«الداخلية» المغربية تؤكد التزامها تنظيم الانتخابات في مواعيدها

لفتيت قال إنها ستتم في سياق تحدي «كوفيد ـ 19» وتطورات قضية الصحراء

TT

«الداخلية» المغربية تؤكد التزامها تنظيم الانتخابات في مواعيدها

قال وزير الداخلية المغربي، عبد الوافي لفتيت، أمس (الثلاثاء)، إن بلاده ملتزمة بالإعداد للانتخابات المقبلة في مواعيدها الدستورية والقانونية، سواء التشريعية منها أو الجهوية أو المحلية أو المهنية.
وأشار لفتيت الذي كان يتحدث أمس أمام لجنة الداخلية بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) إلى أن الانتخابات المقبلة ستتم في سياق يتسم بتحديين: يتعلق الأول بتجنيد السلطات لمواجهة تفشي وباء «كوفيد-19»، وما يفرضه ذلك من تجنيد للموارد؛ والثاني يتعلق بالتطورات التي تعرفها قضية الصحراء المغربية.
وبعد أن استعرض وزير الداخلية النصوص التنظيمية المتعلقة بالانتخابات، حث المؤسسة التشريعية على التعجيل بالمصادقة على مشروعي قانونين يتعلقان بالمراجعة الاستثنائية للوائح الانتخابية العامة، ومراجعة اللوائح الانتخابية للغرفة المهنية، حتى يتسنى عرضهما على الدورة الاستثنائية البرلمانية بعد الدعوة إليها في أقرب الآجال، مشيراً إلى أن الغاية من ذلك هي «إتاحة الشروع في مراجعة اللوائح الانتخابية في القريب العاجل، حتى تكون الهيئة الناخبة جاهزة، مما سيمكن من تحديد الجدولة الزمنية اللازمة للانتخابات، واختيار التوقيت الملائم لتحديد تواريخ مختلف العمليات الانتخابية حتى تمر في أحسن الظروف».
وذكر لفتيت أن مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب يطرح تصوراً بديلاً بالنسبة إلى الدائرة الانتخابية الوطنية، بتعويضها بدوائر انتخابية جهوية. وقال إن المشروع يقترح تخصيص 3 مقاعد عدداً أدنى لكل دائرة جهوية، وتوزيع المقاعد المتبقية (54 مقعداً) بحسب عدد السكان، على ألا يزيد العدد الأقصى للمقاعد على 12 في أكبر دائرة جهوية. ومن ثم، يقترح المشروع توزيع المقاعد بشكل يخول 3 مقاعد للدائرة الانتخابية الجهوية التي يقل عدد سكانها عن 250 ألف نسمة، و5 مقاعد للدائرة التي يتراوح عدد سكانها بين 250 ألفاً وأقل من مليون نسمة، و6 مقاعد للدائرة التي يتراوح عدد سكانها بين مليون وأقل من مليوني نسمة، و7 مقاعد للدائرة التي يتراوح عدد سكانها بين مليونين وأقل من 3 ملايين نسمة، و8 مقاعد للدائرة الانتخابية التي يتراوح عدد سكانها بين 3 ملايين وأقل من 4 ملايين نسمة، و10 مقاعد للدائرة التي يتراوح عدد سكانها بين 4 ملايين وأقل من 6 ملايين نسمة، و12 مقعداً للدائرة الانتخابية التي تضم 6 ملايين نسمة أو أكثر.
وبهدف تأطير الدوائر الانتخابية الجهوية الجديدة، وتدقيق قواعدها لتحقيق الغاية النبيلة المتوخاة منها، قال لفتيت إن المشروع ينص على ضوابط تهم اعتماد لائحة ترشيح موحدة على صعيد الجهة، من دون تقسيمها إلى جزأين، ووجوب أن تشتمل كل لائحة ترشيح على أسماء مترشحات، لا يقل عددهن عن ثلثي عدد المقاعد الواجب ملؤها في كل دائرة انتخابية جهوية، مما سيمكن من إدراج أسماء مترشحين ذكور ضمنها، في حدود ثلث المقاعد (الشباب، والأطر، وأفراد الجالية).
وأضاف لفتيت أن المشروع يخصص المرتبتين الأولى والثانية في كل لائحة ترشيح حصرياً للنساء، ولا يحول ذلك دون حقهن في الترشح برسم المقاعد المحددة للدوائر الانتخابية المحلية، واشتراط التسجيل في اللوائح الانتخابية لإحدى الجماعات (البلديات) الواقعة في النفوذ الترابي للجهة المعنية بالترشيح لضمان تمثيلية جهوية حقيقية، مشيراً إلى أن المشروع ينص على تجريد عضوية كل نائب تخلى خلال مدة انتدابه عن الانتماء إلى الحزب السياسي الذي ترشح باسمه، بهدف ضمان الالتزام السياسي للمنتخبين، لافتاً إلى أن الإجراء نفسه ينطبق على كل نائب تخلى عن الفريق أو المجموعة النيابية التي ينتمي إليها، مع تمكين الحزب السياسي الذي ينتسب إليه النائب المعني من تحريك مسطرة التجريد، عن طريق تقديم ملتمس إلى رئيس مجلس النواب المؤهل قانوناً لإحالة طلب التجريد إلى المحكمة الدستورية.
وعلى صعيد آخر، نص المشروع على إدراج رئاسة مجلس الجماعة (البلدية) التي يتجاوز عدد سكانها 300 ألف نسمة ضمن حالات التنافي مع العضوية في مجلس النواب، وذلك أخذاً بعين الاعتبار للعبر المستخلصة من الممارسة الانتخابية، خاصة فيما يتعلق بصعوبة التوفيق بين الانتداب النيابي والإكراهات المرتبطة بمسؤولية رئاسة الجماعات الكبرى التي تقتضي من الرئيس التفرغ الكامل لتدبير شؤون الجماعة في أحسن الظروف.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.