تقرير: الميليشيات التركية تضطهد الإيزيدين في العراق وسوريا

مدرعة عسكرية تركية في إحدى المناطق السورية (أرشيفية - رويترز)
مدرعة عسكرية تركية في إحدى المناطق السورية (أرشيفية - رويترز)
TT

تقرير: الميليشيات التركية تضطهد الإيزيدين في العراق وسوريا

مدرعة عسكرية تركية في إحدى المناطق السورية (أرشيفية - رويترز)
مدرعة عسكرية تركية في إحدى المناطق السورية (أرشيفية - رويترز)

اعتبر تقرير أميركي أن الأقلية الإيزيدية في العراق وسوريا تواجه اضطهاداً ملحوظاً على أيدي ميليشيات مدعومة من تركيا ضمن جهود أنقرة المناهضة للأكراد، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».
وأوضح التقرير الذي نشرته مجلة «ناشيونال إنتريست» الأميركية أنه في السادس من فبراير (شباط)، تمت إعادة رفات 104 إيزيديين قُتلوا في شمال العراق على يد تنظيم «داعش» الإرهابي في عام 2014 إلى ديارهم ودُفنت الرفات في قرية كوجو بمنطقة سنجار في محافظة نينوى العراقية.
وقُتل هؤلاء الإيزيديون، حسب التقرير، قبل ست سنوات عندما هاجمت عناصر «داعش» بشراسة سنجار شمال البلاد.
وحاصر مسلحو التنظيم الإيزيديين الذين حاولوا الفرار إلى سلسلة جبال قريبة وتعرضوا للتعذيب أو القتل.
ويوضح التقرير، الذي أعدته مايا كارلين، المحللة بمركز السياسة الأمنية في واشنطن العاصمة، وآنا سوبول ليفي الزميلة السابقة في مركز الأبحاث «آي دي سي هرتسليا» في إسرائيل، أن ثمة تقديرات تفيد بأنه كان نحو 50 ألف إيزيدي يعيشون في العراق قبل حملة التطهير العرقي عام 2014.
وقتلت عناصر «داعش» أكثر من ثلاثة آلاف رجل، واستعبدت أكثر من سبعة آلاف امرأة وطفل، وشرَّدت أولئك الذين تمكنوا من الفرار أو طلب اللجوء.
ولا يزال حجم هذه الإبادة الجماعية التي تعترف بها الأمم المتحدة قيد الاكتشاف حتى اليوم، حيث تم العثور على أكثر من ثمانين مقبرة جماعية في سنجار، وما زالت آلاف النساء والفتيات الإيزيديات في عداد المفقودات.
وعانى المجتمع الإيزيدي، من بين الجماعات العرقية والدينية الأخرى في العراق، من الاضطهاد طيلة تاريخهم، وفقاً للتقرير.
ويُقدر أن الإيزيديين نجوا من أكثر من سبعين إبادة جماعية لأنهم رفضوا التخلي عن دينهم في مواجهة الاضطهاد في ظل الإمبراطورية العثمانية وفي العراق خلال القرن العشرين.
كما عانى الإيزيديون في سوريا، من بين الأقليات الأخرى، من مصير مماثل على أيدي الجماعات المتطرفة في المنطقة، بما في ذلك الميليشيات المدعومة من تركيا.
وفي يناير (كانون الثاني) 2018، شن «الجيش السوري الحر» المدعوم من تركيا عملية عسكرية أطلق عليها اسم «عملية غصن الزيتون» في محافظة عفرين شمال غربي سوريا.
وتخضع هذه المنطقة لسيطرة جماعة سورية كردية متمردة مدعومة من الولايات المتحدة، وهي «وحدات حماية الشعب».
وتنظر تركيا إلى «وحدات حماية الشعب» على أنها امتداد لحزب العمال الكردستاني، وهو جماعة كردية تركية متمردة تقاتل منذ عقود من أجل الحصول على الحكم الذاتي للأكراد في تركيا، وتصنفها أنقرة على أنها «منظمة إرهابية»، وكذلك أيضا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ومع ذلك، نفت وحدات «حماية الشعب» أن تكون امتداداً لحزب العمال الكردستاني وتعتبرها الولايات المتحدة حليفا أساسيا في محاربة تنظيم «داعش».
وبحسب التقرير، قتل مئات المدنيين خلال عملية «غصن الزيتون» عام 2018، جراء قيام الميليشيات التركية بإلقاء القنابل وقصف قرى بأكملها بشكل عشوائي.
وأوضح أن العديد من المدنيين الذين قتلوا في ذلك القصف كانوا من الإيزيديين والمسيحيين الذين نزحوا بسبب حملات «داعش» السابقة في العراق، والذين فروا إلى عفرين بحثا عن ملجأ.
وأشار إلى أنه في أعقاب هذه الحملة الوحشية، تم إجبار ما يقدر بنحو 100 ألف من بينهم ستة آلاف من الإيزيديين، على الفرار من عفرين إلى مخيمات اللاجئين في المدن المجاورة.
وبررت أنقرة شن هذه العملية من منطلق أنها انتقام لـ«700 هجوم تم شنها تحت قيادة وحدات (حماية الشعب الكردي)»، وفقاً لمتحدث باسم الرئاسة التركية.
وفي الواقع، كان هناك 15 هجوما في عفرين في العام السابق لعملية «غصن الزيتون»، وجاء في التقرير أن للرئيس التركي رجب طيب إردوغان تاريخاً من استخدام «التهديدات» غير المؤكدة لتبرير إطلاق عمليات في سوريا والعراق.
ففي الخامس من فبراير (شباط)، في اليوم السابق لدفن 104 إيزيديين في العراق، ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن القوات التركية قصفت قرى في شمال حلب تلك القرى تضم بعضاً من آلاف الإيزيديين الذين تعرضوا للتطهير العرقي في عفرين، واضطروا إلى البحث عن ملجأ بالمناطق المجاورة.
وبحسب صحيفة «جيروزاليم بوست»، قال مفوض في اللجنة الأميركية للحرية الدينية الدولية إن «آلاف الإيزيديين الذين فروا من عفرين ويقيمون الآن بالقرب من حلب يتعرضون حالياً للغارات الجوية التي تشنها تركيا».
ورغم خسارة تنظيم «داعش» لجميع أراضيه تقريباً عام 2018، فإنه استمر في إعلان مسؤوليته عن هجمات مميتة وقعت مؤخراً في جميع أنحاء العالم.
وبعد تفجير مدمر أودى بحياة عشرات المدنيين في إحدى الأسواق المفتوحة ببغداد في يناير (كانون الثاني) 2021، قتلت غارات جوية أميركية في عملية مشتركة مع قوات الأمن العراقية القيادي البارز في «داعش» بالعراق، أبو ياسر.
وبينما تستمر الولايات المتحدة والمجتمع الدولي في محاربة الجهود المتجددة لذلك التنظيم، لا يمكن تجاهل تركيا، وفقاً للتقرير.
وخلص التقرير إلى أنه «يجب على المجتمع الدولي أن يستحضر في ذهنه أن الفظائع التي ترتكبها القوات العسكرية لإردوغان هي عملية مستدامة ضد الأقليات المستضعفة».



