«قصة امرأة حُرة»... بطولة أدبية للفنانة لبنى عبد العزيز

الكتاب يستلهم محطاتها في الحياة والصحافة والإذاعة والفن

TT

«قصة امرأة حُرة»... بطولة أدبية للفنانة لبنى عبد العزيز

في ظهور خاص تُطل نجمة السينما المصرية لبنى عبد العزيز من خلال كتاب جديد صدر مؤخرا في مصر، يرصد سيرتها الذاتية تحت عنوان «قصة امرأة حُرة» للكاتبة المصرية هبة محمد علي، التي بدأت لقاءاتها مع الفنانة المصرية قبل نحو عام ما بين لقاءات عابرة، وصولاً لإقناعها برواية سيرتها.
وعلاوة على أن الفنانة لبنى عبد العزيز، 85 عاما، تعد من أجمل الوجوه التي عرفتها السينما المصرية، فإن حضورها التمثيلي المميز لفت الأنظار لها منذ دورها الأول كوجه جديد مع الراحل عبد الحليم حافظ في فيلم «الوسادة الخالية» عام 1957، الذي كان كفيلا بأن يحفر اسمها كواحدة من نجمات السينما، وظلّت حكاية «سميحة» و«صلاح» في هذا الفيلم من أبرز حكايات الحب في ذاكرة السينما إلى اليوم، ولعل أحد أبرز أفلامها على الإطلاق هو فيلم «أنا حرة» من إخراج الراحل صلاح أبو سيف، والمأخوذ عن رواية الراحل إحسان عبد القدوس، وهو اسم الفيلم الذي اُستلهم منه اسم الكتاب، الذي صدر مؤخرا عن دار «سما» للنشر والتوزيع المصرية.
وتقول هبة محمد علي، الكاتبة والصحافية المصرية لـ«الشرق الأوسط» إن علاقتها توطدت بالفنانة لبنى عبد العزيز من خلال اللقاءات التي كانت تنظمها مؤسسة (روزاليوسف) الصحافية لإحياء ذكرى الراحل إحسان عبد القدوس، فالفنانة لبنى عبد العزيز من أكثر الفنانات حرصا على حضور أي مناسبة في ذكرى الكاتب إحسان عبد القدوس، حيث جمعتها به صداقة وطيدة عبر سنوات طويلة.
ووفق علي فإن الفنانة لبنى عبد العزيز لم تكن متحمسة لنشر سيرتها بالشكل النمطي، إلا أنها وافقت بعد فترة من الإقناع لكتابة سيرتها باعتبارها سيرة لـ«امرأة حُرة»، بما يشمل اختياراتها في الحياة ما بين مجالات الدراسة والمسرح والصحافة والإذاعة وزواجها، وليس فقط سيرتها كنجمة شهيرة، تقول هبة محمد علي: «السيرة تمر على حياتها بقدر كبير من العفوية والمصارحة، مرورا بأخطائها وإخفاقاتها ببراءة شديدة، ارتاحت لفكرة أن يكون الكتاب أقرب لحكايات مؤثرة وملهمة لجيل جديد واسع من الفتيات».
يسرد الكتاب في البداية مراحل الطفولة، والدراسة في الجامعة الأميركية، مرورا بدراستها لنيل درجة الماجستير في الولايات المتحدة في الفنون المسرحية والدراما، ومشاركتها في الكتابة لجريدة الجامعة الأميركية، ثم مراسلتها لجريدة «الأهرام» المصرية، وعملها في الإذاعة المصرية التي بدأت فيها منذ كانت طفلة في عمر العشرة أعوام، وكيف كانت الصحافة هي نفسها مدخلها لعالم الفن، وعلاقتها بالرؤساء كالرئيس جمال عبد الناصر، والرئيس أنور السادات التي أجرت معه حوارا للإذاعة وكذلك فعلت مع الرئيس محمد نجيب.
اختارت الفنانة لبنى عبد العزيز لغلاف الكتاب صورة التقطها لها المصور الأرميني الشهير «أرمان»، وهو المصور الذي يُعرف بمصور المشاهير باعتباره أشهر من التقط البورتريهات لهم، سواء من نجوم السينما أو العائلة المالكة والرؤساء والرياضيين، فيما يضم الكتاب أرشيفا من الصور الخاصة للفنانة، منها صورة تكريم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لها في عيد الفن، وصور تجمعها بزملائها في الجامعة الأميركية، وصور شخصية مع عائلتها تجمعها بوالدها ووالدتها، ومع زوجها الطبيب الراحل إسماعيل برادة، وأحفادها، ومع عدد من الفنانين.
وحسب هبة محمد علي فإن الكتاب صدر بأربع مقدمات وليس مقدمة واحدة كما تجري العادة، وذلك لخصوصية كل مقدمة وعلاقة صاحب كل كلمة بتاريخ لبنى عبد العزيز، وهي كلمات للفنان سمير صبري، والكاتب الصحافي مفيد فوزي، وأحمد عبد القدوس نجل الكاتب إحسان عبد القدوس، الذي يعد مكتشفها وأول من قدمها لعالم السينما، وشقيقتها لميس عبد العزيز، وكشفت مؤلفة الكتاب أن كلمات المقدمة تلك لم تعلم عنها لبنى عبد العزيز شيئا، وكانت بمثابة مفاجأة لها عند صدور الكتاب.
وتواظب الفنانة لبنى عبد العزيز إلى اليوم على كتابة مقالها الأسبوعي لجريدة الأهرام «ويكلي» التي تصدر بالإنجليزية، علاوة على تسجيلها لحلقات برنامجها الإذاعي الموجه للأطفال «آنتي لولو» الذي تقدمه في محطة «البرنامج الأوروبي» التابعة للإذاعة المصرية منذ أكثر من عشرين عاما.



