اتفاق غربي على منع تطوير إيران «أسلحة نووية»

تحذير طهران من اللعب بالنار وتقليص التفتيش... وظريف ينتقد الموقف الأوروبي و{الحرس» يرفض مفاوضات «الباليستي»

وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا قبل اجتماع لبحث الملف الإيراني في باريس أمس (الخارجية الألمانية)
وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا قبل اجتماع لبحث الملف الإيراني في باريس أمس (الخارجية الألمانية)
TT

اتفاق غربي على منع تطوير إيران «أسلحة نووية»

وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا قبل اجتماع لبحث الملف الإيراني في باريس أمس (الخارجية الألمانية)
وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا قبل اجتماع لبحث الملف الإيراني في باريس أمس (الخارجية الألمانية)

أعربت بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة في بيان مشترك عن اهتمامها الأمني الأساسي بدعم معاهدة حظر الانتشار النووي وأهمية التأكد من عدم حصول إيران على أسلحة نووية مطلقا، مشددين على الهدف المشترك المتمثل في رؤية عودة طهران للاحترام الكامل لالتزاماتها.
وأفصح وزراء خارجية الرباعي الغربي عن قلقهم من انتهاكات إيران الأخيرة للاتفاق النووي المتمثلة في إنتاج اليورانيوم المخصب بدرجة نقاء تصل إلى 20 في المائة وإنتاج معدن اليورانيوم. وحضوا إيران على عدم اتخاذ أي إجراءات أخرى لا سيما تعليق البروتوكول الإضافي وتقليص أنشطة التفتيش.
وتوج البيان مجموعة لقاءات تمحورت حول الملف النووي الإيراني، بمبادرة فرنسية، في باريس، كان أشملها مساء الاجتماع الرباعي الغربي الذي ضم وزراء خارجية الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على اتفاق عام 2015 ونظيرهم الأميركي الذي شارك «عن بعد» عبر آلية «فيديو كونفرانس».
وقبل ذلك، عقد وزيرا الخارجية الفرنسي والبريطاني جان إيف لو دريان ودومينيك راب اجتماعا ثنائيا أعقبه اجتماع ثلاثي مع الوزير الألماني هايكو ماس. وقالت الدول الثلاث في بيان إنها ترحب باستعداد الإدارة الأميركية للعودة للدبلوماسية مع إيران، مشددة على أنها ستواصل العمل للإبقاء على الاتفاق النووي، والنظر في جميع الخيارات، وطالبت إيران بالكف عن تقويض الاتفاق.
في أول تعليق انتقد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الموقف الأوروبي. وقال في تغريدة:
{بدلاً من السفسطة وإلقاء اللوم على إيران، يجب على الثلاثي الأوروبي، والاتحاد الأوروبي العمل بالتزاماتهما والمطالبة بإنهاء إرث ترمب المتمثل ابلإرهاب الاقتصادي ضد إيران}.
وأضاف: {إجراءاتنا التعويضية رداً على انتهاكات أميركا والترويكا الأوروبية، إزالة العلة إذا كنت تخشى المعلول}. وقال إن بلاده ترد على {الخطوات بخطوات}.
بدورها، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي إن الولايات المتحدة تعمل بشكل وثيق مع الحلفاء للتواصل والتنسيق بشأن مستقبل الاتفاق النووي الذي أبرم مع إيران عام 2015.
ونقلت رويترز عن ساكي خلال إفادة عبر الإنترنت «إيران بعيدة كل البعد عن الامتثال» مضيفة أن الحكومة الأميركية تركز على منع إيران من اكتساب قدرات نووية.
من جهته، قال مصدر رئاسي فرنسي إن الأوروبيين «لا يشعرون بتهميش دورهم من قبل واشنطن لا بل إن العكس هو الصحيح، إذ إن الجانب الأميركي يسعى للعمل معنا يدا بيد إزاء وضع إيراني نووي يتدهور... وإزاؤه نشعر بكثير من القلق وواشنطن تشاطرنا إياه». وأفادت مصادر رسمية فرنسية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» بأن الغرض من الاجتماع الثلاثي كان «تنسيق المواقف» بداية بين الأطراف الأوروبية الثلاثة تمهيدا للنقاش «المعمق» مع الوزير أنتوني بلينكن.