الحوثيون يتبنّون أول هجوم مميت باتجاه إسرائيل منذ نوفمبر 2023

طائرة حوثية من دون طيار أُطلقت من مكان غير معروف لمهاجمة السفن في البحر الأحمر (رويترز)
طائرة حوثية من دون طيار أُطلقت من مكان غير معروف لمهاجمة السفن في البحر الأحمر (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون أول هجوم مميت باتجاه إسرائيل منذ نوفمبر 2023

طائرة حوثية من دون طيار أُطلقت من مكان غير معروف لمهاجمة السفن في البحر الأحمر (رويترز)
طائرة حوثية من دون طيار أُطلقت من مكان غير معروف لمهاجمة السفن في البحر الأحمر (رويترز)

تبنّت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أول هجوم مميت ضد إسرائيل بطائرة مسيّرة استهدفت تل أبيب وأدت إلى مقتل شخص وإصابة أربعة آخرين، بالتزامن مع إبلاغ سفينة شحن في خليج عدن عن تعرّضها لهجوم دون إصابات، أعلنت الجماعة مسؤوليتها عنه.

وتشنّ الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية، كما تزعم أنها تقوم بهجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلحة.

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

بدا الأمر هذه المرة مختلفاً مع إفاقة السكان في تل أبيب على دوي انفجار المسيّرة التي يرجّح الجيش الإسرائيلي أنها مطوّرة من طائرة «صماد 3» ذات المكونات الإيرانية.

وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، في بيان متلفز، إن جماعته استهدفت أحد الأهداف المهمة في منطقة يافا المحتلة (تل أبيب) بواسطة طائرة مسيّرة جديدة اسمها «يافا»، زاعماً أنها قادرة على تجاوز المنظومات الاعتراضية، وأنها حققت أهدافها بنجاح.

وهدّد المتحدث الحوثي بأن تل أبيب ستكون منطقة غير آمنة وستكون هدفاً أساسياً في مرمى جماعته التي ستركز على الوصول إلى العمق الإسرائيلي، مدعياً وجود بنك أهداف عسكرية وأمنية حساسة.

