دبيبة يضع شروطاً لوزراء حكومته... وسرت تستعد لجلسة البرلمان

إشادة أممية بدور «الوطني الليبي» في حماية السلطة الجديدة

المشير حفتر مستقبلاً كوبيش رئيس البعثة الأممية لدى ليبيا في بنغازي أول من أمس (القيادة العامة)
المشير حفتر مستقبلاً كوبيش رئيس البعثة الأممية لدى ليبيا في بنغازي أول من أمس (القيادة العامة)
TT

دبيبة يضع شروطاً لوزراء حكومته... وسرت تستعد لجلسة البرلمان

المشير حفتر مستقبلاً كوبيش رئيس البعثة الأممية لدى ليبيا في بنغازي أول من أمس (القيادة العامة)
المشير حفتر مستقبلاً كوبيش رئيس البعثة الأممية لدى ليبيا في بنغازي أول من أمس (القيادة العامة)

بينما جدد رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية، عبد الحميد دبيبة، تعهده بتشكيل حكومة وطنية، ووضع شروط على وزرائها لضمان التمثيل العادل، استمر التجاذب داخل مجلس النواب بشأن إمكانية عقد جلسة في مدينة سرت لمنح الثقة للحكومة. وفي غضون ذلك أكد يان كوبيش، رئيس البعثة الأممية لدى ليبيا، خلال اجتماعه مع المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» بمقر قيادته في مدينة بنغازي (شرق) مساء أول من أمس، على «أهمية دور القوات المسلحة في مساعدة السلطة الجديدة على قيادة أزمات البلاد، والوصول بها إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة».
وأكد حفتر في بيان وزعه مكتبه، تضمن صوراً لاجتماع وفد «الجيش الوطني» إلى لجنة «5+5» مع كوبيش والوفد المرافق له، على ضرورة متابعة تنفيذ كامل بنود الاتفاق السياسي، حتى تصل البلاد إلى مرحلة استقرار دائم. ومن جانبه أشاد المبعوث الأممي بـ«سعي القوات المسلحة لحماية عملية السلام في البلاد، وبما حققته اللجنة العسكرية».
وأوضح كوبيش في بيان للبعثة الأممية أنه التقى خلال زيارته الأولى لليبيا بعدد كبير من المسؤولين والفاعلين الليبيين، من بينهم حفتر، وذلك بحضور وفد «الجيش الوطني» المشارك في لجنة «5+5»، مشيراً إلى أنهما اتفقا على أهمية التزام جميع الأطراف في ليبيا بإجراء الانتخابات الوطنية في 24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وتسهيل إجرائها.
كما أبرز أن المناقشات تركزت على سبل الإسراع في التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، الموقع في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بما في ذلك انسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة، وتوحيد المؤسسات العسكرية والأمنية، إضافة إلى مناقشة سبل تسريع فتح الطريق الساحلي.
كما أشاد كوبيش بجهود اللجنة العسكرية، التي خاطب أعضاءها قائلاً: «عملكم الوطني وقراراتكم الشجاعة، والتزامكم الراسخ بمواصلة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، لعب دوراً حاسماً في نجاح ملتقى الحوار السياسي الليبي، وأعاد ليبيا إلى طريق المصالحة والوحدة».
وجدد كوبيش التأكيد على الحاجة الملحة لوقف جميع التدخلات الدولية في ليبيا، وأن تحترم جميع الدول قرارات مجلس الأمن الدولي، بما في ذلك حظر الأسلحة، واحترام إرادة الليبيين بالمقام الأول.
من جانبه، قال دبيبة بخصوص جهود تشكيل الحكومة الجديدة، إنه بحث مع كوبيش، أمس، أهمية المضي قدماً في خارطة الطريق، والمنهجية المتبعة في تشكيل الحكومة وعملها بعد اعتمادها، مؤكداً السعي لاستمرار التواصل والتعاون الإيجابي مع البعثة، بما يخدم مصلحة جميع الليبيين. كان دبيبة قد رفع شعارات «كفى من الحروب والقتال»، خلال كلمة ألقاها مساء أول من أمس في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، حيث أجرى أول زيارة له للمنطقة الشرقية منذ تعيينه، ما وصفه بـ«لقاءات مثمرة» مع المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب وأعضائه، للتشاور حول الاستحقاقات السياسية القادمة، وعملية تشكيل الحكومة.
وقال دبيبة في بيان نقله مكتب الإعلامي، «لن أقبل أي مرشح للحكومة لا يستطيع العمل في جميع أنحاء ليبيا»، موضحاً أنه «يتعين على جميع المرشحين العمل في كامل مناطق ليبيا، وأن يذهبوا إليها»، مضيفاً: «هناك مسؤولية تاريخية على مجلس النواب لمنح الثقة للحكومة»، وأكد بهذا الخصوص أنه سيعلن لاحقاً عن أسماء الوزارات وشاغلي المناصب، عقب الانتهاء من تشكيل الحكومة، التي تجري مداولاتها بصورة غير معلنة.
من جانبه، أكد محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، خلال اجتماعه أمس مع سفير إيطاليا، جوزيبي بوتشينو، على أهمية «تحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا، الذي ينعكس إيجابياً على أمن المنطقة العربية والأوروبية».
وشدد المنفي على أن حكومة دبيبة المقبلة «ستكون حكومة واحدة لكل الليبيين، دون إقصاء أو تهميش، لرغبة أعضاء مجلس النواب ومجلس الدولة الجادة في تحقيق الاستقرار، وبسط الأمن، للوصول إلى الانتخابات في وقتها المحدد».
ورغم استمرار الانقسام بين مجلسي النواب في شرق وغرب ليبيا، لكنهما اتفقا على استشارة اللجنة العسكرية المشتركة، التي تضم ممثلي قوات «الجيش الوطني» وحكومة «الوفاق»، حول إمكانية اختيار سرت مقراً للجلسة المنتظرة للمجلس للبت في منح الثقة للحكومة الجديدة.
من جانبها، أعلنت سلطات مدينة سرت عن اتخاذ إجراءات وترتيبات لعقد جلسة لمجلس النواب بالمدينة خلال الأيام المقبلة، وقرر مجلس المدينة عقب اجتماع عقده رئيسها مع مساعديه، مساء أول من أمس، تشكيل ثلاث لجان للإشراف على هذه الترتيبات.
من جهة أخرى، شارك أمس للمرة الأولى منذ تشكيل حكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج في العاصمة طرابلس نهاية عام 2015، نائبه أحمد معيتيق في اجتماع بمدينة البيضاء (شرق) البلاد، للقاء رئيس مجلس النواب، ومناقشة إقرار أول ميزانية موحدة منذ 2014. كانت اللجنة المالية المشتركة بين وزارتي المالية في حكومتي شرق وغرب البلاد، قد انتهت من إعداد ميزانية تقدر بنحو 80 مليار دينار ليبي.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.