لبنان يستهل حملة التلقيح بالكادر الطبي والمعمّرين

انطلقت في 3 مستشفيات بالعاصمة

عامل صحي يتلقى لقاح «فايزر» في بيروت أمس (أ.ف.ب)
عامل صحي يتلقى لقاح «فايزر» في بيروت أمس (أ.ف.ب)
TT
20

لبنان يستهل حملة التلقيح بالكادر الطبي والمعمّرين

عامل صحي يتلقى لقاح «فايزر» في بيروت أمس (أ.ف.ب)
عامل صحي يتلقى لقاح «فايزر» في بيروت أمس (أ.ف.ب)

أطلق لبنان أمس حملة التطعيم ضد فيروس «كورونا» بتلقي 100 شخص اللقاح في مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت، غداة وصول 28500 جرعة من لقاح «فايزر»، على أن يزداد العدد في الأيام المقبلة بعد التأكد من فاعلية التسجيل. واستهل التلقيح بإعطاء أول جرعة من لقاح «فايزر - بايونتيك» لرئيس قسم العناية المركزة في مستشفى رفيق الحريري الحكومي في بيروت الطبيب محمود حسون، تلاه إعطاء اللقاح للممثل الكوميدي التسعيني صلاح تيزاني، في مؤشر على أن التلقيح سيطال الفئات العمرية الأكبر سناً من المعمّرين، والكادر الطبي.
وزار المستشفى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب للاطلاع على العملية ثم جال على الأقسام المخصصة لمكافحة فيروس كورونا واطلع من المعنيين على انطلاق عملية التلقيح بعد وصول الدفعة الأولى من اللقاحات، مشيداً بجهود الأطباء الذين تحملوا أعباءً وقدّموا حياتهم «لحماية الناس من هذا الوباء القاتل». وتوجّه دياب إلى الأطباء والممرضين والقطاع الصحي بالقول: «أتيت لأتفقد المركز وأطمئن عليكم جميعاً. أنتم الجنود المجهولون الذين يحملون هذا العبء الكبير منذ سنة، وكنتم على مستوى المسؤولية، وقدّمتم تضحيات، وهناك من دفع حياته ثمناً لهذه الرسالة لحماية الناس من خطر الوباء القاتل». وأضاف: «التزاماً مني ببرنامج اللجنة الوطنية للقاح وبالجدول الزمني، لن أتلقى اللقاح اليوم (أمس)، لأن الأولوية هي لكم أنتم، للقطاع الصحي الذي يجب أن نقدّم له الحماية من هذا الخطر ليتمكّن من الاستمرار برسالته بهدف حماية الناس. أنتم قبلي، والأولوية لكم، ولكل شخص ينطبق عليه برنامج اللجنة».
وبحسب خطة الحكومة، تخصص المرحلة الأولى من التلقيح للطاقم الطبي ومن هم فوق 75 عاماً. وبدأ بالفعل التطعيم أمس بالكوادر الطبية في ثلاثة مستشفيات في بيروت هي مستشفى رفيق الحريري، أبرز المؤسسات الحكومية المتخصصة باستقبال المصابين بـ«كورونا»، إضافة إلى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت ومستشفى القديس جاورجيوس. وبحسب البنك الدولي، فإن الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر سيشرف «بشكل مستقل» على تخزين وتوزيع اللقاحات الممولة بمساعدة من البنك الدولي بقيمة 34 مليون دولار.
وأكد وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أن حملة التلقيح من أهمّ الخطوات التي تحققت رغم الظروف التي نعيشها وهي من أفعل الاستراتيجيات في محاربة وباء «كورونا». وقال حسن: «لن أتلقّى اللقاح حالياً لأنني أصبت بـ(كورونا) منذ فترة وأنا حالياً خارج الطبقة المستهدفة وأحترم الإجراءات». وأضاف: «خطوة رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب بتأخير لقاحهما جيّدة من حيث الالتزام بدورهما عبر المنصّة».
وقال نقيب الأطباء، شرف أبو شرف، بعد تلقيه اللقاح في مستشفى القديس جاورجيوس في بيروت أنه: «لا صحة ولا اقتصاد من دون لقاح ومناعة جماعية سريعة». وأضاف: «اللقاح فعّال وآمن. هذا ما أثبتته الدراسات العلمية بالإضافة إلى أن أكثر من 300 مليون شخص تلقوا اللقاح حتى الآن». وقال أبو شرف إن «المستشفيات مكتظة والطوارئ مليئة والمضاعفات خطيرة وعدد الوفيات في ازدياد مطرد. لا علاج للجائحة إلا بالتدابير الوقائية واللقاح»، داعياً اللبنانيين إلى التلقيح.
وتعهد رئيس اللجنة الوطنية لإدارة لقاح كورونا ​عبد الرحمن البزري بأنه «بحلول يوم الأربعاء سيكون هناك 15 مركزاً للتلقيح»، وقال: «إننا مطمئنون إلى سلامة الإجراءات». وبحسب وزارة الصحة فإن نحو نصف مليون شخص سجلوا أسماءهم حتى الآن لتلقي اللقاحات بينهم 45 ألف ممن تزيد أعمارهم عن 75 عاماً و17500 موظف في القطاع الصحي. وقال وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن في وقت متأخر من يوم السبت إن «اللقاح سيصل إلى كل مواطن لبناني في أرجاء الوطن»، كما سيشمل التطعيم «النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين».
وينتظر لبنان تلقي ما مجموعه 6 ملايين جرعة من اللقاحات، بينها 2.7 مليون جرعة في إطار منصة «كوفاكس» الدولية التي أنشئت لدعم الدول ذات الإمكانات المحدودة. وقال المدير الإقليمي في البنك الدولي ساروج كومار جاه في بيان إن العملية تبدأ في لبنان: «في وقت يعاني فيه نظامه الصحي بالفعل من ضغوط شديدة من جراء تفشي جائحة كورونا، وأزمة عميقة طال أجلها على صعيد الاقتصاد الكلي، وأخيراً الانفجار المدمّر الذي تعرض له مرفأ بيروت».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.