حلف الـ«ناتو» يتطلع للعمل مع إدارة بايدن

لتعزيز القدرة على مواجهة روسيا والصين

TT

حلف الـ«ناتو» يتطلع للعمل مع إدارة بايدن

يتطلع وزراء الدفاع في حلف شمال الأطلسي، الـ«ناتو»، للعمل مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في اجتماع الحلف اليوم الذي سيبحث قضايا مهمة ومتعددة. وكان من المفترض أن يهيمن موضوع الانسحاب من أفغانستان على جدول الاجتماع المقرر منذ مدة، لكن التغييرات السياسية التي حصلت في الولايات المتحدة بعد انتخاب بايدن، شجعت على توسيع المواضيع التي سيناقشها الوزراء، في اجتماعهم الافتراضي الأول بحضور وزير الدفاع الأميركي الجديد لويد أوستن، ويستمر حتى غد الخميس.
وأوجز أمين عام الحلف ينس ستولتنبرغ عدداً من المقترحات لوزراء الحلف من شأنها «الاستفادة من قدرة الناتو على التكيف والتغيير مع الظروف الأمنية المتغيرة»، بحسب ما جاء في نص وزعته وزارة الدفاع الأميركية، قبيل اجتماع وزراء الحلف. وجاء في تلك الاقتراحات أن الوزراء سيناقشون خطة الناتو لعام 2030. والعمليات الجارية في العراق وأفغانستان، على أن يناقش الوزراء مسودة القضايا التي ستطرح في قمة الحلف التي ستعقد في بروكسل في وقت لاحق، رغم ترجيح عقدها افتراضياً أيضاً، ما لم يتمكن العالم من تحقيق تقدم جوهري في مواجهة جائحة كورونا.
وقال ستولتنبرغ إن قمة الحلف «ستكون فرصة فريدة لبدء فصل جديد من العلاقات عبر الأطلسي»، في إشارة غير مباشرة للمناخ الذي أثاره خروج ترمب من سدة الرئاسة. وقال: «ليس سراً أنه خلال السنوات الأربع الماضية أجرينا بعض المناقشات الصعبة داخل الناتو، لكننا الآن نتطلع إلى المستقبل»، مضيفاً أنه سيقدم للقادة خطة طموحة للأمن والدفاع عبر المحيط الأطلسي». ويتوقع أن يحظى التحدي الذي تشكله روسيا والصين بمناقشة واسعة، حيث شدد ستولتنبرغ على مواجهة التحديات العالمية، خصوصاً من الصين وروسيا، اللتين هما في «طليعة معارضة استبدادية للنظام الدولي القائم على القواعد». وأضاف: «لذلك يتعين علينا تعزيز حوارنا السياسي وتعاوننا العملي مع شركائنا في التفكير لتعزيز قيمنا وحماية مصالحنا».
وبحسب اقتراحات ستولتنبرغ يريد أمين عام الحلف في خطته لعام 2030، زيادة في تمويل التحالف لأنشطة الردع والدفاع الأساسية. وقال: «هذا من شأنه أن يدعم انتشار قوات الحلفاء والمجموعات القتالية في أوروبا الشرقية، ويعزز عمل قواتنا ودورياتنا الجوية وانتشارنا البحري والتدريبات». ويأتي هذا التشديد على دور الحلف في الجبهة الشرقية، للرد على المخاوف التي تثيرها التحركات والتهديدات الروسية المتواصلة لعدد من دول الحلف هناك. كما أن تشديد ستولتنبرغ على «التقاسم العادل للأعباء والمساهمة في ميزانية الحلف، يعكس أيضاً واحدة من القضايا التي سيتم التطرق إليها مفصلاً، بحضور الوزير الأميركي أوستن، ما يعني أن المطالبة الأميركية العلنية والصاخبة التي رفعها الرئيس السابق دونالد ترمب لحض أعضاء الحلف على الوفاء بمساهماتهم المالية لن تختفي في أي وقت.
وقال إن هذا سيكون له «تأثير في تعزيز التحالف، مطالباً أن يتبنى القادة أهدافاً أكثر وضوحاً وقابلية للقياس من أجل الصمود الوطني وضمان حد أدنى من المرونة المشتركة بين الحلفاء». وأوضح أن جزءا من هذا سيكون مراجعة سنوية لمواطن الضعف في البنية التحتية الحيوية والتقنيات، بما يشمل المخاطر الناشئة عن الاستحواذ على معدات أجنبية وتأثيرها على قدرات الحلف، في إشارة غير مباشرة على قيام تركيا بالحصول على منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400». وغني عن القول إن هذه القضية شكلت ولا تزال إحدى أبرز نقاط الخلاف مع تركيا، إضافة لسياسات أنقرة في حوض البحر المتوسط بعد تزايد الاحتكاكات والتوترات مع دول في الحلف، حيث يتوقع أن تكون من بين القضايا الرئيسية التي سيبحثها وزراء الدفاع.
وأكد ستولتنبرغ على ضرورة حفاظ الحلف على تفوقه التكنولوجي، مقترحاً «مبادرة الابتكار الدفاعية للناتو لتعزيز التشغيل البيني وتعزيز التعاون عبر الأطلسي في الابتكار الدفاعي». وشدد على أن هناك خطرا حقيقيا يتمثل في أن الدول الأكثر تقدماً قد تطور قدرات لا تتواصل مع قدرات دول الناتو الأقل تقدماً، وهو ما يجب التصدي له. وأضاف أنه ينبغي زيادة التنسيق السياسي بين الحلفاء والتشاور حول المزيد من القضايا بما في ذلك المسائل الاقتصادية المتعلقة بالأمن. وقال: «لدينا الإجراءات المعمول بها للقيام بذلك اليوم، لكن ما نحتاجه هو المزيد من الإرادة السياسية لاستخدامها».
ويرى محللون أن تمديد وجود القوات الدولية في أفغانستان قد يكون أمراً محسوماً، رغم بعض الخلافات التي سيناقشها وزراء دفاع الحلف. فالاتهامات التي وجهت لحركة طالبان بعدم احترام التزاماتها في تطبيق الاتفاق الذي وقعته مع واشنطن قبل سنة، والأخطار السياسية الناجمة عن استمرار انسداد الحوار بين طالبان والحكومة الأفغانية، يقرع جرس إنذار لدى دول الحلف من أن تكون أفغانستان في طريقها للتحول مرة أخرى إلى ملاذ لشتى أنواع الفصائل والتنظيمات الإرهابية، ناهيك عن زعزعة الاستقرار المتوقعة في دول الجوار أيضاً. ومع استعداد وزراء الحلف للبت في تمديد بقاء 10 آلاف جندي بينهم 2500 جندي أميركي، يسود اعتقاد بأن الحلف سيوافق أيضاً على طلب العراق المزيد من المساعدة من قوات التحالف لتدريب القوات العراقية وبناء القدرات الأمنية، خصوصاً بعد الهجوم الأخير الذي تعرضت له قاعدة رئيسية للتحالف في مدينة أربيل.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».