الراعي: نحتاج المؤتمر الدولي لأننا لا نستطيع التفاهم مع بعضنا بعضاً

استقبل وفداً من «الوطني الحر» و«لقاء سيدة الجبل»

TT

الراعي: نحتاج المؤتمر الدولي لأننا لا نستطيع التفاهم مع بعضنا بعضاً

جدد البطريرك الماروني بشارة الراعي تأكيده أمس، أن طرحه لعقد مؤتمر دولي بشأن لبنان جاء «بعدما وصلنا إلى مكان لا نستطيع التفاهم مع بعضنا»، داعيا كل الأفرقاء إلى «وضع ورقة حول مشكلتنا في لبنان لتقديمها كورقة واحدة إلى الأمم المتحدة من دون الرجوع إلى أي دولة»، وذلك خلال استقباله وفدا من «لقاء سيدة الجبل» و«التجمع الوطني» و«حركة المبادرة الوطنية» حيث قدموا له مذكرة أيدوا فيها مواقفه ودعوا فيها إلى تشكيل جبهة وطنية عريضة لتحرير الشرعية، والحياد الإيجابي، والمؤتمر الدولي من أجل الطائف والدستور وقرارات الشرعية الدولية من أجل لبنان.
وقال الراعي: «عندما كنا نعيش زمن الحياد كان لبنان يعيش الازدهار والتقدم وخسرنا كل شيء عندما فرض علينا إلا نكون حياديين»، مؤكدا أنه «علينا تشخيص مرضنا وطرح معاناتنا انطلاقاً من ٣ ثوابت هي وثيقة الوفاق الوطني والدستور والميثاق، وكل ما يجري الخلاف عليه اليوم في الداخل هو بسبب التدخلات الخارجية».
وأتى ذلك في وقت استكملت فيه اللقاءات الداعمة لمواقف الراعي مع تسجيل زيارة لافتة في الشكل والتوقيت من قبل وفد من «التيار الوطني الحر» إلى بكركي، وصفها النائب في «التيار» جورج عطالله بالجيدة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنها «أتت استكمالا للتواصل الدائم بين الطرفين اللذين يلتقيان على طروحات عدة وكان بحث في ثلاثة مواضيع أساسية هي الحكومة، والرسالة إلى الفاتيكان التي أرسلها التيار أول من أمس، إضافة إلى دعوة الراعي لمؤتمر دولي حول لبنان»، مع تأكيده على أن «التيار» لا يعارض مساعدة الدول الصديقة للبنان إنما يرفض تدويل قضيته أو فرض وصاية عليه، منتقدا من وصفهم بـ«تجار السياسة» الذين حاولوا الزعم أن بكركي تطرح تدويل الأزمة اللبنانية، ومؤكدا تأييد «التيار» لعقد مؤتمر دولي لتطوير النظام اللبناني، وفق المبادرة الفرنسية.
وزيارة «التيار» هي الثانية لبكركي خلال أسبوعين، من دون مشاركة رئيس «التيار» جبران باسيل الذي اكتفى أمس بالتواصل مع الراعي عبر الهاتف بعدما لم يبد بشكل علني تأييده لطروحاته في الفترة الماضية، وقبل يومين من التحرك الشعبي المقرر يوم السبت المقبل دعما لمواقف الراعي والذي سبق أن أبدت مختلف الأحزاب المسيحية، وإن بشكل غير رسمي، باستثناء «التيار»، مشاركتها فيه. كذلك، بعد يوم واحد من إرسال «التيار» إلى الفاتيكان مذكرة طلب فيها من البابا فرنسيس أن يساهم بمساعدة لبنان وفك الحصار عنه ومواجهة الأعباء التي يتعرض لها، بحسب ما أعلن النائب سيزار أبي خليل، وهو ما رأى فيه البعض تجاوزا لبكركي.
ورغم الأجواء الإيجابية التي عكسها وفد «التيار» بعد لقائه مع الراعي، اعتبرت مصادر في «القوات» لـ«الشرق الأوسط» أن حراك «التيار» شكلي أكثر منه جوهري، وأوضحت أن «التيار يختلف مع الراعي في الجوهر ولكنه يريد أن يحافظ على شكلية العلاقة لأن الصدام في الشكل ينعكس عليه سلبا على مستوى البيئة المسيحية التي تهمه بالأولوية، لذلك يحرص على شكليات العلاقة مع بكركي ويختلف معها في الجوهر بدليل ما حصل حيال طرح الحياد الذي حاول التيار الالتفاف عليه... واليوم يحصل الأمر نفسه عبر الالتفاف على دعوة الراعي لعقد مؤتمر دولي كي لا يظهر وكأنه على صدام معه تجنبا لتداعيات هذا الأمر عليه».
لكن هذه التفسيرات وعلامات الاستفهام، يضعها النائب عطالله في خانة «التسلية السياسية» ويقول: «نحن كنا أول من زار الراعي أما الباقون فقد لحقوا بنا»، مشيرا في الوقت عينه إلى أنه سيكون هناك مشاركة شعبية من قبل مؤيدي التيار في التحرك الداعم لبكركي يوم غد السبت. ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن التواصل والحديث مع الراعي «أثبت أنه لا خلاف بيننا وبينه في قضية الدعوة لعقد مؤتمر دولي بشأن لبنان لأن الهدف ليس تدويل القضية اللبنانية إنما حلها، وهو أكد أنه أطلقها بعد انسداد الأفق الداخلي، إضافة إلى أنه لن يتم التوجه إلى أي خطوة ما لم يكن متوافقا عليها من قبل مختلف الأفرقاء، وهو طلب لذلك، أن يقدم كل فريق ورقته حول نظرته للنظام اللبناني والثغرات التي يجدها في مسار تطبيق اتفاق الطائف للوصول إلى ورقة مشتركة في هذا الاتجاه».
وعن موقف «حزب الله»، حليف التيار، من البند الثالث المرتبط بتطوير النظام، يقول عطالله: «في اللقاء مع ماكرون أبدى الجميع موافقته على الطرح، وفي النهاية كل طرف يتحمل مسؤولية مواقفه»، مع تأكيده على ضرورة العمل على تقريب وجهات النظر والتواصل بين جميع الأفرقاء، وإعادة تفعيل لجنة الحوار التي كانت قد شكلت في وقت سابق بين بكركي و«حزب الله»، مؤكداً: «نحن مستعدون دائما للمساعدة في هذا الشأن».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».