تونس: مطالبة بإطلاق الموقوفين في أحداث «العين السخونة»

TT

تونس: مطالبة بإطلاق الموقوفين في أحداث «العين السخونة»

طالب عدد من أهالي مدينة دوز بولاية قبلي التونسية، خلال وقفة احتجاجية نظموها صباح أمس وسط المدينة، بإطلاق سراح الموقوفين على خلفية أحداث «العين السخونة»، التي وقعت في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي بين عدد من أهالي المدينة، وأهالي بني خداش من ولاية مدنين.
ودعا المشاركون في هذه الوقفة الاحتجاجية من أقارب الموقوفين، ونشطاء المجتمع المدني، بحسب تقرير لصحيفة «الجمهورية» التونسية، إلى الإسراع بتغيير مكان محاكمة أقاربهم لضمان حياد القضاء، محملين السلط الجهوية والمحلية مسؤولية تصاعد وتيرة الأحداث التي انطلقت حينها من خلاف عقاري بسيط ليتحول إلى اشتباكات عنيفة، تسببت في أضرار للطرفين. ودعوا إلى الإسراع في البت بقضية أحداث «العين السخونة»، التي كانت لها تداعيات كبيرة على السلم الاجتماعي بالمنطقة، حيث تسببت في مقتل شخصين من منطقة بني خداش، وجرح أكثر من 100 آخرين من الطرفين، وتدخلت حينها وحدات أمنية وعسكرية لمنع تصاعد وتيرة الاشتباكات. كما توجه رئيس الجمهورية إلى المنطقة للدعوة إلى تهدئة النفوس وتجاوز الخلافات، وأطلقت مبادرات عدة لاحتواء تداعيات هذه الأحداث.
في سياق ذلك، أُفرج أمس عن موقوفين اثنين من المعتصمين أمام حقل الدولاب بالقصرين، بعد أن أُوقفا عقب مواجهات مع قوات الأمن الأسبوع الماضي. لكن القضية لا تزال جارية، حسب ما أكده الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بالقصرين رياض النويوي.
وعلى صعيد متصل، نفذ مضيفو الطيران بـ«مطار الحبيب بورقيبة المنستير الدولي»، أمس، وقفة احتجاجية أمام مقر «الاتحاد الجهوي للشغل بالمنستير» للمطالبة بإعادة انتخاب «النقابة الأساسية لمضيفي ومضيفات الطيران» في «شركة الخطوط التونسية» بـ«مطار الحبيب بورقيبة».
يأتي ذلك على خلفية اكتشاف تزوير في عملية الانتخابات خلال المؤتمر الانتخابي، الذي نُظم سنة 2020، حسب ما أكده «مندوب التأطير بالجو» في «مطار الحبيب بورقيبة المنستير الدولي»، الصادق الصيادي.
وطالب الصيادي بإعادة انتخاب «النقابة الأساسية لمضيفي ومضيفات الطيران بمطار المنستير»، تحت إشراف «اللجنة الوطنية للنظام الداخلي»، متهماً «الاتحاد الجهوي للشغل بالمنستير» بتورطه في عملية تدليس الانتخابات، مشيراً إلى أن كاتب عام «النقابة الأساسية» السابقة «أمضى» على محضر اتفاق مع الإدارة، رغم أنه لا شرعية له، موضحاً أن هذه النقابة مجمدة بقرار من «اللجنة المركزية للنظام الداخلي».
من جهته، نفى المسؤول عن النظام الداخلي في «الاتحاد الجهوي للشغل بالمنستير»، عبد الكريم الجديدي، الاتهامات التي وجهت إلى «الاتحاد» بخصوص تزوير الانتخابات، ووجود إخلالات فيها، مشيراً إلى أن «المؤتمر الانتخابي كان شفافاً، حيث جرى بحضور وإشراف كل الهياكل النقابية، ولجنة النظام لمراقبة سير العملية الانتخابية»، مؤكداً أنه «جرى التدقيق والتحقيق في ملف المؤتمر الانتخابي من قبل (اللجنة الوطنية للنظام الداخلي)، التي أقرت بشرعية المؤتمر».
وطالب «الاتحاد الجهوي للشغل» في المنستير مضيفي ومضيفات الطيران بتحرير عريضة تضم توقيعاتهم لإعادة الانتخابات، ولحل النقابة الحالية، لكنهم لم يقوموا بذلك؛ حسب مصدر مطلع.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».