وأضافت هذه المصادر أن الهدف الأول للوزراء الثلاثة الأوروبيين، من الاجتماع مع نظيرهم الأميركي، هو التعرف «بشكل مفصل على حقيقة ما تراه الإدارة الأميركية وما تنوي القيام به» في الأيام والأسابيع القادمة والمساهمة التي تستطيع الأطراف الأوروبية تقديمها استنادا إلى قول الوزير الأميركي، مؤخرا، في مقابلة إذاعية، إن أوروبا «يمكن أن تلعب دورا». وسبق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن عبر علنا في حديثه إلى «المجلس الأطلسي» الأميركي قبل أسبوعين عن استعداده للقيام بدور «المسهل» بين الطرفين.
وتنطلق المقاربة الفرنسية - الأوروبية من واقع أن كلا من واشنطن وطهران ترغب بالعودة إلى التزامات الاتفاق. لكن الأطراف الأوروبية ترى أن انتهاكات طهران المتكررة لالتزاماتها، واستمرارها في سياسة «الاستفزاز والابتزاز» تزيد الوضع تعقيدا وتضع الإدارة الجديدة في واشنطن في موقف صعب، ولذا، «لا يمكن للولايات المتحدة أن تخضع لهكذا تعاطٍ».
وحذر وزير الخارجية الألماني، أمس، من أن «كلما زادت الضغوط (الإيرانية) زادت صعوبة إيجاد حل سياسي»، مضيفاً أن طهران «لا تسعى لخفض التصعيد بل تزيد التصعيد وهذا لعب بالنار».
وكانت المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل قد أبلغت الرئيس الإيراني حسن روحاني قلقها من انتهاكات طهران، وحضت إيران على أن «تبعث رسائل إيجابية» لزيادة فرص إحياء الاتفاق النووي.
وفي ثاني اتصال من مسؤول غربي، أبلغ رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، روحاني، أمس، أن «الحفاظ على مساحة للدبلوماسية، مدعومة بخطوات إيجابية، أمر أساسي في هذه المرحلة»، معلنا دعم الاتحاد الأوروبي «التنفيذ الكامل» للاتفاق النووي.
وهذا الواقع يفسر الدعوات الأوروبية المتكررة لإيران التي تحثها على وضع حد لانتهاكاتها التي من شأنها «إجهاض فرصة الدبلوماسية»، وعرقلة العودة إلى الاتفاق المذكور. وينظر الثلاثي الأوروبي إلى الخطوات الإيرانية من زاويتين: الأولى، تشديد الضغوط على الإدارة الأميركية والثانية مراكمة أوراق التفاوض. بيد أن روحاني نفى، أمس، أن يكون غرض تقليص إيران لالتزاماتها ممارسة الضغوط على الرئيس بايدن، معتبرا ذلك «دعاية غير صحيحة»، الأمر الذي يصعب تصديقه.
واقتبس روحاني من تصريح سابق لبايدن قال فيه إن سياسة «الضغوط القصوى» لإدارة دونالد ترمب «لم تكن مثمرة». وقال «الحكومة الحالية أدركت خطأ الحكومة السابقة»، مضيفا، «نأمل أن تعوض هذه الأخطاء على وجه السرعة، وأن تستسلم الإدارة الجديدة أمام القانون والقرار 2231».
وبذلك طالب نظيره الأميركي بالعودة إلى الاتفاق والتراجع عن السياسة «الخاطئة» لسلفه دونالد ترمب، وإلى «قانون»، والسماح لبلاده بتوسع العلاقات التجارية. وصرح «لا نريد القول لأميركا أن تتصرف بطريقة غير قانونية أمام ضغوطنا ما نريده هو القانون»، وأضاف «الاستسلام أمام القانون ليس عيبا، يجب ألا نخجل من تنفيذ القانون».
ثمة قناعة أوروبية سندها تصريحات كبار المسؤولين الإيرانيين وقوامها أن طهران، كعادتها، ستقوم باتباع «سياسة المقايضة» أي مبدأ «التماثل» حيث إن أي خطوة من أي طرف يتعين أن تقابلها خطوة من الطرف الآخر. وأشار «المرشد» الإيراني، علي خامنئي إلى ذلك في كلمته أول من أمس، إذ أعلن أنه «لا جدوى من الوعود وهذه المرة نطلب العمل بالوعود وإذا لمسنا ذلك من الجانب الآخر، فسنقوم بالعمل أيضا». وفي قول خامنئي تطور لموقف طهران التي كانت تطالب بداية أن تعود واشنطن عن العقوبات التي فرضتها إدارة ترمب وتوفير ضمانات قبل أن تباشر طهران بالتراجع عن انتهاكاتها.
