في ذكرى «ثورة 17 فبراير»... أميركا تتطلع إلى «حكم رشيد» في ليبيا

أنصار النظام السابق يطالبون سيف القذافي بـ«قيادة المصالحة الوطنية»

جانب من احتفالات الليبيين بذكرى «ثورة 17 فبراير» وسط تاجوراء أمس (أ.ف.ب)
جانب من احتفالات الليبيين بذكرى «ثورة 17 فبراير» وسط تاجوراء أمس (أ.ف.ب)
TT

في ذكرى «ثورة 17 فبراير»... أميركا تتطلع إلى «حكم رشيد» في ليبيا

جانب من احتفالات الليبيين بذكرى «ثورة 17 فبراير» وسط تاجوراء أمس (أ.ف.ب)
جانب من احتفالات الليبيين بذكرى «ثورة 17 فبراير» وسط تاجوراء أمس (أ.ف.ب)

فيما احتفل مئات الليبيين، أمس، بالذكرى السنوية العاشرة لـ«ثورة 17 فبراير (شباط)»، التي أسقطت نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، في مناسبة كلفت البلاد ثمناً باهظاً، قالت السفارة الأميركية في ليبيا إنها «تدعم حق الشعب الليبي في تقرير مستقبل بلده، والمطالبة بالحكم الرشيد والشفاف، واحترام حقوق الإنسان».
وشهد فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق»، مساء أول من أمس، مراسم إيقاد شعلة الاحتفالات في «ساحة الشهداء» بالعاصمة طرابلس، التي كانت تعرف في الماضي بالساحة الخضراء، وكان القذافي يلقي خطبه من هناك.
وشهدت الساحة، ليلة أول من أمس، توافد مئات المحتفلين من جميع الفئات العمرية، ملوحين بالأعلام والرايات، وتقديم العروض الموسيقية وإطلاق الألعاب النارية، التي استمرت حتى الساعات الأولى من صباح أمس.
وفيما عاشت مدن أخرى فعاليات مماثلة، مثل العروض العسكرية في مدينة تاجوراء، سقطت قذيفة وسط المحتفلين في مدينة سبها بجنوب البلاد، ما أدى إلى مقتل طفل يدعى عبد الرحمن العابد صالح، وإصابة عدد من المواطنين بجروح بالغة.
ودعت مديرية الأمن في سبها المواطنين إلى عدم التجول بجوار فندق أفريقيا، مشيرة إلى أن رجال الأمن هناك عثروا على متفجرات مُعدة للتفجير في محيط الفندق، وأن فرق الهندسة العسكرية بدأت في تفكيكها.
وفيما أدانت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا ما اعتبرته «استهدافاً» لحي المنشية السكني في سبها بقذيفة (هاون)، خلال احتفال المواطنين بالعيد العاشر للثورة، هنّأت العديد من السفارات الأجنبية في طرابلس الليبيين بهذه المناسبة، إذ قالت السفارة الأميركية، في بيان أمس، إنها «تحتفل بالذكرى العاشرة لثورة 17 فبراير مع الليبيين»، مشيدة بـ«التقدم السياسي»، الذي حدث تحت رعاية الأمم المتحدة في الأشهر الأخيرة. معربة عن تطلعها إلى «الفرصة المتجددة لبناء ليبيا موحدة وآمنة، ومستقرة ذات سيادة»، ومؤكدة «مواصلة دعم العملية التي تقودها ليبيا نحو المصالحة والانتخابات في 24 ديسمبر (كانون الأول)، والتنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، بما في ذلك انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة».
في السياق ذاته، دعا عدد من أنصار النظام السابق بمنطقة الجبل الأخضر، خلال تأبين ثلاثة من قوات «الشعب المسلح»، قضوا في بداية اندلاع أحداث (فبراير)، «جميع أبناء وقبائل الشعب الليبي إلى المصالحة الوطنية ولمّ الشمل، والدعوة لحوار وطني تحت مظلة ليبية».
وقالت «الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا» بالجبل الأخضر، مساء أول من أمس، إنه بالتنسيق مع أعيان ووجهاء مدينة البيضاء، تم تأبين «الشهداء» الذين قضوا في منطقة مراوة بالجبل على يد بعض المسلحين؛ وهم العقيد مصطفى ارتيمة، وهشام الشوشان، والمبروك الحر الترهوني.
وكان الشوشان ذو البشرة الحنطية، قد قتل في مدينة البيضاء (شرق ليبيا) خلال تصاعد أحداث 17 فبراير، ظناً من المسلحين بأنه «مرتزق» أفريقي.
وتذكرت الجبهة الشعبية جانباً من أحداث 17 فبراير عام 2011، وقالت إنه أثناء محاصرة المسلحين لمقر «كتيبة حسين الجويفي»، خرج إليهم العقيد مصطفى ارتيمة، دون سلاح «بقصد التفاهم معهم ودياً ومعرفة مطالبهم وحقناً للدماء... لكنه لم يدرك أن الحقد والكراهية أعميا قلوبهم وأبصارهم، وبمجرد خروجه من مقر الكتيبة قتلوه بدم بارد».
وبعد عشر سنوات على هذه الواقعة، فضلت «الجبهة الشعبية» تأبين ضحايا «الشعب المسلح» فيما يشبه طي صفحة الماضي، وقالت إنها «تهدي عملية التأبين إلى الدكتور سيف الإسلام القذافي، الذي يُعول عليه كثيرون في لملمة جراح هذا الوطن».
وقال سعد السنوسي البرعصي، القيادي بـ«الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا»، لـ«الشرق الأوسط»، أمس: «يجب العمل على المصالحة الوطنية بين جميع أطياف الشعب، ونبذ خلافات الماضي»، وفيما دعا القبائل للبدء في حوار مجتمعي ليبي - ليبي، طالب سيف القذافي إلى «قيادة المصالحة الوطنية في ليبيا».
يشار إلى أن شرارة الأحداث التي اندلعت في 15 فبراير عام 2011 بدأت من بنغازي (شرق) قبل أن تمتد إلى مناطق أخرى، وفي منتصف الشهر التالي بدأ تحالف، بقيادة واشنطن وباريس ولندن، قصفاً جوياً كثيفاً على مقار القوات التابعة للقذافي، بعد حصوله على ضوء أخضر من الأمم المتحدة. ثم انتقلت قيادة العملية إلى حلف شمال الأطلسي.
وفي 20 أكتوبر (تشرين الأول) من العام ذاته، قُتل القذافي في سرت، مسقط رأسه. وبعد ثلاثة أيام أعلن المجلس الوطني الانتقالي، الأداة السياسية لـ«الثوار» آنذاك، «التحرير الكامل» للبلاد.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».