بري يضغط لإجراء الانتخابات النيابية الفرعية والعامة

لقطع الطريق على التمديد لعون

TT

بري يضغط لإجراء الانتخابات النيابية الفرعية والعامة

توقف مصدر نيابي أمام الاتصال الذي أجراه رئيس المجلس النيابي نبيه بري بوزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال العميد محمد فهمي، ودعاه فيه إلى تحديد موعد لإجراء الانتخابات النيابية الفرعية لملء الشغور في 10 مقاعد في المجلس، بعد استقالة 8 نواب بعد الانفجار في مرفأ بيروت في 4 أغسطس (آب) الماضي؛ هم مروان حمادة، وهنري حلو، وبولا يعقوبيان، ونديم الجميل، وسامي الجميل، وإلياس حنكش، ونعمة أفرام، وميشال معوض، ووفاة النائبين ميشال المر وجان عبيد، لأن التخلف عن إنجاز هذا الاستحقاق يشكل مخالفة للمادة 41 من الدستور، وكشف أن بري اتصل لهذه الغاية برئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب.
وعلمت «الشرق الأوسط» من المصدر النيابي أن فهمي وعد بدعوة الهيئات الناخبة في مهلة أقصاها أواخر شهر مارس (آذار) المقبل، على أن تُجرى الانتخابات في يونيو (حزيران) المقبل، أي قبل أقل من عام على انتهاء ولاية البرلمان الحالي، فيما تردد دياب في دعوتها بذريعة أن هناك استحالة في إجراء الانتخابات الفرعية بسبب انتشار وباء فيروس «كورونا» الذي يتطلب الالتزام بالتدابير الوقائية ريثما تتمكن الحكومة من تأمين اللقاحات التي بدأت تصل تباعاً لمكافحته.
لكن بري أصر على موقفه ولم يأخذ بذريعة دياب، اعتقاداً منه أن هناك ضرورة لرفع منسوب التدابير والإجراءات الوقائية لتوفير الشروط لإنجاز هذا الاستحقاق سواء بالحفاظ على التباعد الاجتماعي وإلزام الجسم الإداري والأمني الذي يتولى الإشراف على إجراء الانتخابات الفرعية والناخبين على السواء بارتداء الكمامات.
وفي هذا السياق، نقل المصدر النيابي عن بري قوله لدياب إن الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة جرت في ظل انتشار هذا الوباء، مع أن عدد سكانها أكثر من 330 مليون نسمة، فيما يقدر عدد الناخبين في الدوائر الانتخابية المشمولة بإجراء الانتخابات الفرعية بعشرات الألوف في حال أن نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع سجلت أرقاماً مرتفعة.
أما لماذا يصر بري على إجراء الانتخابات الفرعية بعد أن خرقت حكومة تصريف الأعمال المادة 41 من الدستور، خصوصاً بالنسبة إلى ملء الشغور في المقاعد النيابية بعد استقالة 8 نواب، ولم تبادر إلى دعوة الهيئات الناخبة لهذا الغرض، مع أن ترحيلها إلى يونيو أو مايو (أيار) يفتح الباب أمام تصحيح لوائح الشطب بانضمام ناخبين جدد إليها لبلوغهم سن الاقتراع؟
في الإجابة عن السؤال يقول المصدر نفسه إن بري يريد أولاً الرد على الحملات التي استهدفته ومن خلاله البرلمان، متهمة إياه بصرف النظر عن ملء الشغور في المقاعد النيابية، مع أن المسؤولية تقع أولاً وأخيراً على عاتق الحكومة. ويضيف أن الحملة اشتدت أخيراً في ضوء ما صدر من هرطقات دستورية تعتبر أن البرلمان أصبح فاقداً للميثاقية على خلفية تعذر إجراء الانتخابات الفرعية، ويقول إن هذا الاتهام في غير محله طالما أنه يصر على إنجازها، وبالتالي لا يبرر للحكومة تلكؤها في هذا المجال.
ويؤكد أن بري بإصراره على إجراء الانتخابات يصيب أكثر من عصفورين بحجر واحد، ويريد تمرير رسالة لمن يعنيهم الأمر بأن تعذر إجراء الانتخابات النيابية المبكرة، كما يطالب حزبا «الكتائب» و«القوات اللبنانية» في ظل عدم توافر الدوافع الدستورية لإنهاء ولاية البرلمان، لن ينسحب تحت أي اعتبار على إجراء الانتخابات العامة في موعدها في ربيع 2012.
ويرى أن بري الذي يتشارك مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط في تشاؤمه حيال المراوحة القاتلة التي تؤخر تشكيل الحكومة، فإنه في المقابل ضد التمديد للبرلمان لأن إجراء الانتخابات العامة في موعدها يقطع الطريق على الفريق السياسي المحسوب على رئيس الجمهورية ميشال عون الذي بدأ يعد الدراسات لتبرير التمديد لعون بذريعة تلازمه مع التمديد للبرلمان.
إلا أن مثل هذا «الخيار» الذي بدأ يروج له الفريق الرئاسي، وإن كان من السابق لأوانه، فإنه - كما يقول المصدر - سيلقى رفضاً محلياً ودولياً لأنه يأخذ البلد إلى الانتحار ويعيده إلى الحقبة المأسوية التي مر فيها أثناء تولي عون رئاسة الحكومة العسكرية، وبالتالي يفترض منذ الآن الإعداد لقطع الهواء على مَن يراهن على جره نحو المجهول، وهذا ما يعزز الإصرار على إجراء الانتخابات النيابية العامة في موعدها في ربيع 2022.
لذلك، فإن «التيار الوطني» وإن كان يقف إلى جانب إجراء الانتخابات الفرعية فإنه يتهيب النتائج التي ستترتب عليها، وإلا لماذا يبرر من يدور في فلكه عدم جدواها بذريعة أن ولاية البرلمان الحالي ستنتهي بعد أقل من عام، ويراهن على أن يأتي تأجيلها بقرار من الحكومة التي يمكن أن تتذرع بفيروس «كورونا»، وآخر سياسي إذا استمر تعطيل تشكيل الحكومة إلى ما بعد جلاء الموقف على الجبهة الأميركية – الإيرانية، في ضوء التوقعات الأوروبية بمعاودة المفاوضات بين واشنطن وطهران.
وفي المقابل، لم يحسم حزبا «الكتائب» و«القوات» قرارهما بخوض الانتخابات التي يُفترض، في حال حصولها، أن تسجل أول مبارزة مارونية - مارونية، وتحديداً في الدوائر الانتخابية بغالبيتها العظمى من المسيحيين لانتخاب 7 نواب موارنة، وذلك لاختبار الأحجام السياسية لتحديد من هو الأقوى، مع الحديث عن تراجع «التيار الوطني» في شارعه، وادعاء خصومه بأنهم تمكنوا بعد الانتفاضة الشعبية من التقدم عليه، فيما «الحراك المدني» لا يزال يدرس خياراته ترشحاً واقتراعاً بورقة بيضاء في حال عزوفه عن خوضها.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.