خوفًا من بداية تقسيم سوريا.. واشنطن تعارض منطقة حكم ذاتي كردية فيها

الخارجية الأميركية: سياستنا أن نتعاون مع الذين يقاتلون «داعش»

خوفًا من بداية تقسيم سوريا.. واشنطن تعارض منطقة حكم ذاتي كردية فيها
TT

خوفًا من بداية تقسيم سوريا.. واشنطن تعارض منطقة حكم ذاتي كردية فيها

خوفًا من بداية تقسيم سوريا.. واشنطن تعارض منطقة حكم ذاتي كردية فيها

مع التقارير الإخبارية الواردة عن خطة مجموعات كردية لتطوير كانتون كوباني (عين العرب) ليكون منطقة حكم ذاتي كردي في سوريا، قالت الخارجية الأميركية إنها تعارض ذلك، وإنها لن تعترف بأي منطقة حكم ذاتي في سوريا في الوقت الحاضر، لتأكيد حرصها على وحدة سوريا.
وقالت جين بسكاي، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية «لن نعترف بأي منطقة حكم ذاتي في أي مكان في سوريا. وظلت هذه سياستنا منذ وقت بعيد».
جاء هذا التصريح تعليقا على تصريح أدلى به الرئيس التركي رجب إردوغان، وشن فيه هجوما عنيفا على ما سماها «مؤامرات كردية لتقسيم سوريا».
وانتقد إردوغان الولايات المتحدة لأنها ترسل أسلحة إلى الأكراد بحجة مساعدتهم لاسترداد كوباني من «داعش». وقال إردوغان إن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الذي تقدم له الولايات المتحدة أسلحة، تربطه صلة وثيقة مع حزب العمال الكردستاني الذي تعاديه تركيا، وإن الولايات المتحدة ترسل أسلحة ثقيلة، وليس فقط بنادق ومعدات عسكرية، وإن هذه الأسلحة الثقيلة يمكن أن تستخدم من جانب الأكراد ضد تركيا.
تعليقا على ذلك، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية «تظل سياستنا هي أن نتعاون مع الذين يقاتلون تنظيم داعش، وذلك لأننا نريد وقف مذابح وتهديدات (داعش) في المنطقة». وبينما قالت المتحدثة «نحن نسقط بعض المساعدات بهدف محاربة (داعش)»، فإنها رفضت أن تفصل إن كانت قد قصدت المساعدات العسكرية أيضا أم لا.
ورفضت المتحدثة أن تتحدث عن نسبة تحرير المناطق في كوباني من «داعش»، وقالت إن البنتاغون هو الذي يجب أن يوجه له هذا السؤال، الذي كان عن أخبار قالت إن قوات البيشمركة الكردية، بالاشتراك مع قوات التحالف الدولي، حررت أكثر من 90 في المائة من عين العرب (كوباني).
وكان البنتاغون أصدر بيانا جاء فيه أن «القوات البرية الكردية تمكنت، بدعم من قواتنا الجوية، من استعادة مدينة كوباني، الأمر الذي يثبت خواء ادعاءات (داعش) أنه لا يقهر». وأضاف البيان «سيواصل التحالف مهاجمة (داعش) أينما كان». وكان التحالف الدولي بدأ، في سبتمبر (أيلول) الماضي شن أولى غارته على المواقع التي كان تنظيم «داعش» يسيطر عليها في كوباني، واستمرت الغارات لأكثر من أربعة شهور بمعاونة قوات البيشمركة الكردية والجيش السوري الحرّ. وخلفت الحرب هناك أكثر من 1600 قتيل، حسب المرصد السوري.
وأعادت وكالة الأنباء الفرنسية للأذهان أنه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ومع بداية دخول البيشمركة إلى عين العرب، انتقد الرئيس إردوغان استراتيجية التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش»، وتساءل في باريس حيث التقى نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند «لماذا تقصف قوات التحالف مدينة كوبَاني باستمرار؟ لماذا لا تقصف مدنا أخرى، لماذا ليس إدلب (شمال سوريا)؟». وأضاف «لا نتحدث سوى عن كوبَاني الواقعة على الحدود التركية، وحيث لم يعد هناك أحد باستثناء ألفي مقاتل».



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.