لكن خامنئي، بالمقابل، تمسك بتجديد رفض التفاوض بشأن اتفاق نووي جديد أو بشأن الصواريخ الإيرانية الباليستية وأنشطة طهران الإقليمية، ما يعقد العودة الأميركية إلى الاتفاق.
تأكيدا لموقف خامنئي، أعلن «الحرس الثوري» رفضه لأي مفاوضات حول ترسانة الصواريخ الباليستية. وقال الجنرال إسماعيل كوثري، مستشار قائد «الحرس»، إن «الأسلحة المتعارفة حقنا الدفاعي ولا يمكن التفاوض حولها إطلاقا». مضيفا أن الجميع «يتفق على الأمر». وقال إن بلاده «لم تسع وراء الحرب»، ونبه أن «لإيران عناصر دفاعية لردع أي اعتداء وسندافع بقوة عن أرضنا ضد أي هجوم». وعن النووي، قال: «سنعمل بالتزاماتنا النووية المنصوص عليها في الاتفاق فقط عندما تعمل الأطراف الأخرى بالتزاماتها عمليا وليس بالأقوال».
وطالب الناطق باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، أول من أمس، طهران بـ«التعاون الكامل والسريع» مع الوكالة الدولية. مشددا على ضرورة أن «تتراجع طهران عن التدابير التي اتخذتها وأن تمتنع عن أي تدابير إضافية من شأنها أن تؤثر على الضمانات التي توفرها الوكالة ليس للولايات المتحدة وحدها بل لشركائنا ودول المنطقة والعالم أجمع».
وأبعد من ذلك، تتعين الإشارة إلى أن بايدن يصر على صفقة متكاملة تشمل جميع الملفات وليس فقط رفع العقوبات والعودة إلى الاتفاق النووي. ولا شك أن هذه المسألة محط اهتمام الطرف الأوروبي بحيث يتطابق الموقفان الأميركي والأوروبي ولكن لم يعرف بعد، كيفية العمل لتحقيق هذا الهدف، في ضفتي الأطلسي.
مع اقتراب موعد وضع إيران حدا للعمل بالبروتوكول الإضافي في 21 الحالي وما يستتبعه من تحلل برنامجها النووي من جزء من الرقابة التي تقوم بها الوكالة الدولية، ترى الأطراف الأوروبية الثلاثة أن المهمة الأولى هي «إنقاذ الاتفاق» الذي لم يبق منه الكثير بعد أن أخذت طهران تنتج يورانيوم مشبعا بنسبة 20 في المائة وكذلك معدن اليورانيوم، وتنصب طاردات مركزية حديثة وتتفلت من رقابة المفتشين الدوليين.
وفي تقرير جديد، أطلعت الوكالة الدولية الدول الأعضاء، الأربعاء، على خطة إيرانية لتركيب سلسلتين إضافيتين من 174 جهاز طرد مركزي من طراز آي آر - 2 إم في محطة نطنز لتخصيب اليورانيوم.
جاء ذلك بعد تحذير من الوكالة الدولية من أن خطوة إيران لوقف تطبيق إجراءات عدة منصوص عليها في اتفاقها النووي بدءاً من يوم 23 فبراير (شباط) الحالي، سيكون لها تأثير بالغ على أنشطة التحقق والمراقبة التي تنفذها الوكالة في البلاد. وسيسعى مدير الوكالة رافاييل غروسي، خلال زيارته لطهران غدا، للتوصل إلى اتفاق بشأن كيفية تنفيذ الوكالة عملها هناك في ظل خطة إيران لخفض مستوى التعاون.
تقول المصادر الفرنسية إنه إزاء مقاربتين متناقضتين، «هناك حاجة لمبادرات من الجانبين الأميركي والإيراني» من أجل «العودة التدريجية» إلى الاتفاق ما يعني أن موضوع «التسلسل» بالإجراءات المتبادلة يصبح اليوم «أساسيا». ومن هذه الزاوية، يمكن لأوروبا أن تلعب دورا عن طريق طرح أفكار وتقريب المواقف. وتجدر الإشارة إلى أن وزير الخارجية الإيراني طلب سابقا وساطة وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قبل أن تعيد بلاده النظر بموقفها عن طريق الناطق باسم الخارجية الذي رأى أنه «لا حاجة لوساطة» ردا على عرض ماكرون من غير أن يسميه.



إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».