الأمير تشارلز يخرج عن صمته ويعبر عن استيائه من كتاب «تشارلز: قلب ملك»

الكتاب يجدد الجدل حول استعداد أمير ويلز لتولي العرش

الأمير تشارلز رسم لنفسه دورا مميزا وبارزا في الحياة العامة من خلال مشاركته في مسائل تثير اهتمامه (أ.ف.ب)
الأمير تشارلز رسم لنفسه دورا مميزا وبارزا في الحياة العامة من خلال مشاركته في مسائل تثير اهتمامه (أ.ف.ب)
TT

الأمير تشارلز يخرج عن صمته ويعبر عن استيائه من كتاب «تشارلز: قلب ملك»

الأمير تشارلز رسم لنفسه دورا مميزا وبارزا في الحياة العامة من خلال مشاركته في مسائل تثير اهتمامه (أ.ف.ب)
الأمير تشارلز رسم لنفسه دورا مميزا وبارزا في الحياة العامة من خلال مشاركته في مسائل تثير اهتمامه (أ.ف.ب)

على غير عادته، أبدى الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا عدم رضاه على الكتاب الجديد الذي يروي قصة حياته والذي جاء فيه أن الملكة إليزابيث متخوفة من آرائه والصريحة حال توليه عرش المملكة المتحدة.
وقال سير ويليام ناي، كبير مساعدي تشارلز، في خطاب أرسل لصحيفة «التايمز»، التي تنشر حلقات من الكتاب: «بعد نصف قرن من الحياة العامة، قليلون هم من يمكن مقارنتهم بالأمير تشارلز في فهم طبيعة القيود على الملك الدستوري». وأضاف: «في حال آل إليه العرش فإن أمير ويلز سيكون مسلحا بأفكار وانطباعات استوحاها من والدته وجده مضيفا إليه جانبا من خبرته العملية».
وكان الكتاب قد أثار الجدل مجددا حول ما إذا كان الأمير تشارلز جديرا بتولي عرش المملكة المتحدة؛ نظرا إلى آرائه الصريحة وكونه ناشطا فاعلا.
كما صور الكتاب العائلة المالكة على أنها عائلة تعاني من الخلافات الداخلية، وأن ولي العهد غير مرتاح للحيادية التي ميزت حكم والدته الملكة إليزابيث الثانية. أمضى الأمير تشارلز أكبر أنجال الملكة إليزابيث البالغ من العمر 66 عاما حياته في الاستعداد لتولي عرش البلاد.
إلا أنه رسم لنفسه دورا مميزا وبارزا في الحياة العامة من خلال مشاركته في مسائل تثير اهتمامه ومن بينها مشكلات الشباب وقضايا البيئة والطب البديل.
من المقرر أن يصدر الكتاب وهو بعنوان «تشارلز: قلب ملك» يوم الخميس عن المؤلفة كاثرين مايير، وهي الرئيسة السابقة لمكتب صحيفة «تايم» الأميركية في لندن. وتزعم المؤلفة أن تشارلز يستعد لتولي العرش «دون أن يشعر بالبهجة»، كما أنه لا رغبة لديه في تولي منصب سيحد من قدرته على التحدث بصراحة.
وكتبت تقول إن تشارلز «غير متحمس مطلقا لتولي العرش، وهو يشعر بثقل هذه المهمة وبالقلق من تأثيرها على العمل الذي يقوم به الآن».
ويقول الكتاب، إن الأمير تشارلز يشعر «بقلق فطري»، وإن مقره في كلارنس هاوس، حيث يعمل 161 موظفا يشهد نزاعات على المناصب المسؤولة.
وتضيف أن «الرئيس» كما يسميه موظفوه يتردد في إخفاء آرائه ومواقفه حول قضايا من بينها العمارة والدين والزراعة العضوية والتغير المناخي.
وصرح للمؤلفة: «أنا أختار فقط أصعب التحديات لأنني أريد شحذ التطلعات وإعادة إحياء الأمل من بين أنقاض اليأس، وأن أصنع الصحة من الحرمان».
وتضيف الكاتبة التي تصف تشارلز بأنه «رجل صاحب رسالة، وفارس لديه مهمة يسعى وراءها». إنه رغم ذلك «فإن تشارلز سيكون له دائما ناقدون يعتبرونه طفيليا وشخصا غريب الأطوار وعاشقا للطبيعة».
ويتردد أن الأمير فيليب والد الأمير تشارلز يعتقد أن ابنه «يتصرف بأنانية»؛ لأنه يضع «المسائل التي تثير شغفه الفكري» فوق واجباته الملكية.
ومن جانبه، أكد كلارنس هاوس أنه لم يصرح بتأليف كتاب السيرة ويحتفظ بحق اتخاذ إجراء قانوني.
وقالت متحدثة باسم المقر: «إن التكهنات بشأن الدور المستقبلي لأمير ويلز كملك تنتشر منذ عقود، وهو أمر لم نعلق عليه، ولن نعلق عليه الآن».
وسمح لمايير بإجراء مقابلة قصيرة مع تشارلز وهي تستشهد بالكثير من أصدقائه المقربين والمساعدين والمعارضين دون الكشف عن أسمائهم.
ويستخدم ناقدو الكتاب بشكل مماثل هؤلاء الأشخاص المجهولين لدحض الكثير مما جاء فيه. ونقلت صحيفة «ديلي تلغراف» عن مصدر قوله: «ما يقوله الناس الذي يزعمون أنهم يعرفون ما يفكر به (الأمير) هو مجرد تكهنات».
وقال محرر الكتاب دبليو إتش ألين، إن الكتاب يكشف عن «رجل يتطلع إلى السعادة، ولكنه لا يزال مدفوعا بالقلق، وملهما بالآراء الشغوفة التي تعني أنه لن يكون أبدا بعيدا ومحايدا كوالدته».
والمشكلة هي أنه في بريطانيا يتولى الملك العرش، ولكنه لا يحكم البلاد، حيث تمسك الحكومة المنتخبة ديمقراطيا بالسلطة الفعلية.
ومن المؤكد أن التكهنات بشأن تصرفات الأمير ستظهر مجددا الشهر المقبل عندما تقرر المحكمة العليا ما إذا كانت الرسائل الخاصة التي كتبها الأمير بخط يده إلى وزراء الحكومة، والتي تعرف بـ«مذكرات العنكبوت الأسود» بسبب كثرة الحواشي في صفحاتها، يجب أن تنشر على العلن.
وتسعى صحيفة «الغارديان» إلى نشر تلك الرسائل وتشتبه بأن الأمير تشارلز يحاول ممارسة نفوذ على وزراء الحكومة خارج نطاق صلاحياته.
وصرح روبرت جوبسون، الخبير في الشؤون الملكية، لوكالة «الصحافة الفرنسية»، بأن الجدل حول الأمير تشارلز هو زوبعة في فنجان، حيث إن الأمير مدرك للواجبات المترتبة على تسلمه العرش أكثر من أي شخص آخر.
وقال جوبسون، محرر الشؤون الملكية في صحيفة «لندن إيفننغ ستاندرد»، إن كون الأمير ناشطا في عدة مجالات «ليس مشكلة في الوقت الحالي لأنه ليس الملك».
وأضاف: «لو تصرف بمثل هذه الطريقة عندما يصبح ملكا، وتحدث بهذه الصراحة، فإن ذلك قد يمثل مشكلة، ولكنني لا أتوقع أن يحدث ذلك».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».