«حصّة الأرمن» في الحكومة تفتح باب الاتهام بـ«الثلث المعطل»

من أبرز العقد المعرقلة لتشكيلها

TT

«حصّة الأرمن» في الحكومة تفتح باب الاتهام بـ«الثلث المعطل»

«تمثيل الأرمن» في الحكومة الجديدة هو واحد من العقد التي تعرقل تشكيلها، وهي تخفي فقدان الثقة بين الأطراف المعنية ولا سيما بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري. إذ يطالب الأول بالحصول على ستة وزراء على أن تكون حصة «حزب الطاشناق» الأرمني (وزير واحد) منفصلة عن حصته، فيما يرفض الحريري ذلك باعتبار نواب «الطاشناق» جزءاً لا يتجزأ من «تكتل لبنان القوي» (التيار الوطني الحر)، الذي يرأسه النائب جبران باسيل.
هذا الخلاف بات واضحا وتحدث عنه الحريري بشكل مفصل في كلمته في ذكرى اغتيال والده الأحد الماضي، معتبرا أن المطالبة بسبعة وزراء هي التفاف للحصول على الثلث المعطل، وهو الأمر الذي لا تزال رئاسة الجمهورية تنفيه وتنطلق من بعض التمايز الذي يظهر بين نواب «الطاشناق» و«تكتل لبنان القوي» والذي كان آخره تسميتها الحريري في استشارات التكليف، على خلاف قرار التكتل، وهو ما يشدد عليه أيضا أمين عام حزب «الطاشناق» النائب هاغوب بقردونيان.
وتتفق مصادر في «التيار الوطني الحر» مع بقردونيان، على المطالبة بفصل حصة الأرمن عن حصة عون، بينما يجدد النائب في «تيار المستقبل» محمد الحجار التأكيد على ما سبق أن قاله الحريري، معتبرا أنه عندما يعلن «الطاشناق» انفصاله عن «تكتل لبنان القوي» عندها يمكن الفصل بينهما.
ويوضح بقردونيان موقف «الطاشناق» لـ«الشرق الأوسط» قائلا «صحيح أننا ككتلة النواب الأرمن ضمن تكتل (لبنان القوي)، لكن الكتل النيابية تتمثل في الحكومة كأحزاب، وهذا ما نطالب به كحزب له التمثيل الشعبي، لا سيما أن الاتفاق بيننا وبين (التيار) مبني على احترام الاختلاف بالرأي والتمايز في المواقف، وهذا ما تجسد بشكل واضح في تسمية الحريري في الاستشارات النيابية، وقبلها كنا ذاهبين لتسميته أيضا قبل أن ينسحب هو ويكلف حسان دياب رئيسا للحكومة. وبالتالي يرفض بقردودنيان، استباق موقف «الطاشناق» واعتبار أنه تلقائيا سيكون ضمن «الثلث المعطل» للحكومة، قائلا «موقفنا نتخذه بناء على الموضوع المطروح وهو قد يتقاطع مع رأي التكتل وقد يختلف عنه».
وعن الوزارة المطروحة لتكون من حصة الأرمن، أكد بقردونيان أنه لم يتم الحديث معهم بهذا الشأن لا من قبل رئيس الجمهورية ولا من قبل الرئيس المكلف، حتى إن لائحة الأسماء التي سرّبت لم تتضمن مرشحا أرمنيا، ويقول «عند انتهاء المشاورات والوصول إلى المرحلة النهائية يمكن الحديث عن الموضوع».
وتعبّر مصادر «الوطني الحر» عن وجهة النظر نفسها وتقول لـ«الشرق الأوسط» «الطاشناق أعلنوا أنهم يريدون أن يكونوا مستقلين ولا يريدون أن يحسبوا ضمن حصة رئيس الجمهورية وكتلة (لبنان القوي)، لتمايزهم في أحيان كثيرة عن التكتل، والدليل على ذلك أن نوابهم الثلاثة سموا الحريري في الاستشارات النيابية فيما حجبت (كتلة لبنان القوي) التسمية عنه»، وتلفت المصادر أيضا إلى أن «ممثل الطاشناق في حكومة الحريري كان يصوّت في أحيان كثيرة خلافا لموقف التكتل، وهذا ما يؤكد على ضرورة أن يكون تمثيلهم منفصلاً عنه».
لكن «تيار المستقبل» لا يرى أن هذه التبريرات واقعية، ويقول النائب محمد الحجار إنه طالما أن «الطاشناق» جزء من «لبنان القوي» فلا يمكن الفصل بينهما. ويجدد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» ما قاله الحريري لجهة أن تاريخ كتلة «الطاشناق» منذ التكتل السابق الذي حمل «الإصلاح والتغيير» وصولا إلى «لبنان القوي» مرتبط بـ«الوطني الحر» وهذا ما تعكسه مواقف نوابه في البرلمان، وبالتالي الحديث اليوم عن الفصل بينهما ليس إلا التفافا للحصول على الثلث المعطل، وهذا ما لن يحصل بتأكيد الرئيس الحريري.
ويضيف الحجار «هذا الفريق، التيار الوطني الحر وحلفاؤه، يملكون الأكثرية في البرلمان، وبالتالي بإمكانهم حتى إسقاط الحكومة، لكن يبدو أن التمسك بالثلث المعطل مرتبط بأمور مستقبلية لأهداف متعلقة برئيس التيار النائب جبران باسيل الذي يريد أن يحكم بمعزل حتى عن حلفائه الذين يرفضون هم أيضا حصوله على الثلث المعطل، وبيان رئيس البرلمان نبيه بري الأخير حول هذا الأمر لا ينفصل، بتقديري، عن موقف (حزب الله)، وإن كان الأخير لا يقوم بالجهود اللازمة لحلّ هذا الأمر».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.