انطلاق اجتماع «ضامني» مسار آستانة في سوتشي بغياب أميركي

المبعوث الرئاسي الروسي: «لا نرى بديلاً» للجنة الدستورية في سوريا

مروحية للجيش الروسي فوق دورية لعناصره مع نظرائهم الأتراك شمال شرقي سوريا في 4 الشهر الحالي (أ.ف.ب)
مروحية للجيش الروسي فوق دورية لعناصره مع نظرائهم الأتراك شمال شرقي سوريا في 4 الشهر الحالي (أ.ف.ب)
TT

انطلاق اجتماع «ضامني» مسار آستانة في سوتشي بغياب أميركي

مروحية للجيش الروسي فوق دورية لعناصره مع نظرائهم الأتراك شمال شرقي سوريا في 4 الشهر الحالي (أ.ف.ب)
مروحية للجيش الروسي فوق دورية لعناصره مع نظرائهم الأتراك شمال شرقي سوريا في 4 الشهر الحالي (أ.ف.ب)

انطلقت أمس، في سوتشي أعمال الجولة الـ15 للمفاوضات في إطار «مسار آستانة» بحضور ممثلين من البلدان الثلاثة الضامنة وقف النار في سوريا (روسيا وتركيا وإيران)، وبمشاركة وفدين من الحكومة والمعارضة.
والى جانب حضور المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن جولة المحادثات، شارك وفدان أمميان يمثلان الصليب الأحمر الدولي، والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين. كما شاركت في هذه الجولة للمرة الثالثة وفود من الأردن والعراق ولبنان بصفة مراقبة، في حين قاطعت واشنطن أعمال هذه الجولة، علماً بأن الولايات المتحدة كانت شاركت في بعض الجولات بصفة مراقبة عبر سفيرها في كازاخستان، لكنها رفضت حضور حوارات «مسار آستانة» منذ الجولة التاسعة التي انعقدت في العاصمة الكازاخية في مايو (أيار) 2018.
واستهلت الوفود نشاطها أمس، بعقد لقاءات ثنائية استغرقت النصف الأول من نهار أمس، ومباشرة بعد الغداء عقدت وفود روسيا وتركيا وإيران جلسة عمل مشتركة لبحث جدول أعمال اللقاء ووضع الترتيبات الأولى للبيان الختامي الذي ينتظر أن يصدر اليوم، في ختام أعمال هذه الجولة. وبات معلوماً أن جدول أعمال اليوم الثاني من المحادثات سوف يشتمل على لقاءات ثنائية ومتعددة الأطراف بحضور وفدي الحكومة والمعارضة في بعضها، وسوف تتم خلالها مناقشة كل الملفات المطروحة على جدول الأعمال. على أن تخصص الجولة الثانية من الحوارات لجلسة عامة يحضرها كل المشاركين، ويتم خلالها إقرار الوثيقة الختامية.
واستهل المبعوث الروسي الرئاسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف أعمال الجولة أمس، بتحديد الملامح الأساسية لسير النقاشات. وكان لافتاً أنه توقف عند غياب الولايات المتحدة عن الجولة، رغم أن هذا الغياب ليس الأول من نوعه. وقال إن واشنطن «رفضت المشاركة في اجتماع (صيغة آستانة) بشأن سوريا في سوتشي بصفة مراقب». وأوضح «أرسلنا دعوة لشركائنا الأميركيين، لكن للأسف تم رفضها. حالياً الأميركيون مشغولون بالشؤون الداخلية، ويبدو أنهم لم يقرروا بعد بشكل كامل ملامح سياساتهم في الاتجاه السوري».
