رسوم تشييد المنازل بوابة حوثية لتمويل المجهود الحربي

مسلحون تابعون للحوثيين في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
مسلحون تابعون للحوثيين في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
TT

رسوم تشييد المنازل بوابة حوثية لتمويل المجهود الحربي

مسلحون تابعون للحوثيين في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
مسلحون تابعون للحوثيين في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

أكدت مصادر محلية في العاصمة اليمنية صنعاء أن الميليشيات الحوثية ابتكرت طريقة جديدة لابتزاز السكان وكسب الأموال بطريقة غير مشروعة لتمويل مجهودها الحربي من خلال فرض رسوم مضاعفة للسماح ببناء المنازل.
وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات تواصل منذ أكثر من 10 أيام منع السكان بصنعاء العاصمة ومدن يمنية أخرى تحت سيطرتها من القيام بأي أعمال بناء أو ترميم أو إصلاحات إلا بعد التزامهم بدفع مبالغ مالية تحت مسميات غير قانونية هدفها جباية الأموال لتمويل حرب الجماعة.
وجاء هذا السلوك الحوثي الجديد في وقت أقرت فيه الميليشيات بشكل تعسفي رفع رسوم وإيجارات عقارات الأوقاف التي تحكم قبضتها عليها بنسبة 200 في المائة.
وتقول المصادر إن قرار الجماعة بمنع عمليات البناء جاء بناء على قرار اتخذته مطلع الشهر الجاري يقضي بمنع أي أعمال أو إنشاءات أو تشطيبات في العقارات والأراضي المملوكة لمواطنين في صنعاء.
وباشرت الميليشيات فور اتخاذ ذلك القرار بإرسال دوريات مسلحة لاحتجاز العشرات من المواطنين بمناطق متفرقة من العاصمة الذين يقومون بعمليات بناء وتشييد في أراضيهم وعقاراتهم وإجبارهم على التوقف وعدم مزاولة العمل إلا بعد الالتزام بدفع مبالغ مالية مضاعفة، بحسب ما قالته المصادر.
وذكر سكان تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن قرار الجماعة لم يكن مستغربا لجهة نهجها المستمر في ابتزاز المواطنين وتكديس الأموال لمشرفيها وكبار قادتها وتمويل حروبها ضد اليمنيين.
وبحسب ملاك أراضي وعقارات بصنعاء، فقد شمل تعسف الانقلابيين أيضا منع بيع وشراء الأراضي والعقارات، إلى جانب منع البناء في الأراضي التي جرى شراؤها بوقت سابق.
وكشفوا أن حملة المنع التي نفذتها الجماعة على مدى الأيام القليلة الماضية طالت عددا كبير من ملاك العقارات والأراضي في صنعاء العاصمة وريفها ومحافظات كل من إب وذمار وعمران وغيرها، وأسفر بعضها عن اعتقال العشرات منهم وإيقاف عملية البناء والتشييد بشكل شبه كلي. وأفاد مالك عقار بصنعاء، اكتفى بالترميز لاسمه بـ(أحمد.ع) بأنه تفاجأ قبل أيام أثناء ما كان يجري بعض التشطيبات في عمارته المكونة من عدة طوابق وسط صنعاء بوصول دورية حوثية على متنها خمسة مسلحين وقيامها باحتجازه ومنعه من مواصلة العمل وتهديد العمال بالاحتجاز حال عدم مغادرتهم العمارة. وتحدث لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الجماعة قامت بالإفراج عنه عقب يومين من الاحتجاز مقابل التزامه بدفع مبلغ مليون ريال لمصلحة عناصر الجماعة (الدولار حوالي 600 ريال).
وعلى صعيد استمرار الجماعة في اتخاذ حزمة من القرارات والإجراءات التعسفية الهادفة لاستكمال فرض سيطرتها الكاملة على العقارات الخاصة والعامة وتسخيرها كافة لمصلحة كبار قادتها ومشرفيها، ذكرت مصادر مطلعة بأن الميليشيات أقرت مطلع فبراير (شباط) الجاري رفع رسوم وإيجارات عقارات الأوقاف التي تسيطر عليها في العاصمة صنعاء بنسبة 200 في المائة.
واعتبرت المصادر في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك الإجراء جاء بعد أيام من تعيين القيادي المقرب من زعيم الجماعة المدعو عبد المجيد الحوثي على رأس هيئة الأوقاف المستحدثة دون سند قانوني لإنشائها.
