تونس تسجل انكماشاً غير مسبوق

ضرورة تجاوز «حالة عدم اليقين» لجذب الاستثمارات وعودة الثقة

سجل الاقتصاد التونسي انكماشاً غير مسبوق في 2020 (رويترز)
سجل الاقتصاد التونسي انكماشاً غير مسبوق في 2020 (رويترز)
TT

تونس تسجل انكماشاً غير مسبوق

سجل الاقتصاد التونسي انكماشاً غير مسبوق في 2020 (رويترز)
سجل الاقتصاد التونسي انكماشاً غير مسبوق في 2020 (رويترز)

كشف المعهد التونسي للإحصاء عن تسجيل تونس انكماشا اقتصاديا غير مسبوق قدر بنحو 8.8 في المائة مع نهاية سنة 2020، ولم يفاجئ هذا التراجع الذي لم يبلغ هذا المستوى منذ نحو ستة عقود، خبراء الاقتصاد والمالية، وذلك بالنظر إلى النتائج الاقتصادية المعلنة منذ بداية السنة بحساب كل ثلاثة أشهر، كما أن المؤسسات المالية الدولية توقعت مثل هذه النتائج على المستوى الدولي نتيجة الشلل الذي أصاب الاقتصادات المحلية؛ وتونس لم تكن بمنأى عن هذه التأثيرات.
وكانت الحكومة التونسية وضمن ميزانية السنة الماضية، قد توقعت نسبة نمو سلبية، ولكن في حدود 7.4 في المائة، وذلك نتيجة التأثيرات المنتظرة للمناخ الاقتصادي العالمي، وتأثر اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي بالجائحة، إذ إن معظم مبادلات تونس التجارية تتم مع هذا الفضاء الاقتصادي المهم بما يقارب 70 في المائة.
وعلى مستوى النتائج القطاعية، أكد المعهد التونسي للإحصاء، أن نسبة تراجع القيمة المضافة للخدمات المسوقة بلغت 13.3 في المائة، وارتفعت هذه النسبة إلى 50 في المائة فيما يتعلق بالأنشطة السياحية التي تشمل الفنادق والمطاعم والمقاهي، علاوة على خدمات النقل المرتبطة في معظمها بالقطاع السياحي.
وخلال السنة الماضية، تراجعت الخدمات غير المسوقة بنسبة 7.6 في المائة، وتشمل خاصة أداء القطاع العمومي في ظل التوقيت الاستثنائي للعمل. كما سجلت القيمة المضافة للصناعات غير المعملية تراجعا سلبيا بـ8.8 في المائة، وذلك بالنظر للتراجع الكبير الذي عرفه قطاع المناجم بنسبة 34 في المائة، إذ قدر إنتاج الفوسفات لكامل السنة الماضية بـ3.1 مليون طن بعد أن كانت تونس تنتج نحو 8 ملايين طن سنة 2010.
وخلال الفترة ذاتها، بلغت نسبة التراجع في الصناعات المعملية 9.3 في المائة متأثرة بأداء أغلب القطاعات، باستثناء الارتفاع الطفيف في القيمة المضافة لقطاع صناعة مواد البناء والخزف. ومثل قطاع الفلاحة والصيد البحري الاستثناء في هذه السلسلة السلبية التي عرفها الاقتصاد التونسي، إذ سجل ارتفاعا في القيمة المضافة بنسبة لا تقل عن 4.4 في المائة.
وبشأن التوقعات ببداية تعافي الاقتصاد التونسي، أكدت جنات بن عبد الله الخبيرة الاقتصادية التونسية، أن عودة الأنشطة الاقتصادية إلى سالف مستوياتها في تونس ليس مرتبطا فقط بالجائحة؛ بل يتجاوزها إلى المناخ السياسي والاجتماعي الذي ما زالت تسيطر عليه التجاذبات والخلافات، مما يؤثر على تصنيف الاقتصاد التونسي من قبل هياكل التمويل الدولية، وهو ما يعسر عملية الحصول على قروض خارجية لتمويل مشاريع التنمية وخلق فرص العمل. وأشارت إلى ضرورة تجاوز «حالة عدم اليقين» في تونس في محاولة لإرساء دعائم مناخ يجذب الاستثمارات الخارجية، ويشجع المستثمرين على التوجه إلى تونس.
وعلى صعيد آخر، أكدت وزارة المالية التونسية في تقرير لها حول «نتائج تنفيذ الميزانية» الخاصة بسنة 2020، أن عجز الميزانية تفاقم بنسبة 91 في المائة، مع نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ليبلغ قرابة 7.1 مليار دينار تونسي (2.6 مليار دولار)، مقابل 3.7 مليار دينار (1.38 مليار دولار) فحسب خلال نفس الفترة من سنة 2010. وأرجعت أسباب تفاقم هذا العجز، إلى تراجع الموارد الذاتية للدولة بنسبة 6.7 في المائة، مقابل ارتفاع إجمالي النفقات بنحو 6 في المائة.



غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
TT

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)

سيذهب الغانيون إلى صناديق الاقتراع في السابع من ديسمبر (كانون الأول) لاختيار رئيس جديد وبرلمان، في انتخابات تراقبها الأوساط الاستثمارية من كثب لتحديد كيفية توجيه الفائز للاقتصاد الذي يخرج من مرحلة تعثر في سداد الديون.

المتنافسون الرئيسيون لاستبدال الرئيس نانا أكوفو - أدو، البالغ من العمر 80 عاماً، الذي يتنحى بعد ولايتين على رأس دولة تنتج الذهب والكاكاو، هما الرئيس السابق جون دراماني ماهاما ونائب الرئيس الحالي محامودو باوميا. كما أن هناك 11 مرشحاً آخرين يتنافسون على المنصب، وفق «رويترز».

