت المشاركة المحتشمة في مسيرة الأحزاب المعارضة في السادس من فبراير (شباط) الحالي. وفيما أكد راشد الغنوشي، رئيس الحركة، عدم التراجع عن تنظيم هذه المسيرة على الرغم من مخاوف انزلاقها إلى الفوضى العارمة نتيجة قرار حزب «العمال» اليساري النزول خلال اليوم نفسه إلى الشارع، فإن قيادات من «النهضة» عبّرت عن تخوف من «الاستنصار» بالشارع تحت غطاء دعم الشرعية والدفاع عن الدستور. وفي هذا الإطار، عبّر سمير ديلو، القيادي في «النهضة»، عن معارضته قرار الخروج إلى الشارع مهما كانت الدوافع و«مهما كان الطرف الداعي لذلك». وأكد عدم مشاركته في مسيرة اليوم، مشيراً إلى أنه لا يدعم أي قرار غير مقتنع بجدواه وأهدافه على الرغم من اتخاذه داخل مؤسسات الحركة. ودعا، في المقابل، إلى الحوار والابتعاد عن منطق الغلبة بالنزول إلى الشارع. وخلافاً لموقف القيادي ديلو، كانت للغنوشي وجهة نظر مختلفة، إذ قال إن «من دافعوا عن احتجاجات الحرق يُنكرون على النهضة اليوم التظاهر السلمي، ولا تراجع عن مسيرة 27 فبراير».
وعبّر أكثر من طرف سياسي عن مخاوف يراها حقيقية في حال تنظيم مسيرتين في الوقت ذاته؛ الأولى لأنصار «النهضة»، والأخرى لمؤيدي التيار اليساري وبقية أطياف المعارضة.
وفي هذا الشأن، قال عمار عمروسية القيادي في حزب العمال (يساري)، إن الشارع ليس حكراً على أي طرف سياسي أو اجتماعي، مؤكداً أنهم «ليسوا دعاة عنف». وأشار إلى الصراع المحموم على السلطة، معتبراً أن الخروج للشارع يمثل تأكيداً من حزب العمال على «وجود طريق آخر لإنقاذ تونس من مآزقها المتعددة».
وفي السياق ذاته، أصدر اتحاد القوى الشبابية (يساري) دعوة للتظاهر تحت عنوان «الشارع لنا»، يدعو فيها التونسيين إلى النزول إلى شارع الحبيب بورقيبة اليوم تحت شعار «سحقاً... سحقاً للرجعية... دساترة وإخوانجية»، في إشارة إلى الحزب الدستوري الحر وحركة النهضة. وقال أيمن الدريدي، عضو اتحاد القوى الشبابية، إن الهدف من النزول إلى الشارع «ليس التظاهر ضد (النهضة) أو (الدستوري الحر) بقدر ما هو من أجل الدفاع عن الحريات والضغط من أجل مجموعة من المطالب الاجتماعية والسياسية». وأضاف الدريدي أن للشارع كلمته وأنه ليس حكراً على «النهضة» و«الدستوري الحر» اللذين يتبنيان نفس المواقف من التحركات الشعبية.
على صعيد غير متصل، احتفى الحزب الدستوري الحر المعارض وأبرز معترض على مشاركة ممثلي الإسلام السياسي في السلطة، بقرار رئاسة الحكومة التونسية الانطلاق في إجراءات حل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فرع تونس لمؤسسه يوسف القرضاوي.
وأكدت عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري، أن إدارة الجمعيات أرسلت تنبيهاً رسمياً لهذا «التنظيم المشبوه»، واتهمته بمجموعة من المخالفات للدستور ومخالفة قانون الجمعيات، باعتبار أن النظام الأساسي للجمعية الأم تضمّن بنوداً تؤكد سعي هذا التنظيم إلى تقويض أسس الجمهورية وضرب مدنية الدولة. كما تضمن التنبيه مخالفة القوانين المتعلقة بالمنظومة التربوية، بعد أن تم تحويل هذه الجمعية إلى معهد تأهيل شرعي، والتأسيس لمنظومة تربوية موازية للمنظومة التربوية الرسمية.
في غضون ذلك، تنتظر الساحة السياسية التونسية نتائج «اللقاء الودي» الذي سيجمع يوم الاثنين المقبل الرئيس التونسي قيس سعيد، برئيس الحكومة هشام المشيشي، وهو لقاء جاء بطلب جديد من المشيشي على أن يدور وراء أبواب مغلقة وبشرط فتح ملف الأزمة السياسية التي تتخبط فيها تونس منذ أكثر من شهر. وتأتي هذه التطورات الجديدة لترجح بداية الانفراج للأزمة السياسية الخانقة، وإمكانية التوصل إلى الحلول التي تفتح آفاقاً جديدة لتجاوز وضع الجمود الذي تردت فيه على خلفية رفض رئيس الجمهورية السير في مقترح التحوير الوزاري ورفض قبول أداء اليمين للوزراء الجدد الذين نالوا ثقة البرلمان. ويرى مراقبون أن لقاء الأسبوع المقبل بين سعيّد والمشيشي سيكون محفوفاً بالمخاطر كما سيكون حاسماً في التوصل إلى حل سياسي للأزمة، أو أنه قد يفتح الباب أمام اشتداد الأزمة أكثر.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.