دعوات لإطلاق «حوار عاجل» ينهي أزمة اليمين الدستورية في تونس

وقفة احتجاجية نظمها شبان العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين في التظاهرات الأخيرة (إ.ب.أ)
وقفة احتجاجية نظمها شبان العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين في التظاهرات الأخيرة (إ.ب.أ)
TT

دعوات لإطلاق «حوار عاجل» ينهي أزمة اليمين الدستورية في تونس

وقفة احتجاجية نظمها شبان العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين في التظاهرات الأخيرة (إ.ب.أ)
وقفة احتجاجية نظمها شبان العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين في التظاهرات الأخيرة (إ.ب.أ)

في سياق البحث عن حل للأزمة السياسية المتواصلة بين الرئيس التونسي قيس سعيد ورئيس الحكومة هشام المشيشي، دعا «الرباعي» الراعي للحوار السياسي لسنة 2013، إلى إطلاق جلسات حوار عاجلة بين رأسي السلطة التنفيذية، معتمدا في ذلك على رصيد الثقة الذي راكمه خلال تلك التجربة، بعد أن تمكن من حل أزمة الائتلاف الحاكم، الذي كانت تتزعمه حركة النهضة الإسلامية، والمعارضة التي تزعمتها آنذاك أحزاب يسارية، تحالفت مع بعض الأحزاب الليبرالية، وأدت في النهاية إلى إخراج «النهضة» من الحكم.
وأكدت بعض قيادات منظمات اتحاد الشغل (نقابة العمال)، واتحاد الصناعة والتجارة (مجمع رجال الأعمال)، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وهيئة المحامين، أن نتائج الحوار السياسي لسنة 2013 لن تنطبق بالضرورة على الحوار الذي دعت له هذه المنظمات «لأن الظرف التاريخي مختلف». لكن عدة تصريحات أشارت في المقابل إلى «وجود إرادة مبطنة لإخراج حركة النهضة من المشهد السياسي مرة ثانية»، وهو ما أكدته دعوات المعارضة لسحب الثقة من راشد الغنوشي، رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة، ملمحة إلى أن هذا الحزب هو «المعطل للمشهد السياسي التونسي».
وتوقع مراقبون أن «الحوار السياسي الجديد» سيتجاوز حدود الرباعي الذي قاد مفاوضات سنة 2013، ليشمل منظمات أخرى لها ثقلها في المشهد السياسي الجديد، مثل «اتحاد الفلاحين» و«الاتحاد التونسي للمرأة». كما يبدو أن الدعوة، التي يتزعمها اتحاد الشغل، تحمل هذه المرة الكثير من شروط إنجاح هذه المبادرة، رغم تواصل صراع مؤسسات الحكم، مما يعنى ضرورة التقدم بتصور لحل الصراع بين الرئاسة والبرلمان أساسا.
وبشأن هذا «الحوار السياسي»، الرامي لحل خلافات رأسي السلطة التنفيذية، اقترح فاضل محفوظ، الرئيس السابق لهيئة المحامين التونسيين، تشكيل «هيئة تحكيمية»، تتكون من أربعة خبراء في القانون بالتساوي بين رئيسي الجمهورية والحكومة، تتوفر فيهم شروط الكفاءة العلمية والاستقلالية، فيما يتولى شخص خامس رئاسة هذه الهيئة، التي ستصدر حكمها النهائي في مسألة التعديل الوزاري، وأداء الوزراء الجدد لليمين الدستورية أمام رئيس الدولة.
في السياق ذاته، انتقد سامي الطاهري، المتحدث باسم اتحاد الشغل، بشدة إدخال البلاد في أزمة سياسية ترتبت عنها أزمات اجتماعية واقتصادية قائلا: «ما يحدث بين سعيد والمشيشي مهاترات صبيانية»، ودعا المنظمات الوطنية إلى توحيد الجهود للضغط من أجل إيجاد حل للأزمة الراهنة. محملا كل من سعيد والمششيشي النتائج السلبية للمناورات المتعددة التي تحدث الآن في المشهد السياسي.
على صعيد غير متصل، أصدرت المحكمة الابتدائية بمدينة القصرين (وسط غربي) أمرا بسجن 10 أشخاص إثر مواجهات مع قوات الأمن أثناء تنفيذهم وقفة احتجاجية أمام مقر ولاية (محافظة) القصرين للمطالبة بالتنمية والتشغيل. وتزامن ذلك مع تدخل مصالح حماية الغابات بمنطقة القصرين لإخماد حرائق نشبت على خلفية مناوشات وقعت بين معتصمي حقل الدولاب النفطي والوحدات الأمنية. ومن المرجح أن يكون الغاز المسيل للدموع، الذي استعملته قوات الأمن لتفريق المحتجين أحد أسباب اندلاع هذه الحرائق، التي أتت على حوالي 80 هكتارا من المساحات الغابية وأتلفت قرابة 3 آلاف شجرة. وقد تم فتح بحث قضائي لتحديد العوامل التي تسببت في نشوب هذا الحريق الهائل، على مقربة من مكان الاحتجاجات.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.