وكانت الجماعة في الأسابيع الماضية تبنّت منفردة ومشتركة مع فصائل عراقية مدعومة من إيران هجمات سابقة ضد سفن في ميناء حيفا وأخرى في البحر المتوسط، دون أن يكون لها أي أثر، وذلك ضمن ما تسميه الجماعة المرحلة الرابعة من التصعيد.

صورة وزّعها الحوثيون لاستهداف إحدى السفن في البحر الأحمر بزورق مسيّر مفخخ (أ.ف.ب)

ومع هذه التطورات يشكك مراقبون يمنيون في قدرة الجماعة الحوثية على تنفيذ هجمات مؤثرة في إسرائيل، ولا يستبعدون أن يكون الهجوم الأخير تم تنفيذه من مناطق أخرى غير يمنية، بتخطيط إيراني، في حين قامت الجماعة بتبنيه لدرء خطر الرد الإسرائيلي على طهران.

ومنذ أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وجدت الجماعة الحوثية فرصة لتبييض جرائمها ضد اليمنيين ومحاولة التحول لاعباً إقليمياً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين، مع الهروب من استحقاقات السلام واستغلال التطورات لتجنيد مئات الآلاف بذريعة الاستعداد لمحاربة إسرائيل بينما أعين قادة الجماعة مصوّبة على بقية المناطق اليمنية المحررة.

حصاد الهجمات والضربات

مع استمرار الهجمات الحوثية ضد السفن، أفادت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية وشركة «أمبري» البريطانية للأمن البحري، الجمعة، بأن سفينة أُصيبت بمقذوفات مجهولة على بُعد 83 ميلاً بحرياً، جنوب شرقي مدينة عدن اليمنية دون إصابات.

وفي بيان متلفز، تبنى المتحدث العسكري الحوثي، يحيى سريع، الهجوم الذي قال إنه استهدف السفينة «لوبيفيا» لعدم التزام الشركة المشغلة لها بالحظر الذي فرضته جماعته على الموانئ الإسرائيلية؛ وهو ما يرفع عدد السفن التي تعرّضت للهجمات إلى 171 سفينة.

وكان الجيش الأميركي أفاد، الخميس، بأن قواته نجحت في تدمير صاروخين أرض - جو وأربع طائرات حوثية من دون طيار في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية، في بيان، أن هذه الأسلحة تقرّر أنها تمثل تهديداً وشيكاً للولايات المتحدة وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة، وقد تم اتخاذ الإجراءات لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

وتبنى زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في خطبته الأسبوعية، الخميس، مهاجمة 170 سفينة في البحر الأحمر وخليج عدن منذ بدء التصعيد في نوفمبر الماضي، كما أقرّ بتلقي أكثر من 570 غارة منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، معترفاً بسقوط 57 قتيلاً و87 جريحاً، جراء الضربات.

حاملة الطائرات الأميركية «روزفلت» حلّت محل الحاملة «أيزنهاور» للتصدي لهجمات الحوثيين (أ.ب)

وأصابت الهجمات الحوثية، حتى الآن، نحو 30 سفينة منذ بدء التصعيد، غرقت منها اثنتان؛ إذ أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استُهدفت في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

وأثّرت الهجمات على مصالح أكثر من 55 دولة، وفقاً للجيش الأميركي، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر، وهو حجر أساس للاقتصاد العالمي؛ إذ دفعت الهجمات أكثر من 10 شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر؛ ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

صورة جوية لسفينة شحن أصابها صاروخ حوثي في خليج عدن وأدى إلى مقتل 3 من بحارتها (الجيش الأميركي)

وتسبّب تصعيد الحوثيين في إصابة مساعي السلام اليمني، التي يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بالجمود؛ إذ تسود المخاوف من انهيار التهدئة الهشّة المستمرة منذ عامين، وعودة القتال على نطاق أوسع.

وتقول الحكومة اليمنية إن الحل ليس في الضربات الغربية الدفاعية ضد الحوثيين وإن الوسيلة الأنجع هي دعم قواتها المسلحة لاستعادة الحديدة وموانئها وجميع مؤسسات الدولة المختطفة وإنهاء الانقلاب المدعوم إيرانياً.

وفي أحدث تصريحات لمجلس القيادة الرئاسي اليمني، الخميس، دعا الجماعة الحوثية إلى «تحكيم العقل والتعاطي الإيجابي مع المساعي الحميدة لإحلال السلام، (...) والتوقف عن المتاجرة المكشوفة بأوجاع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة».