الأمم المتحدة تدخل على خط «أزمة الموازنة» بين بغداد وأربيل

TT

الأمم المتحدة تدخل على خط «أزمة الموازنة» بين بغداد وأربيل

في وقت أكملت فيه اللجنة المالية في البرلمان العراقي كل الجوانب المتعلقة بالموازنة المالية لعام 2021، فإن العائق الوحيد الذي لا يزال يحول دون طرحها للتصويت هو عدم الاتفاق بشكل نهائي حول حصة إقليم كردستان. وفي حين بدت التصريحات الأخيرة لرئيس حكومة الإقليم، مسرور بارزاني، تحمل قدراً كبيراً من الاستفزاز لكثير من الكتل السياسية الرافضة للتنازل للكرد في الموازنة، فإن الأمم المتحدة -عبر ممثلتها في العراق جينين بلاسخارت- دخلت على خط الأزمة لتذليل الصعوبات.
وكان نواب من كتل شيعية مختلفة قد أعلنوا رفضهم لما عدوه أي مجاملة من قبل الكتل السياسية للكرد، على حساب مواطني الوسط والجنوب، داعين إلى تمرير الموازنة داخل البرلمان بالأغلبية، لا بالتوافق.
وفي هذا السياق، أعلنت بلاسخارت لدى لقائها رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، أمس (الأحد)، أن الأخير قادر على تثبيت حصة الإقليم في الموازنة. وقال بيان لرئاسة إقليم كردستان إن «بلاسخارت أكدت قدرة نيجيرفان بارزاني على تثبيت حصة كردستان في الموازنة الاتحادية لعام 2021، وكذلك قدرته على الحفاظ على وحدة الصف للأطراف الكردستانية». وأكد الجانبان ضرورة «معالجة تلك الخلافات وفق مبادئ الدستور العراقي».
إلى ذلك، أكدت رئيس كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان العراقي، فيان صبري، لـ«الشرق الأوسط» أن «المفاوضات لا تزال مستمرة بين المركز والإقليم من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي حول حصة الإقليم»، مضيفة أن «كل ما يتعلق بموضوع النفط والمنافذ الحدودية يناقش وفق الدستور والقوانين النافذة».
وأوضحت صبري أن «الإقليم لا يعارض تسليم 250 ألف برميل نفط يومياً إلى بغداد، فضلاً عن نصف الإيرادات غير النفطية، على أن تلتزم الحكومة الاتحادية بدفع مستحقات الإقليم طبقاً للقانون والدستور».
وفي السياق نفسه، كشفت النائبة عن الحزب الديمقراطي الكردستاني ميادة النجار أن وفداً كردياً «سيزور بغداد خلال اليومين المقبلين لحسم حصة الإقليم مع الكتل السياسية»، مبينة أن «حصة الإقليم سوف تحسم هذا الأسبوع، ومن بعدها يتم تحديد موعد التصويت على الموازنة».
كانت اللجنة المالية قد عاودت اجتماعاتها أمس (الأحد)، بعد أن كانت قد أنهت الأسبوع الماضي كل الجوانب المتعلقة بالموازنة. وقالت اللجنة، في بيان، نقلاً عن رئيس اللجنة هيثم الجبوري، إن اللجنة «عقدت ستة وأربعين اجتماعاً على مدى خمسمائة ساعة وثلاثمائة وعشرين استضافة لكل وزراء الدولة ورؤساء المؤسسات والمديرين العامين والمحافظين والهيئات والاتحادات والنقابات والأكاديميين والخبراء الاقتصاديين وشرائح مجتمعية مختلفة من القطاع الخاص، حرصاً منها على أن تكون هذه الموازنة ذات بعد اقتصادي، وأن تحتوي على خطط تنموية وإصلاحية حقيقية».
وأوضح البيان أن «اللجنة قللت العجز المالي في الموازنة من 77 تريليون دينار عراقي إلى 26 تريليوناً، وقللت من الإنفاق العام بالمناقلة إلى الميزانية الاستثمارية، لترتفع من 16 في المائة إلى 24 في المائة».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.