التضخم السوداني يدخل دائرة مفرغة

TT

التضخم السوداني يدخل دائرة مفرغة

مع استمرار تراجع العملة المحلية في السودان وزيادة كلفة الواردات، يرتفع التضخم بشكل مستمر، ضاغطاً على العملة مرة أخرى، ليدخل السودان في دائرة مفرغة من التضخم المستفحل، الذي سجل أعلى مستوى في عقود وسط تزايد أسعار الوقود وهبوط حاد في قيمة العملة المحلية.
وأظهرت بيانات من الجهاز المركزي للإحصاء، مساء الاثنين، أن المعدل السنوي للتضخم في السودان قفز إلى 304 في المائة في يناير (كانون الثاني) الماضي، من 269 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) السابق عليه. ويعاني السودان واحداً من أعلى معدلات التضخم في العالم، في حين أن عملته تهبط في أسواق الصرف الأجنبي، مما يجعل الواردات أكثر تكلفة، ويدفع التضخم إلى مزيد من الصعود.
وقال متعاملون، الاثنين، إن سعر الدولار الأميركي في السوق السوداء وصل إلى 350 جنيهاً سودانياً، مقارنة مع السعر الرسمي البالغ 55 جنيهاً.
وعزا الجهاز المركزي للإحصاء في السودان، في بيان، زيادة التضخم إلى ارتفاع مجموعة الأغذية والمشروبات، التي سجلت 248.27 في المائة لشهر يناير، مقارنة بمعدل 206.44 في المائة لشهر ديسمبر (كانون الأول)، كما قفز معدل السلع المستوردة في سلة المستهلك إلى 197.66 في المائة للشهر الماضي مقارنة بمعدل 194.42 في المائة لشهر ديسمبر (كانون الأول).
وقال الجهاز المركزي للإحصاء، إن معدل التضخم في المناطق الحضرية لشهر يناير سجل 279.20 في المائة، مقابل في 244.68 في المائة ديسمبر (كانون الأول)، فيما بلغ معدل التضخم الشهري في المناطق الريفية 324.31 في المائة في شهر يناير مقارنة بـ288.74 في المائة لشهر ديسمبر (كانون الأول).
وأعلنت الأسبوع حكومة جديدة مهمتها إنعاش الاقتصاد الذي كان يرزح على مدى عقود تحت وطأة العقوبات الأميركية وسوء الإدارة وحروب أهلية تحت حكم البشير. ويمثل التحدي الاقتصادي، أكبر التحديات التي تواجه الحكومة السودانية الجديدة، وهو ما عبر عنه رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، الأسبوع الماضي، الذي أكد على أن الحكومة الجديدة ستصب تركيزها على إصلاح الاقتصاد المتدهور، وأضاف خلال إعلانه لتشكيلة الحكومة أنها «قادرة على تجاوز الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها البلاد».
ويعاني السودان من أزمة اقتصادية بفعل عقود من العقوبات الأميركية، وانفصال الجنوب الغني بالنفط عن الخرطوم في عام 2011، مع تضخم منفلت، فيما تقدر الديون الخارجية للخرطوم بنحو 60 مليار دولار.
وتأمل الحكومة أن يسهم شطب السودان من القائمة الأميركية «للدول الراعية للإرهاب» في مساعدتها على حل مشكلة الدين الخارجي وجذب استثمارات خارجية. والشهر الماضي أقرت موازنة عام 2021 الهادفة لخفض معدل التضخم إلى 95 في المائة.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.