«مقامات الحمراء» في معرض «مسارات» بمراكش

يقدم أعمال فنانين تشكيليين تتوزع بين الواقعية والتجريدية والتعبيرية

ملصق معرض «مسارات» في مراكش
ملصق معرض «مسارات» في مراكش
TT

«مقامات الحمراء» في معرض «مسارات» بمراكش

ملصق معرض «مسارات» في مراكش
ملصق معرض «مسارات» في مراكش

بمناسبة تدشين رواقها «بُولْ آرْتْ للفنون المعاصرة»، تنظم «جمعية القطب الدولي للفنون التشكيلية»، بمراكش، معرضاً افتتاحياً تحت شعار: «مسارات»، وذلك بين 20 فبراير (شباط) الحالي و15 أبريل (نيسان) المقبل، بمشاركة 9 فنانين تشكيليين من أعضاء «القطب»، تتوزع أعمالهم بين الواقعية والتجريدية والتعبيرية، وهم: رشيد أرجدال، وحسن إيلان، وجان ميتشل بوكتون، وفاطمة كنينير، وراجي الإله عبد الباقي، وعبد الحق الرزيمة، وماحي شفيق الإدريسي، ومحمد نجاحي، وعبد اللطيف نايت عدي.
وقدم الفنان والناقد التشكيلي بنيونس عميروش للمعرض بنص نقدي تناول فيه تجارب الفنانين التسعة المشاركين، في هذا المعرض المنظم بهذا الرواق الذي يهدف إلى الإسهام في «تفعيل الحركة التشكيلية ودعم الذوق الفني».
وكتب عميروش، في معرض تقديمه للمعرض، الذي حمل عنوان: «مقامات الحمراء»، أن تنظيم هذه التظاهرة الجماعية تروم «إعادة خلق حركية فنية بعد أن فرض زمن الوباء ركوداً ثقافياً، وتسبب في عزلة الفنانين والمبدعين على اختلاف مشاربهم»، مع إشارته إلى أن المعرض يقترح مجموعة من الأعمال المختارة، والموقعة من لدن ثلة من الفنانين التشكيليين المغاربة الذين يشتركون في الفعل التشكيلي وما يحمله من «قيم التقاسم والتبادل التعبيري»، فيما «يتقاطعون في الأساليب والمعالجات والمقاربات التصويرية التي تنهل من شتى المفاهيم والمواقف والتصورات الحديثة والمعاصرة».
وتحت عنوان «مقام الجسد»، رأى عميروش أن شخوص رشيد أرجدال تنبثق بـ«صور شبحية متحركة، تتقدم إلى الأمام لتَخْلد للراحة في وضعية جلوس بسيقان زرقاء متداخلة سائرة في نَفْض تعب اليومي وأقراحه»؛ هي «الأجساد التي تلمح بخِّفتها إلى انتمائها الكوني، ذلك الفضاء المفتوح الذي يستوعب الكائن البشري في صخبه ونَزَقه، حيث الترميز الخطي الذي يصنع هياكلها؛ إنما يجعلها استدلالاً يحتمل فسحة القراءة والتأويل».
وفي المقابل، «ينطبع الوجه بدقائق التفاصيل» لدى عبد الحق الرزيمة، الذي «يعالج البورتريه بمادية معدنية (بالأبيض والأسود)، تعكس ملامس الحياكة برونق يميل إلى مصنف النحت البارز (البروز الخفيف للغاية)». غير أن «هذا التمكن الأكاديمي لا يمنعه من توطيد تعبيرية تشخيصية مختزلة بالمعالجة المادية نفسها» تتمثل عبرها الشخوص بأسْلَبَة بديعة، تتوخى «الاكتمال والوضوح داخل تكوين سينوغرافي هندسي، يقوم على بنائية تَراكبِّية، تعتمد كولاجات (إلصاقات) القماش وما تثيره من تناغم بين الإبقاء والتغطية، داخل تبادل لوني موَحد براديات ساخنة». في حين ينجذب تصوير جون ميشال بوكتون إلى اللمسات السريعة المفعمة بتلوينات باردة تعكس نبرة الطبيعة، كمَشهدية شَذرية ندِّية (أخضر وأزرق)، تتخللها التضادات القوية التي تجعل مركزها بؤرة حركية للضوء وما يكتنفه من تدرجات واختراقات وانزياحات تبقي على أثر الهروب». وإلى جانب هذا النزوع الذي ينتصر لتعبيرية تجريدية، تُرصد في لوحات أخرى أطياف دالة تحيل إلى «شخوص هلامية» كما في عمله «الثنائي»، حيث «تؤلف مقطعاً رمزياً يعكس أجواء مدينة مراكش من خلال تزكية السُّمْرَة وتنبيت بياض الجلاليب التقليدية، ضمن تحاور وتجاوب الأطياف الآدمية التي تدخل في دوامة التراكب واللامكْتَمل».