ما الذي يركز عليه المستثمرون؟

وصلت غانا إلى نهاية عملية إعادة هيكلة الديون الطويلة والمعقدة؛ حيث أعادت الحكومة هيكلة 13 مليار دولار من السندات الدولية بوصف ذلك جزءاً من خطة أوسع لخفض الديون بنحو 4.7 مليار دولار وتوفير نحو 4.4 مليار دولار من تخفيف السيولة خلال برنامج صندوق النقد الدولي الحالي الذي يستمر حتى عام 2026.

ومع بقاء الخطوة الأخيرة المتمثلة في التوصل إلى اتفاق مع الدائنين التجاريين غير الأوروبيين، فإن المستثمرين يقومون بالفعل بتقييم فترة ما بعد الانتخابات لمعرفة ما إذا كان الفائز سوف يستمر في الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لضمان استدامة الديون. وتعهد ماهاما (65 عاماً)، الذي يتصدر العديد من استطلاعات الرأي، بمحاولة إعادة التفاوض على شروط اتفاق صندوق النقد الدولي لتأمين المزيد من التمويل. ووعد أيضاً بتعديل القانون لوضع سقف للدين العام يتراوح بين 60 و70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمنع الاقتراض المفرط.

ومع ذلك، فإن فترة رئاسته السابقة (2012 - 2017) شهدت زيادة ملحوظة في الاقتراض للاستثمار في مشاريع البنية التحتية مثل الطرق، ما أوقعه في انتقادات بسبب نقص الكهرباء وارتفاع التضخم.

من جانبه، يتبنى بوميا (61 عاماً) شعاراً يتمثل في تحديث الاقتصاد من خلال الرقمنة، وخفض الضرائب، وتعزيز الانضباط المالي بهدف رفع النمو السنوي إلى متوسط ​​6 في المائة. وتعهد أيضاً بتحديد الإنفاق العام بنسبة 105 في المائة من عائدات الضرائب في العام السابق، وتقديم خطة ضريبية ثابتة، ونقل 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من الإنفاق العام إلى القطاع الخاص لتوفير البنية الأساسية العامة.

هل يمكن للفائز إعادة التفاوض على برنامج صندوق النقد الدولي؟

من الشائع أن يلجأ القادة الجدد إلى صندوق النقد الدولي لمراجعة البرامج القائمة، كما حدث مؤخراً في سريلانكا. ويقول صندوق النقد الدولي، الذي يعد مقرض الملاذ الأخير لغانا في إعادة هيكلة ديونها بموجب الإطار المشترك لمجموعة العشرين، إن تركيزه الأساسي هو دعم الحكومة في استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي مع تمكين استدامة الدين والنمو الشامل. وقد وافق الصندوق حتى الآن على الأداء الاقتصادي لغانا في إطار برنامج قروضه الحالي البالغة قيمته 3 مليارات دولار.

ويؤكد الصندوق أنه يمكن تعديل برنامج غانا الحالي؛ حيث يتم تطوير برامج الإصلاح المدعومة من الصندوق بالتعاون مع الحكومات وتتم مراجعتها بشكل دوري. ومع ذلك، يجب أن تؤخذ أي مناقشات في الاعتبار مع ضرورة الحفاظ على قدرة البلاد على تحقيق الأهداف الاقتصادية المنشودة.

ما القضايا الاقتصادية الأخرى التي تؤثر في الانتخابات؟

سيتعين على الفائز في الانتخابات أن يعالج عدداً من القضايا الملحة، بما في ذلك أزمة تكاليف المعيشة، والبطالة المتفشية، وارتفاع الأسعار، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر. ويخطط حزب ماهاما (المؤتمر الوطني الديمقراطي) لزيادة الإنفاق الحكومي في القطاعات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم، فضلاً عن تعزيز البنية الأساسية لدعم النمو وخلق فرص العمل، إذا فاز في الانتخابات.

أما حزب باوميا (الحزب الوطني الجديد) فيرغب في تحسين استقرار الاقتصاد من خلال خفض التضخم وجذب الاستثمارات الخاصة. وستواجه أي من الحكومات المقبلة خيارات محدودة في ظل العبء الثقيل للديون، وفقاً لتقرير «أكسفورد إيكونوميكس». وأظهرت تحليلات أن وعود ماهاما خلال الحملة الانتخابية بتحسين الظروف الاقتصادية للأفراد والأسر قد تجد نفسها في اختبار حقيقي نتيجة الحاجة إلى موازنة هذه الوعود مع مطالب صندوق النقد الدولي بالتحلي بضبط الإنفاق المالي.

السلع الأساسية على المحك

سيتعين على الحكومة الجديدة التعامل مع عملية الترخيص لمشاريع النفط والغاز الجديدة؛ حيث انخفض الإنتاج، الذي بدأ في عام 2010، في السنوات الخمس التي سبقت عام 2024. ويخطط ماهاما لمنح السكان المحليين المزيد من الملكية في مشاريع النفط والتعدين المستقبلية إذا فاز.

ويحتاج قطاع الكاكاو أيضاً إلى اهتمام عاجل. وانخفض الإنتاج في ثاني أكبر منتج للكاكاو في العالم إلى أدنى مستوى له منذ 20 عاماً، بسبب تدني أجور المزارعين، وأمراض النبات، وتهريب الحبوب، والتعدين غير القانوني الذي يدمر المزارع. وسوف تكون سوق الكاكاو العالمية مهتمة بشدة بمعرفة ما إذا كان الرئيس الجديد سينفذ مقترحات صندوق النقد الدولي لإجراء إصلاحات شاملة في القطاع، وما إذا كان نموذج التسويق الجديد الذي حل محل قروض الكاكاو المجمعة التي سادت لأكثر من ثلاثة عقود سوف يستمر.