ولفت إلى أن «ما نريد تحقيقه في هذا الاجتماع يقوم بادئ ذي بدء على الحاجة إلى مراجعة وتلخيص ما وصلنا إليه حتى الآن، ووضع أهداف حقيقية وعملية للفترة اللاحقة والبدء في تنفيذها. وأود التأكيد على أننا سنعطي دفعة معينة، ليس لعمل (عملية آستانة)، ولكن لمسار التسوية السورية».
وزاد، أن النقاشات الأولى أظهرت اتفاقاً مع المشاركين على ضرورة الاهتمام بقضايا التسوية السياسية للأزمة السورية، وخصوصاً عبر دعم عمل اللجنة الدستورية في جنيف. مضيفاً أن هذا الأمر تمت مناقشته مع بيدرسن ومع بعض الوفور المشاركة. وأقر لافرنتييف، أن «البعض أعرب عن بعض خيبة أمله من نتائج الجولة الخامسة للجنة الدستورية في جنيف. لكن الوفد الروسي لن يهول هذا الوضع، ويعتقد أنه لا ينبغي القيام بذلك».
وفي إشارة لافتة، أضاف «يجب ألا نستسلم. عمل اللجنة الدستورية في جنيف هو الإطار الدولي الوحيد الذي يمكن أن يأتي بنتائج. لا بديل عنها. سنعمل على دعمها ونجلب الأطراف لاتخاذ قرارات من شأنها دفع عجلة السياسة عملية التسوية». كما لفت إلى أنه «من بين القضايا ذات الأولوية التي نعمل عليها، مكافحة الإرهاب وخلال الأشهر الثلاثة الماضية رأينا تنشيطاً معيناً لـ(الخلايا النائمة) لـ(داعش)، وهناك اشتباكات أكثر تواتراً في الشمال الغربي، كما نرى تفعيل الجماعات الراديكالية التي بقيت هناك، والوضع لا يهدأ أيضاً في الشمال الشرقي، على خط تماس وحدات الدفاع الذاتي الكردية مع وحدات المعارضة السورية المسلحة». وقال لافرنتييف «نتفهم جميعاً أن الوضع مقلق للغاية. يجب عمل كل شيء لمنع تصعيد العنف والانزلاق نحو جولة جديدة من المواجهة المسلحة. سيكون هذا كارثياً، ليس فقط على سوريا، ولكنه سيكون له عواقب سلبية على المنطقة بأكملها».
وفي ملف إدلب، قال المبعوث الروسي، إن «الوقت قد حان للمعارضة السورية لمحاولة تولي الوضع بنفسها وتخليص هذه الأراضي من المنظمات الإرهابية. وهذا من شأنه أن يسهم بشكل كبير في استقرار الوضع ليس فقط في محافظة إدلب».
وتطرق إلى الملف الثاني الرئيسي المدرج على جدول الأعمال، وهو ملف الوضع الاقتصادي والصعوبات الناجمة عن العقوبات الأميركية على سوريا. وقال «في الوقت الحالي، سوريا في عزلة سياسية واقتصادية قوية. وهذا يضيّق المجال لتنظيم عملية تفاوض تجارية متساوية مع الحكومة السورية؛ لذلك نعتزم النظر في أضرار العقوبات الصارمة من جانب الولايات المتحدة. والدول الغربية. لا يمكن بأي حال من الأحوال السماح باستمرار العقاب الجماعي للشعب السوري، بما في ذلك الجزء الذي يدعم السلطات السورية الشرعية الحالية».
كما أكد أن الوفد الروسي يعتزم التطرق إلى عودة اللاجئين خلال المحادثات على مختلف المستويات.
وأشار لافرنتييف إلى أن «صيغة آستانة» لا تزال «الآلية الوحيدة التي تسمح لك باتخاذ أي قرارات وإيجاد سبل لحل الأزمة السورية بشكل أكبر». ونفى المبعوث الخاص للرئيس الروسي رداً على سؤال الصحافيين وجود «أي محادثات حول مسألة تشكيل مجلس عسكري في سوريا»، وقال إن الحديث عن ذلك يهدف إلى «نسف المحادثات والعملية السياسية».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.