صندوق بنية تحتية لإنقاذ أفريقيا من «مجاعة مالية»

يعمل الاتحاد الأفريقي على تأسيس صندوق لتمويل البنية التحتية وسط إجهاد الجهات المانحة وارتفاع مستويات الدين (رويترز)
يعمل الاتحاد الأفريقي على تأسيس صندوق لتمويل البنية التحتية وسط إجهاد الجهات المانحة وارتفاع مستويات الدين (رويترز)
TT

صندوق بنية تحتية لإنقاذ أفريقيا من «مجاعة مالية»

يعمل الاتحاد الأفريقي على تأسيس صندوق لتمويل البنية التحتية وسط إجهاد الجهات المانحة وارتفاع مستويات الدين (رويترز)
يعمل الاتحاد الأفريقي على تأسيس صندوق لتمويل البنية التحتية وسط إجهاد الجهات المانحة وارتفاع مستويات الدين (رويترز)

قال رايلا أودينغا مسؤول ملف البنية التحتية في الاتحاد الأفريقي، إن التكتل يؤسس صندوقاً لتمويل تشييد الطرق والسكك الحديدية ومحطات الكهرباء التي تشتد حاجة القارة إليها، ليتحول بذلك لمصادر تمويل جديدة بسبب الإجهاد الذي تعاني منه الجهات المانحة وارتفاع في مستويات الدين.
ويقول الاتحاد الأفريقي، إن عجز تمويل البنية التحتية السنوي في القارة يتراوح بين 60 و90 مليار دولار، حسب التقديرات، مما يجعل من الصعب على التكتل التعجيل بتحقيق هدفه المتمثل في دمج الأسواق المنفردة المتباينة لتصبح منطقة تجارة حرة موحدة. وأضاف أودينغا الممثل المعني بالبنية التحتية في الاتحاد لـ«رويترز»: «أفريقيا تعاني من مجاعة مالية عندما يتعلق الأمر بالاحتياج لتطوير البنية التحتية».
ويحول الاتحاد الأفريقي، المؤلف من 55 دولة، نظره حالياً صوب صناديق الثروة السيادية والتقاعد والتأمين في دول مثل جنوب أفريقيا وأنغولا ونيجيريا والمغرب ومصر وكينيا لجمع السيولة. وقال أودينغا، إن الاتحاد سيدعو تلك الصناديق لاستثمار نحو خمسة في المائة من حيازاتها، «وهو ما سيكون أكثر ربحية لهذه المؤسسات من تركها لتلك الأموال دون استغلال».
وأشار إلى أن محادثات تجري مع تلك الصناديق، وأن خبراء الاتحاد الأفريقي يضعون الأسس القانونية والمالية لصندوق البنية التحتية الذي ستديره وكالة تأسست حديثاً، وهي وكالة الاتحاد الأفريقي للتنمية.
يأتي ذلك التحرك بينما أعلن الاتحاد الأفريقي، الأربعاء الماضي، عن انطلاق فعاليات «المنتدى الاقتصادي الدولي العشرون حول أفريقيا» يوم الاثنين الموافق 22 فبراير (شباط) الحالي.
وأوضح الاتحاد الأفريقي، في بيان، أن المنتدى - الذي يجري عبر الفيديو كونفرانس - فرصة لإعادة البناء في أعقاب أزمة جائحة «كورونا»، لاستكمال التركيز على «أجندة 2063» الطموحة، كما سيركز المنتدى على مناقشة دور منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، وتعزيز التحول الإنتاجي للقارة.
ومن بين القضايا المثارة التي يركز عليها المنتدى السياسات المالية ومصادر التمويل الحكومية، إذ يناقش التدخلات المالية والنقدية والمالية التي يمكن أن تحفز الاقتصادات الوطنية، ومقدرة الحكومات الأفريقية على التوسع في تعزيز القاعدة الضريبية ودور شركاء أفريقيا الدوليين في إدارة الدين العام والإجراءات الجديدة لعصر جديد من التعاون مع القارة، كما يناقش المنتدى الاستفادة الكاملة من الزخم الرقمي في أفريقيا لتسريع الانتقال إلى العصر الحديث.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.