ترحيب ليبي واسع بتحرك القاهرة وطرابلس لطي صفحة الماضي

توقعات بدخول البلاد «مرحلة من الاستقرار والعلاقات الدولية المتوازنة»

TT

ترحيب ليبي واسع بتحرك القاهرة وطرابلس لطي صفحة الماضي

طوت زيارة رئيس الحكومة الليبية المكلف، عبد الحميد دبية، إلى القاهرة أمس صفحة من «العلاقة المتجمدة مع سلطات العاصمة طرابلس، وفتحت آفاقا جديدة للتعاون و«الشراكة الكاملة» بين البلدين. كما ترك اللقاء، الذي استقبله ليبيون بالترحاب، مجموعة من التوقعات، التي يراها البعض «مبشرة لدخول ليبيا مرحلة من الاستقرار والعلاقات الدولية المتوازنة».
إحدى أهم دلالات الزيارة تتمثل في أن دبيبة، الذي ينتمي إلى مدينة مصراتة (غرب) إحدى الأذرع القوية في صد قوات «الجيش الوطني» عن العاصمة، والذي يحسبه البعض على تركيا، أرادت مبكراً تبديد الصورة القديمة لحكومة «الوفاق»، التي انفتحت على أنقرة دون حساب، وأبرمت معها اتفاقيات عسكرية وأمنية وبحرية، كانت سبباً في زيادة الهوة مع دول عدة، من بينها مصر.
ومنذ اختيار دبيبة من قبل «الملتقى السياسي الليبي»، الذي احتضنته جنيف في الخامس من فبراير (شباط) الحالي، أصبح البعض يحسبه تارة على نظام معمر القذافي لكونه تولى مسؤوليات مهمة آنذاك، أو على تنظيم «الإخوان»، فيما يراه البعض الآخر ورقة رابحة لمدينته «قد تعوض بها خسائر الحرب». لكن الرجل أراد أن يبرهن سريعاً بأنه «رئيس حكومة لكل الليبيين»، وفق ما دونه سياسيون ونشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أمس، فور مشاهدتهم له في قصر الحكم المصري، رفقة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وذهب مدير مكتب المشروعات ببلدية بنغازي، أسامة مصطفى الكزة، إلى أن «السياسة عمل مبني على القياس والمصالح»، وعبّر عن اعتقاده بأن «الصورة القادمة سوف تكون لرئيس المجلس الرئاسي الجديد محمد المنفي، والرئيس التركي رجب إردوغان»، في دلالة على تقارب شرق ليبيا مع تركيا، كما تقارب غربها مع القاهرة.
ليبيون كثيرون علّقوا على صور دبيبة، التي جمعته بالسيسي في قصر الاتحادية بالقاهرة، بالقول: «هذا رئيس حكومتي... إنها خطوة يجب دعمها لصالح العلاقات بين البلدين الشقيقين»، مشيرين إلى أن الزيارة تروم كسر الجمود وإذابة الجليد بين البلدين، وأن دبيبة، الذي يتجه لعقد مصالحة وطنية في الداخل، ذهب إلى مصالحة وشراكة أوسع خارجياً، بهدف إذابة ما تركه سلفه من رواسب في العلاقات الدولية.
بدوره، رأى جمال شلوف، رئيس ‏مؤسسة «سلفيوم» للدراسات والأبحاث‏، أن الاستقبال الرسمي لدبيبة بصفته رئيس حكومة «دليل على أن مصر لن تنتظر موافقة البرلمان للتعامل مع حكومة (الوحدة الوطنية) كسلطة تنفيذية في ليبيا»، معتبرا أن «وجود اللواء عباس كامل، رئيس جهاز الاستخبارات العامة، في خلفية الصورة دليل على تنسيق في زيارة الوفد المصري إلى طرابلس، وأن برنامج عمله كان أكثر من مجرد إعداد لفتح سفارة».
ولا يحتاج المجلس الرئاسي الجديد لمصادقة للمضي قدماً في ممارسة عمله. فأول من أمس، كانت جلسته الرسمية الأولى بالعاصمة؛ أما حكومة دبيبة فإن الاعتراف الدولي بها بديلاً عن «الوفاق» تم تدشينه رسمياً في القاهرة.
من جهتها، لم تدخر القاهرة جهداً في التقريب بين جميع الأطراف الليبية عبر المسارات الثلاثة (السياسية والعسكرية والاقتصادية)، التي حددتها الأمم المتحدة. كما سارعت فور الاتفاق على سلطة تنفيذية مؤقتة بالدفع نحو إعادة فتح سفاراتها في طرابلس وقنصليتها ببنغازي، سعياً لطي صفحة من التوتر، سبق أن سجلت فيها القاهرة اعتراضها على تغول الميليشيات في الحكومة، التي ترأسها فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي، بالإضافة إلى «التدخلات الخارجية» الواسعة في ليبيا.
وفي سياق انفتاح القاهرة على طرابلس، نقل المتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير، بسام راضي، عن دبيبة أن ليبيا «تتطلع حكومة وشعباً إلى إقامة شراكة شاملة مع مصر بهدف استنساخ نماذج ناجحة من تجربتها التنموية الملهمة، التي تحققت خلال السنوات الماضية، خاصة فيما يتعلق باستعادة الأمن والاستقرار، وإطلاق عملية التنمية والإصلاح».
وتزامناً مع زيارة دبيبة إلى القاهرة، أعلن رئيس سلطة الطيران المدني المصرية، الدكتور أشرف نوير أمس، عن استئناف رحلات الطيران الليبية بعد توقف دام حوالي 16 شهراً.
وقال نوير إن «عودة رحلات الخطوط الجوية الليبية مع مصر سوف تبدأ، انطلاقاً من مطار بنينا في بنغازي إلى مطار برج العرب في الإسكندرية، حيث وصلت أول رحلة عصر أمس، على أن تتبعها في الأسبوع المقبل رحلات الشركة من مطار معيتيقة بطرابلس إلى برج العرب، وذلك بعد توقف رحلات الخطوط الليبية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) (2019)».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.