مخزون الصور العائلية يُلهم فناناً سودانياً في معرضه القاهري الجديد

صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
TT

مخزون الصور العائلية يُلهم فناناً سودانياً في معرضه القاهري الجديد

صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)

«زهوري اليانعة في داخل خميلة»... كلمات للشاعر الجاغريو، وهي نفسها الكلمات التي اختارها الفنان التشكيلي السوداني صلاح المر، لوصف السنوات التي قضاها في مصر، والأعمال الإبداعية التي قدّمها خلالها، وضمنها في البيان الخاص بأحدث معارضه بالقاهرة «احتفالية القرد والحمار».

تنقل المر خلال 15 عاماً قضاها في مصر ما بين حواري الحسين، ومقاهي وسط البلد، وحارات السبتية، ودروب الأحياء العتيقة، متأثراً بناسها وفنانيها، ومبدعي الحِرف اليدوية، وراقصي المولوية، وبائعي التحف، ونجوم السينما والمسرح؛ لتأتي لوحاته التي تضمنها المعرض سرداً بصرياً يعبّر عن ولعه بالبلد الذي احتضنه منذ توجهه إليه.

لوحة لرجل مصري مستلهمة من صورة فوتوغرافية قديمة (الشرق الأوسط)

يقول المر لـ«الشرق الأوسط»: «أعمال هذا المعرض هي تعبير صادق عن امتناني وشكري البالغين لمصر، ويوضح: «جاءت فكرة المعرض عندما وقعت عقد تعاون مع إحدى الغاليريهات المعروفة في الولايات المتحدة، وبموجب هذا العقد لن أتمكن من إقامة أي معارض في أي دول أخرى، ومنها مصر التي عشت فيها أجمل السنوات، أردت قبل بدء الموعد الرسمي لتفعيل هذا الاتفاق أن أقول لها شكراً وأعبّر عن تقديري لأصحاب صالات العرض الذين فتحوا أبوابهم لأعمالي، والنقاد الذين كتبوا عني، والمبدعين الذين تأثرت بهم وما زلت، وحتى للأشخاص العاديين الذين التقيت بهم مصادفة».

اللوحات تقدم مشاهد مصرية (الشرق الأوسط)

استلهم الفنان 25 لوحة بخامة ألوان الأكريلك والأعمال الورقية من مجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية والـ«بوستال كارد» المصرية القديمة، التي تعكس بدورها روعة الحياة المصرية اليومية، ودفء المشاعر والترابط المجتمعي فيها وفق المر: «لدي نحو 5 آلاف صورة مصرية، جمعتها من (الاستوديوهات) وتجار الروبابكيا، ومتاجر الأنتيكات، ومنا استلهمت لوحاتي».

ويضيف: «مصر غنية جداً باستوديوهات التصوير منذ عشرات السنين، ولديها قدراً ضخماً من الصور النادرة المُلهمة، التي تحكي الكثير عن تاريخها الاجتماعي».

