الخرطوم تدعو لتدويل مفاوضات سد النهضة بـ«وساطة أممية»

إثيوبيا تجدد تمسكها بسحب السودان لقواته قبل أي تفاوض

سد النهضة (رويترز)
سد النهضة (رويترز)
TT

الخرطوم تدعو لتدويل مفاوضات سد النهضة بـ«وساطة أممية»

سد النهضة (رويترز)
سد النهضة (رويترز)

شددت الخرطوم من لهجتها تجاه النزاع مع إثيوبيا حول «سد النهضة»، ودعت إلى إشراك أطراف دولية للتوسط بشأنه، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والأوروبي وأميركا. وفي غضون ذلك، أكدت إثيوبيا مجدداً تمسكها بسحب السودان لجنوده من المناطق التي استعاد السيطرة عليها قرب الحدود بين البلدين، قبل الدخول في أي تفاوض لإنهاء النزاع الحدودي الدائر بين البلدين منذ السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
ودأب السودان باستمرار على رفض طلب إثيوبيا الانسحاب، مؤكداً تمسكه هو الآخر بحقه في السيادة على أراضيه التي استعادها من إثيوبيا التي كانت تسيطر عليها منذ أكثر من 25 عاماً، ونفى بشدة الادعاءات الإثيوبية حول الاعتداء على حدودها، مشدداً على أن قواته أعادت الانتشار داخل حدودها الدولية، فيما قطع قادة عسكريون بأن القوات السودانية «لن تنسحب من شبر واحد» من أراضيها، بعد أن استعادته من إثيوبيا.
ويؤكد السودان باستمرار أن الحدود بينه وإثيوبيا مرسمة وفقاً لاتفاقيات دولية، مشيراً إلى أن المشكل الوحيد المتبقي هو إعادة وضع العلامات الحدودية، وتقريب المسافات بين العلامة والأخرى، بحيث تُرى بالعين المجردة. ومن هذا المنطلق، يرفض الدخول مع إثيوبيا في أي تفاوض جديد بشأن الحدود.
ومن جانبها، قالت المتحدثة باسم الخارجية الإثيوبية، دينا مفتي، أمس (الثلاثاء)، إن بلادها متمسكة بعودة القوات السودانية إلى الوضع الذي كان قبل 6 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وذلك قبل الدخول في أي حوار على الحدود، على الرغم من قناعتها بأن الحوار هو الأنسب لحل النزاع الحدودي مع السودان.
وطلب السودان من إثيوبيا، مطلع الأسبوع الحالي، في بيان شديد اللهجة صادر عن الخارجية، الكف عما أطلق عليه «ادعاءات إثيوبية لا يسندها حق ولا حقائق»، وأكد أنه «لا يمكنه ائتمان إثيوبيا وقواتها في المساعدة على بسط الأمن والسلام، في الوقت الذي تعتدي عليه عبر الحدود»، في إشارة إلى قوات الأمم المتحدة (يونسيفا) لمراقبة حماية منطقة أبيي المتنازع عليها بين السودان وجنوبه، المكونة من جنود إثيوبيين.
ونقلت «الشرق الأوسط» وقتها عن الخارجية السودانية وصفها لتصريحات المسؤول الإثيوبي بـ«المؤسفة التي تخون تاريخ علاقات البلدين... وتحط في وصف السودان إلى درجة الإهانة التي لا تغتفر».
ومن جهة أخرى، دعا وزير الري والموارد المائية السوداني، ياسر عباس، إلى أن يكون «سد النهضة» الإثيوبي وسيلة للتعاون الإقليمي، بدلاً من تحوله لبؤرة للنزاع السياسي بين بلاده وإثيوبيا ومصر.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سونا) عن عباس قوله، مساء أول من أمس، إن إعلان إثيوبيا بدء الملء الثاني للسد في يوليو (تموز) المقبل «يشكل تهديداً مباشراً لتشغيل (سد الروصيرس) السوداني، ويؤثر على مشاريع الري ومحطات مياه الشرب» الواقعة على النيل الأزرق، ابتداء من الحدود الإثيوبية حتى مدينة عطبرة (شمال السودان).
وحذر عباس من مخاطر جمة تلحق بنحو 20 مليون سوداني يهددهم الملء الأحادي للسد، بقوله: «نأمل في التوصل إلى اتفاق قبل الملء الثاني، بصفته مهدداً خطيراً للأمن القومي السوداني»، كاشفاً عن اتخاذ وزارته عدة احتياطات فنية ودبلوماسية لمجابهة احتمالات ملء سد النهضة، وتحرك بلاده الآن بنشاط كبير لتقوية وساطة الاتحاد الأفريقي، وإدخال الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وأميركا للعب دورهم، بصفتهم وسطاء، في أزمة «سد النهضة».
ويرفض السودان بشدة الملء الأحادي لـ«سد النهضة»، ويشترط قبل بدئه التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم للبلدان الثلاثة، وهو الأمر الذي رفضته إثيوبيا، واضطرت بسببه الخرطوم إلى مقاطعة آخر المفاوضات الثلاثية التي عقدت في العاشر من يناير (كانون الثاني) الماضي.
وتمسك السودان خلال تلك الاجتماعات بموقفه الداعي إلى تكليف خبراء الاتحاد الأفريقي الذين يشاركون في جلسات التفاوض بصفتهم خبراء، بطرح حلول للقضايا الخلافية لبلورة اتفاق على «سد النهضة»، وهو الطرح الذي تحفظت عليه كل من مصر وإثيوبيا.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.