ميانمار تشيع أول ضحية للتظاهرات... و«فيسبوك» يحذف صفحة الجيش

متظاهرون يتجمعون في العاصمة رانغون (إ.ب.أ)
متظاهرون يتجمعون في العاصمة رانغون (إ.ب.أ)
TT

ميانمار تشيع أول ضحية للتظاهرات... و«فيسبوك» يحذف صفحة الجيش

متظاهرون يتجمعون في العاصمة رانغون (إ.ب.أ)
متظاهرون يتجمعون في العاصمة رانغون (إ.ب.أ)

تستعد ميانمار، اليوم (الأحد)، لتشييع جثمان شابة تبلغ من العمر عشرين عاماً هي أول ضحية للقمع العسكري للتظاهرات وأصبحت رمزاً للمقاومة المناهضة للمجموعة الانقلابية، غداة أعمال عنف سقط فيها قتيلان وكانت الأكثر دموية منذ الانقلاب.
ويفترض أن يتم تشييع جثمان الشابّة ميا ثواتي ثواتي خينع التي كانت تعمل في البقالة وتوفيت الجمعة متأثرة بجروح أصيبت بها في التاسع من فبراير، في العاصمة الإدارية نايبيداو.
وقد بدأت مراسم تكريم في رانغون العاصمة الاقتصادية للبلاد، حيث يرتل متظاهرون صلاة بوذية. وقد وضعوا أمس وروداً بيضاء وحمراء أمام صورتها مع رسائل صغيرة كتب عليها «أنتِ شهيدتنا»، و«لن ننساكِ».
وقالت يي لين تون التي تعمل في منظمة غير حكومية: «لا يمكننا حضور جنازتها لذلك نصلي من أجلها». وصرح متظاهر يبلغ من العمر 26 عاماً: «نحن مستعدون للموت وسنقاتل حتى النهاية»، مؤكداً أنه «إذا شعرنا بالخوف فلن ننجح» في وضع حد لعنف الجيش.
وبعد نحو ثلاثة أسابيع من الانقلاب الذي وقع في الأول من فبراير (شباط)، لم تضعف التعبئة المطالبة بالديمقراطية، في المدن الكبرى وكذلك القرى النائية في البلاد، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
ويتظاهر آلاف البورميين اليوم، بالقرب من الحرم الجامعي الرئيسي في رانغون العاصمة الاقتصادية، بينما تجمع محتجون في مدينة ماندالاي التي شهدت أقسى حملة قمع منذ الانقلاب.
وفي هذه المدينة الواقعة في وسط البلاد، أطلقت الشرطة النار على المتظاهرين المناهضين للمجموعة العسكرية الذين جاءوا لدعم عمال يقومون بإضراب في حوض لبناء السفن، تلبية للدعوات إلى العصيان المدني التي أطلقت ضد الانقلاب.
كما أعلن موقع «فيسبوك» أنه حذف اليوم (الأحد) الصفحة الرئيسية لجيش ميانمار بموجب معاييرها التي تحظر التحريض على العنف، وقال ممثل لـ«فيسبوك» في بيان: «تماشياً مع سياساتنا العالمية، حذفنا صفحة فريق معلومات تاتمادا من (فيسبوك)، بسبب الخرق المتكرر لمعايير أوساطنا التي تحظر التحريض على العنف ...».
ويشتهر جيش ميانمار باسم تاتمادا. ولم تعد صفحته متاحة اليوم (الأحد).
وكان التوتر تصاعد بسرعة، أمس (السبت) في ماندالاي (وسط) بين الشرطة والمتظاهرين المناهضين للمجموعة العسكرية الذين انضم إليهم عمال حوض بناء السفن. وخوفاً من اعتقال هؤلاء العمال، رشق متظاهرون بمقذوفات قوات الأمن التي ردت بإطلاق النار.
وقال هلاينغ مين أو رئيس فريق المسعفين المتطوعين: «قتل شخصان أحدهما قاصر أصيب برصاصة في رأسه، وسقط نحو ثلاثين جريحاً»، مشيراً إلى أن «نصف الضحايا استُهدفوا برصاص حي»، فيما أصيب آخرون بأعيرة مطاطية وحجارة.
وأكد أطباء يعملون في الميدان طلبوا عدم كشف أسمائهم خشية تعرضهم لأعمال انتقامية أنه تم استخدام رصاص حي.