الفنان صلاح المر (الشرق الأوسط)

يستطيع زائر المعرض أن يتعرف على الصور الأصلية التي ألهمت الفنان في أعماله؛ حيث حرص المر على أن يضع بجوار اللوحات داخل القاعة الصور المرتبطة بها، ولكن لن يعثر المتلقي على التفاصيل نفسها، يقول: «لا أقدم نسخة منها ولا أحاكيها، إنما أرسم الحالة التي تضعني فيها الصورة، مجسداً انفعالي بها، وتأثري بها، عبر أسلوبي الخاص».

لوحة مأخوذة عن صورة لطفل مصري مع لعبة الحصان (الشرق الأوسط)

تأتي هذه الأعمال كجزء من مشروع فني كبير بدأه الفنان منذ سنوات طويلة، وهو المزج ما بين التجريد التصويري والموضوعات ذات الطابع العائلي، مع الاحتفاء بالجماليات الهندسية، والرموز التراثية، والاستلهام من الصور، ويعكس ذلك ولعه بهذا الفن، تأثراً بوالده الذي عشق الفوتوغرافيا في شبابه.

يقول: «بدأ تعلقي بالفوتوغرافيا حين عثرت ذات يوم على كنز من الصور في مجموعة صناديق كانت تحتفظ به الأسرة في مخزن داخل المنزل بالسودان، وكانت هذه الصور بعدسة والدي الذي انضم إلى جماعة التصوير بكلية الهندسة جامعة الخرطوم أثناء دراسته بها».

لوحة مستلهمة من صورة قديمة لعروسين (الشرق الأوسط)

هذا «الكنز» الذي عثر عليه المر شكّل جزءاً مهماً من ذاكرته البصرية ومؤثراً وملهماً حقيقياً في أعماله، والمدهش أنه قرر أن يبوح للمتلقي لأول مرة بذكرياته العزيزة في طفولته بالسودان، وأن يبرز دور والده في مشواره الفني عبر هذا المعرض؛ حيث يحتضن جدران الغاليري مجسماً ضخماً لـ«استوديو كمال»؛ وهو اسم محل التصوير الذي افتتحه والده في الستينات من القرن الماضي.

لوحة تعكس تفاصيل مصرية قديمة (الشرق الأوسط)

يقول: «أقنع والدي جدي، بإنشاء استوديو تصوير بمحل الحلاقة الخاص به في (سوق السجانة) بالخرطوم، وتم تجهيز الاستوديو مع غرفة مظلمة من الخشب للتحميض، وذلك في الجزء الخلفي من الدكان».

وجوه مصرية (الشرق الأوسط)

وداخل المجسم تدفع المقتنيات الخاصة المتلقي للتفاعل مع ذكريات المر، والمؤثر الفني الذي شكل أعماله؛ ما يجعله أكثر تواصلاً، وتأثراً بلوحات المعرض؛ فالمتلقي هنا يستكشف تفاصيل تجربة الوالد في التصوير، بل يمكنه التقاط صور لنفسه داخل محله القديم!

وأثناء ذلك أيضاً يتعرف على جانب من تاريخ الفوتوغرافيا، حيث المعدات، وهي عبارة عن الكاميرا YASHIKA التي تستخدم أفلام مقاس 621 وEnlarger والستارة التي تعمل كخلفية وأدوات أخرى للتحميض والطباعة، وتجفيف الفيلم والصور بواسطة مروحة طاولة، وقص الصور بمقص يدوي: «استمر العمل لمدة سنة تقريباً، وأغلق الاستوديو قبل أن أولد، لكن امتد تأثير هذه التجربة داخلي حتى اللحظة الراهنة».

مجسم لاستوديو والد الفنان في الغاليري (الشرق الأوسط)

«احتفالية القرد والحمار» هو اسم «بوستال كارد» عثر عليه الفنان لدى تاجر روبابكيا، ويجسد مشهداً كان موجوداً في الشارع المصري قديماً؛ حيث يقدم أحد الفنانين البسطاء عرضاً احتفالياً بطلاه هما القرد والحمار، ومنه استلهم الفنان إحدى لوحات معرضه، ويقول: «تأثرت للغاية بهذا الملصق؛ وجعلت اسمه عنواناً لمعرضي؛ لأنه يجمع ما بين ملامح الجمال الخفي في مصر ما بين الفن الفطري، والسعادة لأكثر الأسباب بساطة، وصخب المدن التي لا تنام».