إقصاء حزبين «مواليين لبوتفليقة» من الحوار السياسي في الجزائر

الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
TT

إقصاء حزبين «مواليين لبوتفليقة» من الحوار السياسي في الجزائر

الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)

بينما قررت الرئاسة الجزائرية إقصاء حزبين مواليين للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة من «الحوار السياسي»، الذي أطلقته الأحد، واجهت قيادة أقدم أحزاب المعارضة حملة داخلية كبيرة بسبب لقائها بالرئيس عبد المجيد تبون، بعد أن كانت أعلنت عدم اعترافها بنتائج الانتخابات التي أفرزته رئيساً لخمس سنوات.
واستقبل تبون بمقر الرئاسة، أمس وأول من أمس، قادة أحزاب مقربين منه، وآخرين من المعارضة العلمانية والإسلامية، وبحث معهم حلّ البرلمان خلال العام الجاري، وإطلاق تحضيرات لانتخابات برلمانية مبكرة. كما جرى الحديث عن الأزمة المالية الحادة بفعل تراجع مداخيل النفط والغاز، والأزمة الصحية المرتبطة بفيروس كورونا، وقضايا مرتبطة بمعتقلي الحراك الشعبي والحريات، وإحداث تغيير في الحكومة، بإبعاد وزراء انتقدهم تبون في وقت سابق، على أساس أنهم فاشلون في مهامهم.
ويوجد إجماع لدى المراقبين على أن جولات «الحوار السياسي» لن تشمل حزبي «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي»، اللذين يسيطران على مقاعد البرلمان والمجالس البلدية والولائية، منذ 20 سنة، ويعتبران من الركائز التي بسط عليها بوتفليقة حكمه.
ويعتبر الرئيس تبون أن الحزبين يشكلان عبئاً سياسياً عليه لسببين: الأول أن الحراك ندد بهما عندما انفجر في 22 فبراير (شباط) 2019، وطالب بحلهما بحجة أنهما يرمزان إلى «الفساد المعمم»، خصوصاً تزوير انتخابات البرلمان التي جرت في 2017. وبذلك لن يغامر تبون بدمجهما في أي مسعى سياسي جاد، تفادياً لنزع المصداقية عنه، علماً بأن بعض قياديي الحزب حوكموا بتهمة دفع رشى مقابل الحصول على مقاعد بالبرلمان.
والسبب الثاني هو أن عدداً من قياديي الحزبين أدانهم القضاء بأحكام ثقيلة بالسجن بعد اتهامهم بالفساد، وعلى رأس هؤلاء أمين عام «جبهة التحرير» جمال ولد عباس، وأمين عام «التجمع الوطني» أحمد أويحيى، الذي كان آخر رئيس وزراء قبل عزل بوتفليقة في الثاني من أبريل (نيسان) 2019.
يشار إلى أن تبون عضو بـ«اللجنة المركزية» لحزب الأغلبية «جبهة التحرير»، حيث التحق بصفوفه رسمياً عام 2017. غير أنه حرص منذ وصوله إلى الحكم على إنكار أي علاقة به. ويجد مؤيدوه حرجاً كبيراً حيال هذه المسألة، ويقولون إنه استقال من الحزب.
وتفيد مصادر من «جبهة التحرير» بأن أمينها العام، أبو الفضل بعجي، مستاء من عدم دعوته لـ«الحوار»، وأنه يعتبر ذلك مؤشراً قوياً على أن الحزب غير وارد في حسابات السلطة الحالية. وكان بعجي وقيادة «التجمع الديمقراطي»، قد أعلنا تأييدهما لسياسات تبون، بما فيها استفتاء تعديل الدستور الذي نظم في فاتح نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وفي السياق نفسه، عرفت صفوف «جبهة القوى الاشتراكية»، أقدم حزب معارض تأسس عام 1963، هزة عنيفة أمس، بسبب رفض قياديين تلبية السكرتير الأول للحزب يوسف أوشيش ورئيس «هيئته الرئاسية» حكيم بلحسل، دعوة تبون للحوار. ووصل الأمر إلى اتهامهما بـ«الخيانة» على أثر تداول صورة لهما مع الرئيس، أثناء اللقاء الذي جمعهما به بمقر الرئاسة أول من أمس. وتم وصف التبادل مع رئيس السلطة التنفيذية بأنها «ردة» و«تنكر لمبادئ الحزب»، التي تتمثل في رفض كل ما يأتي من السلطة.
من جهة ثانية أيدت محكمة الاستئناف بتيبيزا امس أحكام السجن على والي العاصمة الأسبق عبد القادر زوخ في قضايا فساد.
كما قضت محكمة شرق العاصمة بالسجن عامين بحق ابراهيم لعلامي أحد نشطاء الحراك لإدانته بعدة تهم, منها {إهانة رئيس الجمهورية}.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.