ويرى مراقبون أن الجماعة تسعى من وراء الزيادة المضاعفة في إيجارات العقارات المملوكة للدولة بالدرجة الأساسية إلى دفع المستأجرين (أغلبهم موظفون ومن ذوي الدخل المحدود) للتخلي عنها، الأمر الذي يسهل على قادتها ومشرفيها عملية الاستيلاء عليها ونقل ملكيتها لصالحهم بدلاً من كونها عقارات أوقاف تعود ملكيتها الدولة. كما تعد مطامع الجماعة في الاستيلاء على عقارات وممتلكات الأوقاف من ضمن الأسباب الرئيسية التي جعلت قادتها البارزين يستحدثون هيئة جديدة أطلقوا عليها مسمى «هيئة الأوقاف» وأوكلوا مهام إدارتها لأحد أبرز أقارب زعيمهم.
وكانت الميليشيات، وكيل إيران في اليمن، أنشأت مؤخراً هيئة جديدة للأوقاف بمناطق سيطرتها بقرار أصدره رئيس مجلسها الانقلابي المدعو مهدي المشاط.
وأكد محامون وقانونيون حينها أن الجماعة تسعى من خلال تعديل القوانين وإنشاء الهيئات إلى فرض المزيد من السيطرة والاستحواذ على الأراضي والعقارات التابعة للدولة بعموم مناطق سيطرتها من جهة، وكذا شرعنة نهبها لأموال وممتلكات اليمنيين حتى تتحول مع الأيام إلى إرث أسري بسجلات مكتوبة كحق للناهب الأول، كما هو حال الأموال التي نهبها الأئمة الأوائل ليتوارثها أحفادهم.
وبحسب المحامين والقانونيين تهدف هيئة الانقلابيين المستحدثة إلى تكوين مؤسسة موازية جديدة مستقلة حتى عن الوزارة والمؤسسات والهيئات الانقلابية التي تخضع بقوة السلاح لإدارة وسيطرة الجماعة.
وعلى مدى السنوات الماضية التي أعقبت الانقلاب، أطلق الحوثيون حملة نهب وبسط واسعة طالت أراضي وعقارات وممتلكات الدولة والمواطنين بمناطق سيطرتهم، ولطمس تلك السلسلة من الجرائم والاعتداءات لجأت الجماعة عبر أدواتها إلى إحراق الأرشيف الوطني التابع لوزارة الأوقاف في صنعاء.
وقدرت تقارير محلية في السابق بأن عمليات الاستيلاء والسطو الحوثية طالت منذ الانقلاب أكثر من 80 في المائة من أراضي وعقارات وممتلكات الدولة في كل من العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة.
وأشارت بعض التقارير إلى أن الجماعة أقرت منذ مطلع العام الماضي منع بيع وشراء الأراضي والعقارات بعموم مناطق سيطرتهم وشنت على خلفية ذلك حملة اختطافات لعشرات الأمناء الشرعيين وأقرت مقابل ذلك إجراءات جديدة تضمن تحكمها الكامل بالعملية.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الاثنين، إن هناك خطة لتوسيع الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان لتشمل دولاً أخرى.

وفي كلمة، خلال افتتاح مؤتمر سفراء العراق الثامن حول العالم في بغداد، أكد الوزير أنه يجب تكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي تهديد أو عدوان محتمل» على العراق.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد قال، الأسبوع الماضي، إنه بعث رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي حثَّ فيها على اتخاذ إجراء فوري للتصدي لأنشطة الجماعات المسلَّحة المُوالية لإيران في العراق، قائلاً إن الحكومة العراقية مسؤولة عن أي أعمال تحدث داخل أراضيها أو انطلاقاً منها.

كما ذكرت تقارير إعلامية أميركية، في وقت سابق من هذا الشهر، أن إدارة الرئيس جو بايدن حذرت الحكومة العراقية من أنها إذا لم تمنع وقوع هجوم إيراني من أراضيها على إسرائيل، فقد تواجه هجوماً إسرائيلياً.

وشنت إسرائيل هجوماً على منشآت وبنى تحتية عسكرية إيرانية، الشهر الماضي؛ رداً على هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، وذلك بعد أن قتلت إسرائيل الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية المتحالفة مع إيران، حسن نصر الله، في سبتمبر (أيلول) الماضي.