وتحت عنوان «مقام المونوكروم»، نكون مع محمد نجاحي أمام «مقاربة إقلالية، تتخذ المعالجة المادية فيها قطب الرحى من خلال الخلفية في حد ذاتها، بحيث تَنْبَني على اشتغال متأن في استنبات القشرات وما يتخللها من تحَلُّل وتباين الملامس والألوان التي قد تَتحِّد في صنف أحادي، متذبذب ولماع»؛ يشكل «مَقاطع جدارية؛ أجزاء من الحيطان البالية المطبوعة باللون الترابي، وما تَحْتَمله من الطبقات الجيرية التي تعكس عبق الزمن الغابر. لعلها مقاطع من أسوار عتيقة ذات صلة بالمدينة الحمراء، بل ذلك ما تؤكده الكولاجات البارزة الحاملة للأيقونات المختصرة والدالة على مراكش وقباب مزاراتها، بينما الوجوه المصغرَة والإلصاقات الجزئية للجرائد بتصفيفها الطباعي، إنما هي إشارة لِكينونة الجدار باعتباره تحقيقاً رمزياً لأنوار التاريخ المبثوث في ماديته وقشوره وحياكته». فيما يعمل راجي الإله عبد الباقي على «تكديس أحيائه ضمن قطب مَرْصوف ومتشابك في الحين ذاته، كأنه يشير بذلك إلى قيمة الوحدة، والتلاحم الذي يجسده في قالب مدَوْزَن، عبر تَباين مَلحمي للكتل البنائية بين الترْفيع والتوْسيط والتنْزيل»؛ ضمن «معالجة تشكيلية لمعنى الجاذبية التي تمسي مجادلة بصرية قابلة للقلب والتجاوز، ولو من جانب تمويه زاوية النظر التي تلتبس مع لبوس الترميز ومجاوراته الأسلوبية».
وتحت عنوان «مقام العلامة»، وقريباً من هذه التصويرية ذات اللون المسيطر، تتشكل لوحات ماحي شفيق بـ«مناخات أحادية (بين الأزرق والرمادي والبني)، تحيل إلى ضرب خاص من صوغ الكتابة، ليس بمفهوم (الحرف) أو (الكاليغرافيا)؛ وإنما آثار لـ(كتابة) ذاتية مختزلة، توحي بما يشبه الحروف العربية الطائرة والمتداخلة فيما بينها»، كما أنها، أيضاً، «خربشات وخدوش وخطوط وأشكال دَوارة تَظهر وتختفي ضمن صيرورة التفريش والتغطية وإعادة التغطية». أما في أعمال عبد اللطيف نايت عدي، فـ«نتلمس هذا المَيْل (الكِّتابي) الذي ينتصر لتَلْوينيّة ثرية أقرب إلى مشاهد طبيعية رائقة»، عبر «توليد الحروف وتجميعها ضمن دوامة دائرية شديدة الكثافة والحركة، سرعان ما تتلاشى يمْنَة ويسْرَة بامتدادات لونية زاهية، تقيم مراسيم بصرية لرمزية (حروفية)، كثيراً ما تتجاوب مع علامات دقيقة مشتقة من التراث البصري، كما هي منسوجة في الزربية والوشم والحناء». وبعيداً عن العرف الشكْلي في عرض العمل التصويري بأربعة أضلاع (المربع والمستطيل، بعامة)، اختار حسن إيلان «مقاربة تَعْميرِيّة مَنْقوصَة بضلع، من خلال منح لوحاته هيئة مثلث متوازي الأضلاع، تكتسحه تصويرية منقوصة بدورها»، لكونها مصوغة بـ«حس إقلالي، في الحين الذي يكتفي فيه بالرمادي اللامع لتفريش خلفياته الموسومَة بالخطوط الرقيقة، الكثيفة في المرتَفَع، المنسابَة بأريحية في الوسط، لترسم عبرها الرموز والعلامات تارة، فيما تنطبع ككتابة تحاكي طقوس الطرس طوراً آخر».
وفي «مقام الغنائية»، ننتقل مع فاطمة كنينير، إلى «غنائية صرفة تقوم على نزوع ذاتي يخترق عذرية القماشَة ويسْتَبطنها من خلال الرش والسيلان والتفريش التلقائي»، مع ما يحدث من «تمازج وتحلُّل الصبغات المائية الموصولة بالتضادات القوية». غير أن «التكوين السائل، سرعان ما يتخذ صبغة التوجيه العقلي، لخلق التدرجات والتوازنات البصرية التي تحتفي بجمالية البياض؛ حيث المَلْء تحفيز تطبيقي لترشيد الفراغ».



خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)
خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)
TT

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)
خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)

في عودة للمسلسلات المأخوذة عن «فورمات» أجنبية، انطلق عرض مسلسل «سراب» المأخوذ عن رواية بعنوان «سبعة أنواع من الغموض» (Seven Types Of Ambiguity) للكاتب الأسترالي إليوت بيرلمان، التي حُوّلت مسلسلاً عُرض عام 2017، وحقّق نجاحاً لافتاً. وتدور أحداثه في قالبٍ من الغموض والإثارة، وهو ما يعوّل عليه بطل المسلسل المصري الفنان خالد النبوي، بمشاركة مجموعة كبيرة من الفنانين، من بينهم، يسرا اللوزي، ونجلاء بدر، ودياموند بوعبود، وأحمد مجدي، وهاني عادل، وأحمد وفيق، وإنجي المقدم، وسيناريو وحوار ورشة كتابة بإشراف المؤلف هشام هلال وإخراج أحمد خالد.

يؤدي خالد النبوي في المسلسل شخصية «طارق حسيب»، الذي يتمتّع بحاسة تجعله يتوقع الأحداث قبل تحقُّقها، في حين تجسد يسرا اللوزي دور زوجته «الطبيبة ملك». يفاجأ الزوجان باختفاء طفلهما زين (7 سنوات) من مدرسته، ورغم عودته سالماً لوالديه، تتكشف لهما وقائع صادمة كثيرة؛ مما يقلب حياتهما الهادئة رأساً على عقب.

المسلسل تعرضه منصة «TOD» القطرية حصرياً في 10 حلقات ابتداءً من الثلاثاء، وقد عُرضت 3 حلقات منه، وحظي باهتمام لافتٍ منذ بثّ الإعلان الرسمي له، الذي أثار حالة تشوّق كبيرة من متابعين عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمشاهدته.

وأكد المؤلف هشام هلال، أن «المسلسل المصري لا يُقدّم نسخة مطابقة للمسلسل الأسترالي، بل يقدم معالجة مصرية خالصة، بحيث لا يمكن المشاهد أن يشكك في كونها عملاً غير مصري»، لافتاً إلى تولّيه الإشراف على فريق من الكتابة يضمّ 5 مؤلفين هم، محمود حسن، ومحمود شكري، وخالد شكري، ودعاء حلمي، وبسنت علاء. منوهاً إلى أن «المسلسل الأسترالي دارت أحداثه في 6 حلقات، في حين يُقدّم العمل المصري في 10 حلقات لإضافة شخصيات جديدة لأن الموضوع يسمح بذلك»، حسب قوله.

بوستر المسلسل (الشركة المنتجة)

ويشير هلال إلى اختلاف طريقة السّرد الدرامي في الحلقات قائلاً: «اتبعنا أسلوباً غير سائدٍ في كتابة الأعمال الدرامية، لم يعتده المُتفرج المصري والعربي؛ إذ تتناول كلّ حلقة شخصية من الشخصيات التسع الرئيسية، في حين تجمعهم الحلقة العاشرة والأخيرة. كما أن المخرج أحمد خالد يُقدم أسلوباً مغايراً ينتقل خلاله بين الزمن الحالي والأزمنة السابقة التي وقعت فيها أحداث في المسلسل».

من جانبه، قال الناقد الفني محمد عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط»: إن «الحلقات الثلاث الأولى من المسلسل تمتّعت بمستوى عالٍ من التّشويق، خصوصاً بعد العثور سريعاً على الطفل المفقود، بشكل يجعل علامات الاستفهام أكبر، وفي اتجاه غير معتادٍ درامياً، فبدلاً من السؤال عن مكان الطفل، بات البحث عمّا حدث في ماضي الأبطال للوصول إلى لحظة اختفائه».

الفنان أحمد مجدي خلال تصوير المسلسل (الشركة المنتجة)

ويرى عبد الرحمن أن أداء الممثلين في «سراب» جيّدٌ واحترافي، وأن خالد النبوي يقدم شخصية «طارق» بتركيزٍ واضح بجانب الاهتمام بتفاصيل الشخصيات نفسياً، وهو أمر يُحسب لورشة الكتابة بإشراف هشام هلال، وللمخرج أحمد خالد أيضاً، الذي حرص على توفير إيقاع سريع للأحداث، واستغلال كل أحجام الكادرات للتعبير الدرامي عن التفاصيل، مثل مشهد وصول «النبوي» إلى مقرّ عمله، وتقسيم جسده إلى كادرات تعكس ثراءه الشديد وثقته بنفسه.