ولم تأتِ صحيفة «غلوبال نيو لايت أوف ميانمار» الحكومية على ذكر القتيلين، بل انتقدت السلوك «العدواني» للمتظاهرين، وقالت إن ثلاثة جنود وثمانية شرطيين جرحوا.
وقالت واحدة من السكان لوكالة الصحافة الفرنسية وهي تبكي: «ضربوا زوجي وأطلقوا النار عليه وعلى آخرين». وأضافت: «كان يراقب فقط، لكنّ الجنود اقتادوه».
وذكرت وسائل إعلام محلية أنه تم اعتقال أكثر من عشرة أشخاص. ولم يتسن الاتصال بالشرطة للحصول على تعليق على هذه المعلومات.
تبدو البلاد في حالة صدمة. وكتب ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي: «أين العدالة؟»، و«أوقفوا الإرهاب»، و«كم من الأرواح يجب أن تُزهق قبل أن يتحرك العالم؟».
وأثار التصعيد في العنف سلسلة من الإدانات الدولية الجديدة. فقد أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في تغريدة على «تويتر» في وقت متاخر أمس (السبت)، أنه يدين «استخدام القوة المميتة والترهيب والمضايقة ضد متظاهرين سلميين» في بورما، مؤكداً أن ذلك «أمر غير مقبول».
ودعا وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الجيش والشرطة البورميين، إلى «وقف فوري للعنف ضد المدنيين»، مشيراً إلى أن الاتحاد الأوروبي «سيتخذ القرارات المناسبة».
ومن المقرر أن يجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي غداً (الاثنين)، لمناقشة عقوبات محتملة.
وحذر عدد من المنظمات غير الحكومية من أن الإجراءات العقابية التي تستهدف جنرالات محددين فقط - كما الحال مع العقوبات التي أعلنت عنها الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا - لن تكون كافية، ودعت إلى استهداف المؤسسات القوية التي يسيطر عليها الجنرالات.
وترى بكين وموسكو الحليفتان التقليديتان للجيش البورمي في الأمم المتحدة، أن الأزمة «شأن داخلي» للبلاد.
وتتجاهل المجموعة العسكرية الإدانات وتواصل الاعتقالات التي تطال سياسيين وناشطين ومضربين. وذكرت منظمة غير حكومية لمساعدة السجناء السياسيين أن نحو 570 شخصاً اعتقلوا منذ الأول من فبراير. ولم يتم الإفراح سوى عن أربعين منهم فقط.
وقد اعتقل أمس الممثل لو مين الذي يشارك في التظاهرات في رانغون، حسبما أعلنت زوجته على شبكات التواصل الاجتماعي.
وقطعت شبكة الإنترنت لليلة السابعة على التوالي قبل أن تعود في الصباح. ومع ذلك وبالتزامن مع الاحتجاجات في الشوارع، تتواصل الدعوات إلى العصيان المدني مع استمرار إضراب الأطباء والمعلمين ومراقبي الحركة الجوية وعمال السكك الحديد.
ويطالب المتظاهرون بإلغاء الدستور الذي يميل إلى حد كبير لمصلحة الجيش وبعودة الحكومة المدنية والإفراج عن المعتقلين وبينهم أونغ سان سو تشي (75 عاماً).
ووجهت إلى الحاكمة الفعلية للبلاد الممنوعة من التواصل مع أي طرف والمحتجزة في مكان سري منذ توقيفها، اتهامات غير سياسية من بينها استيراد أجهزة اتصالات لاسلكية «بشكل غير قانوني» وانتهاك قانون لإدارة الكوارث الطبيعية.
ولتبرير الانقلاب، تحدث العسكريون عن حصول عمليات تزوير خلال الانتخابات التي جرت في نوفمبر (تشرين الثاني) وحقق فيها حزب سو تشي فوزاً كاسحاً.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».