مصر تدعو لتدخل دولي يمنح مفاوضات السد الإثيوبي «زخماً سياسياً»

أديس أبابا تتجاهل تحذيرات القاهرة وتؤكد استمرار {المرحلة الثانية} من التعبئة

وزارة الخارجية المصرية تطلع سفراء الدول العربية والأوروبية بالقاهرة على تطورات قضية «سد النهضة» (الخارجية المصرية)
وزارة الخارجية المصرية تطلع سفراء الدول العربية والأوروبية بالقاهرة على تطورات قضية «سد النهضة» (الخارجية المصرية)
TT
20

مصر تدعو لتدخل دولي يمنح مفاوضات السد الإثيوبي «زخماً سياسياً»

وزارة الخارجية المصرية تطلع سفراء الدول العربية والأوروبية بالقاهرة على تطورات قضية «سد النهضة» (الخارجية المصرية)
وزارة الخارجية المصرية تطلع سفراء الدول العربية والأوروبية بالقاهرة على تطورات قضية «سد النهضة» (الخارجية المصرية)

دعت مصر، أمس، لتدخل دولي واسع في قضية «سد النهضة» الإثيوبي، الأمر الذي من شأنه أن يعطي مسار المفاوضات المتعثرة «زخماً سياسياً»، ويؤكد اهتمام المجتمع الدولي بهذا الملف.
واستقبل السفير حمدي سند لوزا، نائب وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية، أمس، سفراء الدول العربية والأوروبية في القاهرة، لإطلاعهم على المستجدات ذات الصلة بملف سد النهضة الإثيوبي، وإحاطتهم برؤية مصر حول مستقبل المفاوضات، التي تهدف للتوصل لاتفاق عادل ومتوازن وملزم قانوناً حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة. ووفق بيان أصدرته الخارجية المصرية، فإن نائب وزير الخارجية المصري، أعرب عن ترحيب بلاده باضطلاع جمهورية الكونغو الديمقراطية بمهمة قيادة مسار المفاوضات الجارية حول سد النهضة برعاية أفريقية، على ضوء تولي الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي رئاسة الاتحاد الأفريقي، مؤكدا ثقة مصر في «حكمة فخامته وقدرته على تحقيق اختراق في هذه المفاوضات في ظل الرئاسة الكونغولية للاتحاد الأفريقي». وأكد نائب الوزير أهمية التوصل إلى اتفاق على ملء وتشغيل سد النهضة في أقرب فرصة ممكنة من خلال عملية تفاوضية فعّالة، وأوضح أن مصر تؤيد المقترح الذي طرحه السودان والداعي لتطوير آلية التفاوض الأفريقية من خلال تشكيل رباعية دولية تشمل الرئاسة الكونغولية للاتحاد الأفريقي بجانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، للتدخل في المفاوضات كوسطاء، الأمر الذي من شأنه أن «يعطي مسار المفاوضات زخماً سياسياً ويؤكد اهتمام المجتمع الدولي بهذا الملف وإدراكه لخطورته على مصالح دول المنطقة». وكان السودان اقترح آلية جديدة للمفاوضات بإشراك أطراف دولية للتوسط بشأنه، بعدما فشل الاتحاد الأفريقي، الذي يرعى المفاوضات منذ يوليو (تموز) الماضي، تحت رئاسة دولة جنوب أفريقيا، في الوصول إلى توافق. وتطالب القاهرة والخرطوم باتفاق قانوني مُلزم ينظم عمليتي ملء وتشغيل السد، بما يحقق التنمية الإثيوبية المنشودة ودون أضرار جسيمة على دولتي المصب، بينما ترفض إثيوبيا إضفاء طابع قانوني على أي اتفاق يتم التوصل إليه يلزمها بإجراءات محددة لتخفيف حدة الجفاف.
في المقابل، تجاهلت الحكومة الإثيوبية تحذيرات القاهرة، وأعلنت وزارة الخارجية الإثيوبية، مساء أول من أمس، أنها مستمرة في بناء السد وتعبئة مرحلته الثانية، بعيداً عن المفاوضات الجارية مع مصر والسودان. وقال المستشار القانوني بالخارجية الإثيوبية، إبراهيم إدريس، إنه «من حق إثيوبيا بناء السد وفقا لوثيقة وقعتها مصر وإثيوبيا والسودان»، مشيرا إلى أن أديس أبابا ستقوم بتعبئة المرحلة الثانية من السد، بعيداً عن المفاوضات الجارية بين الدول الثلاث. وسبق أن أعلنت إثيوبيا عزمها على البدء في المرحلة الثانية من ملء الخزان بنحو 13.5 مليار متر مكعب منتصف العام الحالي. وكانت قد أنهت المرحلة الأولى في يوليو (تموز) الماضي، بنحو 5 مليارات متر مكعب، في إجراء قوبل باحتجاج مصري - سوداني. وأشار إدريس إلى أن بلاده ستمضي في بناء السد رغم المحاولات المصرية والسودانية التي وصفها بأنها «غير مقبولة». وتشيّد أديس أبابا السد على الرافد الرئيسي لنهر النيل منذ عام 2011. وقد بلغت نسبة بناء السد 78.3 في المائة، حسب وزارة المياه والري والطاقة الإثيوبية. وتقول مصر إن السد يهدد بتقليص حصتها من المياه التي تبلغ نحو 55.5 مليار متر مكعب، ولا تفي باحتياجاتها الأساسية.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.