الحوثي يكلف أمنه الوقائي تعقب عناصره الفارين من جبهات مأرب

عملية الملاحقة أسفرت عن اعتقال 400 شخص في 7 محافظات

الحوثي يكلف أمنه الوقائي تعقب عناصره الفارين من جبهات مأرب
TT

الحوثي يكلف أمنه الوقائي تعقب عناصره الفارين من جبهات مأرب

الحوثي يكلف أمنه الوقائي تعقب عناصره الفارين من جبهات مأرب

أفادت مصادر يمنية مطلعة في صنعاء بأن زعيم الجماعة الحوثية، عبد الملك الحوثي، أمر قبل أيام بتشكيل فرق ميدانية من جهاز أمنه المعروف بـ«الأمن الوقائي»، وتكليفها مهام تعقب وملاحقة الفارين من ميادين القتال، لا سيما من جبهات مأرب، إلى جانب مهام اعتقال المشرفين الذين يرفضون حشد المجندين والتوجه معهم إلى القتال.
وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن استمرار تلقي الانقلابيين بجبهة مأرب لضربات متلاحقة كبدتهم خسائر مادية وبشرية كبيرة ساعد في إثارة الهلع والرعب بصفوف من تبقى من مقاتلي الجماعة، وقاد في الوقت ذاته إلى تنامي حالات الفرار الجماعي بالأسلحة في أوساط عناصرها من تلك الجبهة المشتعلة منذ أسبوعين.
وتطرقت المصادر إلى النقص الحاد الذي تعانيه الجماعة حالياً بصفوفها، خصوصاً عقب فرار المئات من مقاتليها بأسلحتهم من ميادين المواجهات في صرواح وهيلان والمخدرة والكسارة ورغوان ومدغل، في غرب مأرب وشمالها الغربي، وعودة بعض منهم بطرق سرية إلى مناطقهم وقراهم، دون علم القادة الميدانيين.
وكشفت مصادر أخرى قريبة من دائرة حكم الجماعة بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن قيام رئيس جهاز ما يسمى «الأمن الوقائي»، المدعو عزيز الجرادي، بتشكيل فرق خاصة لملاحقة وتعقب الفارين من الجبهات بأمر من زعيم الجماعة، واعتقال مشرفي الجماعة في المحافظات والمديريات، والتحقيق معهم حول أسباب عزوفهم عن الالتحاق بجبهة مأرب، وتقاعسهم عن تحشيد مقاتلين جدد لتغذية النقص الحاد التي تعانيه الجماعة بتلك الجبهة وغيرها.
وبحسب المصادر، شنت فرق الاستخبارات والقمع الحوثية بعد هذه التوجيهات حملات تعقب ودهم لمنازل الفارين، صاحبها اعتقالات طالت المئات منهم في مدن وقرى واقعة بنطاق سبع محافظات تحت سيطرة الميليشيات.
وألزم قادة الفرق -بحسب المصادر- مشرفي الجماعة الذين يكنون الولاء الطائفي المطلق لزعيم الجماعة في المحافظات بملاحقة الفارين ممن لم تتمكن من القبض عليهم، وإنذار ذويهم لإجبارهم على العودة إلى الميادين، تحاشياً لفرار مقاتلين آخرين.
وحذرت الميليشيات كذلك مئات الأسر بإدراج أسماء ذويها من الفارين ضمن قوائم المؤيدين للتحالف والشرعية، وهددتهم بأن ذلك سيعرضهم لمصاعب وعقوبات شديدة، بحسب المصادر نفسها.
وفي السياق نفسه، تحدثت مصادر محلية في محافظة ذمار لـ«الشرق الأوسط» عن اعتقال فرق الجماعة، يومي السبت والأحد الماضيين، نحو 45 مقاتلاً من عناصرها الفارين من ميادين القتال.
وأوضحت المصادر أن الميليشيات اعتقلت من قرروا ترك ميادين القتال والعودة إلى مناطقهم بالمحافظة نتيجة ما وجدوه من تمييز عنصري وسلالي بصفوف وجبهات الجماعة، من مناطق (مغرب عنس، ومدينة ذمار، وعتمة والحدا، وآنس).
وأفادت المصادر القريبة من دائرة حكم الميليشيات بصنعاء أيضاً بأن تلك الحملة تزامن معها حملات أخرى مماثله نفذتها فرق القمع الحوثية بحق الفارين من جبهاتها بعدة مناطق ومدن تحت قبضتها. وكشفت المصادر عن نحو 190 مقاتلاً عائداً قالت إنه «تم اعتقالهم من العاصمة صنعاء وريفها، وما يزيد على 63 عنصراً فاراً اعتقلوا من مناطق متفرقة بمحافظة إب، إلى جانب 105 آخرين اعتقلوا من مدن وقرى متفرقة في محافظات عمران وحجة والمحويت وريمة».
ولا تزال فرق الميليشيات -بحسب المصادر- تطارد الفارين من جبهاتها، من خلال حملات التعقب الأمنية المكثفة، وتقوم بتخيير من تلقي القبض عليهم بين العودة إلى القتال أو السجن والتعذيب، إذ يعد فرارهم في نظر الجماعة «تمرداً وخروجاً عن الإسلام والعقيدة الحوثية».
كانت الجماعة، وكيل إيران في اليمن، قد كلفت على مدى الأعوام الماضية فرق تحقيق وملاحقة ميدانية لتتبع هروب الآلاف من عناصرها من جبهات القتال بعدة مناطق يمنية. وفي أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، أنذرت الميليشيات عائلات مجندين من صغار السن فروا من المعارك مع اشتداد القتال في جنوب مأرب وشرق الجوف، لإجبارهم على العودة إلى الجبهات، وسط تأكيدات بأن المئات من عناصرها كانوا قد تركوا مواقعهم بعد انكشافهم أمام القوات الحكومية، ونتيجة تكثيف غارات مقاتلات تحالف دعم الشرعية.
وفي أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2019، كلف زعيم الانقلابيين لجنة تحقيق عليا وفرق ملاحقة عقب هروب أكثر من 800 مسلح حوثي من جبهات الساحل الغربي بغضون ثلاثة أسابيع فقط.
وذكرت تقارير محلية عدة -حينها- أن اللجنة الحوثية العليا وصلت خلال تلك الفترة إلى الحديدة للتحقيق في أسباب تنامي حالات الفرار الجماعي بالأسلحة في أوساط مقاتلي الجماعة بتلك الجبهة.
وأوضحت تلك التقارير أن اللجنة الحوثية باشرت أولى مهامها فور وصولها، بتوجيه مشرفي الجماعة هناك بنقل العناصر الموجودين في الصفوف الأمامية على دفعات إلى مدينتي باجل وزبيد، وتنظيم دورات ثقافية مكثفة لهم، وإعادتهم مرة أخرى إلى مواقعهم، زاعمة أن تنامي حالات الفرار هو نتاج نقص في إيمانهم.
وسجلت جبهة الدريهمي حينها -بحسب المصادر- أعلى معدل في حالات الفرار للعناصر الحوثية، تلتها جبهة الجاح بمديرية بيت الفقيه، ثم جبهة حيس، ثم مدينة الحديدة وجبهة التحيتا.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».