في محادثة هاتفية استمرت نحو الساعة، تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء أول من أمس (الأربعاء)، للمرة الأولى منذ تولي بايدن منصبه قبل شهر. وأثار تأخر تلك المحادثة الهاتفية كثيراً من التساؤلات والقلق، من جانب إسرائيل، وفي الأوساط الأميركية، من علاقة باردة بين الحليفين، خصوصاً أن نتنياهو يواجه معركة صعبة خلال الانتخابات التي تجري في الثالث والعشرين من مارس (آذار) المقبل.
وكان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، أول مَن أعلن عن المحادثة الهاتفية، ونشر صورة لرئيس الوزراء المبتسم وهو يتحدث في الهاتف مع الرئيس الأميركي، وقال البيان إن المحادثة كانت «دافئة وودية واستغرقت الساعة». وفي واشنطن العاصمة، قال الرئيس بايدن للصحافيين قبل اجتماع في المكتب البيضاوي مع قادة النقابات العمالية: «أجريت محادثة جيدة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي»، دون أن يخوض في أي تفاصيل عن المحادثة. وقال بيان صدر لاحقاً عن البيت الأبيض إن الزعيمين أشارا إلى علاقتهما الشخصية الطويلة، وأنهما سيعملان لمواصلة تعزيز التحالف الراسخ بين إسرائيل والولايات المتحدة. وأشار البيان إلى أن الموضوعات التي تمت مناقشتها شملت التهديد الإيراني لتطوير أسلحة نووية، والجهود لمكافحة فيروس «كورونا»، والرغبة في توسيع اتفاقات السلام والتطبيع بين إسرائيل والدول العربية.
وأكد الرئيس الأميركي خلال المكالمة، التزام بلاده بأمن إسرائيل، وتعزيز الشراكة الإسرائيلية الأميركية فيما يتعلق بالتعاون الدفاعي، كما تطرق النقاش إلى وجهة نظر بايدن في دفع السلام في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وما يتعلق بوضع المستوطنات.
وأشار محللون إلى أن المكالمة بين بايدن ونتنياهو كانت بنفس أهمية الموضوعات التي تم نقاشها، حيث ساد قلق متزايد في إسرائيل منذ تنصيب بايدن، في العشرين من يناير (كانون الثاني) الماضي، من أن عدم التواصل ينبئ بعلاقات أكثر برودة بين الجانبين، بعد علاقة دافئة مع الرئيس السابق دونالد ترمب. كما أزعجت أنباء تحركات بايدن لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، الدوائر السياسية في إسرائيل، التي سارعت لإرسال رئيس المخابرات الإسرائيلية إلى واشنطن وعدد من المسؤولين الإسرائيليين، لمعرفة نية الإدارة الأميركية تجاه إيران وإعادة التفاوض حول الاتفاق النووي والعودة لإحياء الاتفاق.
وأصر الجانب الإسرائيلي على التفوق النوعي العسكري، وعلى الحصول على المزيد من الصفقات العسكرية الأميركية، وأحدث المعدات الدفاعية والهجومية. ومن المعروف أن إسرائيل تحصل على مساعدات سنوية عسكرية بقيمة 3.8 مليار دولار. ويقول محللون إسرائيليون، أن نتنياهو يدرك أن إدارة بايدن ترغب في العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، لكنه يريد أن تواصل الضغط على طهران من خلال فرض عقوبات وإجراءات أخرى لانتزاع شروط أفضل، ووضع قيود على النشاط النووي الإيراني والخطة الزمنية، أو ما يُعرف بـ«غروب الشمس»، في الاتفاق، حينما تنتهي الفترة المحددة للقيود على النشاط النووي، وأيضاً فرض شروط على برنامج الصواريخ الباليستية.
كما أثار الجانب الإسرائيلي القلق من اتجاه إدارة بايدن إلى الضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات للفلسطينيين، وتفضيل رؤية حل الدولتين، والاعتراضات الأميركية على خطط إقامة المستوطنات. ويواجه بايدن ضغوطاً متزايدة من التيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي، الذي يريد تبني موقف أكثر صرامة تجاه الحكومة الإسرائيلية.
وقاوم بايدن دعوات بعض اليساريين لتقليل المساعدات الأميركية العسكرية لإسرائيل، وسيلة للضغط على نتنياهو للحد من التوسع الاستيطاني. كما أدان بايدن حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات التي تستهدف الاقتصاد الإسرائيلي، بسبب معاملة إسرائيل للفلسطينيين، لكنه قال إنه سيحمي الحق الدستوري في حرية التعبير وانتقاد إسرائيل. ووفقاً لعدة مصادر بالبيت الأبيض، يضع بايدن رؤية مختلفة عن رؤية ترمب فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي؛ فهو لم ينقل السفارة الأميركية إلى تل أبيب، لكنه سيفرج عن المساعدات الأميركية للفلسطينيين. ويأمل في إعادة تأسيس الولايات المتحدة وسيطاً موثوقاً في عملية السلام، وسيعود بايدن إلى السياسة التي كانت الولايات المتحدة تنتهجها من عقود، وهي الضغط على إسرائيل لوقف بناء المستوطنات على أراضي الضفة العربية، والدفع بفكرة إقامة دولة فلسطينية كجزء من حل الصراع.
وتمتد علاقة بايدن بنتنياهو إلى أكثر من أربعين عاماً، منذ أن كان بايدن سيناتور شاباً، وكان نتنياهو يعمل دبلوماسياً إسرائيلياً في واشنطن. وقد توترت العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة خلال إدارة أوباما، حينما كان بايدن نائباً للرئيس، وشن نتنياهو حملة شرسة ضد الاتفاق النووي الذي وقّعه أوباما مع إيران في عام 2015.
هذا ومن المقرَّر أن يضع بايدن، اليوم (الجمعة)، رؤيته للسياسة الخارجية، في خطاب افتراضي يلقيه أمام مؤتمر ميونيخ للأمن، ويتضمن ذلك رؤيته لاحتمالات عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الإيراني.
بايدن ونتنياهو يتفقان على توسيع «التطبيع» ويختلفان حول إيران والمستوطنات
بايدن ونتنياهو يتفقان على توسيع «التطبيع» ويختلفان حول إيران والمستوطنات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة