«محاولة اغتيال» باشاغا تُجدّد دعوات «تفكيك الميليشيات»

أميركا تدعم دعوة المبعوث الأممي لدى ليبيا لاحترام «خريطة الطريق»

وزير داخلية «الوفاق» فتحي باشاغا (رويترز)
وزير داخلية «الوفاق» فتحي باشاغا (رويترز)
TT

«محاولة اغتيال» باشاغا تُجدّد دعوات «تفكيك الميليشيات»

وزير داخلية «الوفاق» فتحي باشاغا (رويترز)
وزير داخلية «الوفاق» فتحي باشاغا (رويترز)

فور تعرض فتحي باشا أغا، وزير الداخلية بحكومة «الوفاق» الوطني الليبي، لـ«عملية اغتيال» تصاعدت دعوات محلية ودولية تطالب بـ«تفكيك الميليشيات» المسلحة، والتأكيد على إنجاز «خريطة الطريق» الأممية، التي تتمسك بإجراء الانتخابات العامة في 24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
ويرى كثير من الليبيين أن الميليشيات المسلحة في غرب البلاد «خرجت فائزة ودون محاسبة عن جرائمها بالعاصمة»، طوال السنوات العشر الماضية، مشيرين إلى أن بعض هذه المجموعات يسعى لنيل مناصب في الحكومة الجديدة.
وجددت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا التأكيد على ضرورة تفكيك من سمتهم «الجماعات الإجرامية»، وقالت في بيان لجميع البعثات الدبلوماسية للدول الأعضاء بـ«الاتحاد الأوروبي»، مساء أول من أمس، إنها «تشعر بقلق إزاء الحادث الأمني، الذي وقع لموكب باشاغا»، داعية جميع الأطراف الفاعلة إلى «التهدئة ووقف التصعيد في هذا الوقت الحساس بشكل خاص، فضلا عن إجراء تحقيق شامل لتحديد المسؤولين عن هذا الحادث الخطير».
وأضافت البعثة الأوروبية أن «مثل هذه الأعمال هي تذكير قوي بالعمل المهم، الذي لا يزال يتعين القيام به لتفكيك الجماعات الإجرامية، وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار المبرم في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ووضع السيطرة الكاملة على قطاع الأمن في يد السلطات الشرعية».
كما شجعت البعثة «الأطراف مجتمعة على تجنب الانقسامات، والالتزام بالعملية السياسية، التي تفضي إلى الانتخابات المتفق على موعدها»، وقالت إن «خريطة طريق منتدى الحوار السياسي الليبي، واتفاق وقف إطلاق النار هما السبيل الوحيد للمضي قدماً».
في سياق ذلك، قال عضو المجلس الأعلى للدولة أحمد لنقي، أمس، إن «انتشار السلاح بيد الجماعات المسلحة، التي تعد خارج القانون، واحتضان بعض هذه الجماعات هما سبب تمردها على السلطة، وعدم احترامها للجهات الرسمية». مشيرا إلى أن «هذه الظاهرة ستنتهي عند توحيد المؤسستين العسكرية والأمنية... وهذا سيحدث بكل تأكيد، بعون الله، نتيجة التفاهمات المحلية والدولية، التي ترى في استقرار ليبيا خدمة لمصالحها الأمنية والاقتصادية».
وبددت الميليشيات المسلحة الهدوء، الذي ساد العاصمة منذ توقف الحرب على طرابلس، بعد «محاولة اغتيال» باشاغا. وقال مسؤول سياسي بشرق ليبيا إن «أي عملية سياسية تتم في ليبيا دون تفكيك الميليشيات، وتسليم أسلحتها إلى الحكومة الجديدة، ستظل مرهونة بتحرك هذه المجموعات، وقدرتها على إشعال النيران، والعودة للاشتباكات مجدداً».
وقال باشاغا في وقت سابق، أمس، إن الهجوم الذي تعرض له موكبه الأحد الماضي «لم يكن صدفة»، بل كان محاولة اغتيال «خُطط لها جيداً». لكن جهاز «دعم الاستقرار»، التابع للمجلس الرئاسي، نفى تعرض باشاغا لأي محاولة اغتيال.
وبينما تمسك المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا، يان كوبيش، بالتزام الأمم المتحدة الكامل بخريطة الطريق، التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي، وحث الأطراف الليبية على المضي قدماً في تنفيذها، أكد سفير الولايات المتحدة لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، أمس، على دعم بلاده بـ«شكل كامل» لكوبيش في دعوته للمؤسسات الليبية باحترام خريطة الطريق، التي أقرّها ملتقى الحوار السياسي، «وما يتبع ذلك من اتخاذ الخطوات التالية المؤدية إلى انتخابات ديسمبر (كانون الأول)، بما في ذلك إعادة عقد مجلس النواب في أقرب وقت لمنح الثقة».
وأثنى كوبيش على اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) لما قامت به من عمل يُحتذى في تنفيذ مهمتها، وشجعها على مواصلة التقدم، واتخاذ مزيد من الخطوات نحو إعادة فتح الطريق الساحلي، داعياً جميع الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتها، وتوفير الدعم اللازم لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وقرارات مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة ذات الصلة، بما في ذلك خروج القوات الأجنبية و«المرتزقة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.