دبيبة يواصل مشاورات تشكيل الحكومة الليبية الجديدة

دعا مصراتة إلى قيادة المصالحة... ودعوات لـ«مقاطعة» الاستفتاء على الدستور

جانب من تدريبات قوات موالية لحكومة {الوفاق} بضواحي طرابلس (رويترز)
جانب من تدريبات قوات موالية لحكومة {الوفاق} بضواحي طرابلس (رويترز)
TT

دبيبة يواصل مشاورات تشكيل الحكومة الليبية الجديدة

جانب من تدريبات قوات موالية لحكومة {الوفاق} بضواحي طرابلس (رويترز)
جانب من تدريبات قوات موالية لحكومة {الوفاق} بضواحي طرابلس (رويترز)

وسط سلسلة اتصالات أميركية وأممية للإسراع بتشكيل السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا، واصل رئيس المجلس الرئاسي الجديد محمد المنفي، ورئيس حكومته عبد الحميد دبيبة، أمس، مشاورات اختيار وزراء الحكومة المرتقبة، وسط دعوات لمقاطعة الاستفتاء المقرر على الدستور.
وناقش المنفي مع أعضاء مجلس النواب، بمقره في مدينة طبرق (أقصى شرق البلاد)، تفاصيل الجلسة المقررة له، ووضع الترتيبات اللازمة لمنح الثقة للحكومة الجديدة، فور الانتهاء من تشكيلها وعرضها على المجلس، لتتمكن من مباشرة مهام عملها.
وكان لافتاً إعلان المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، عن منح المنفي الدرع الشرفي للجيش الذي تسلمه من بلقاسم (الابن الأصغر لحفتر) نيابة عنه، في تأكيد للحفاوة التي أسبغها المشير على المنفي لدى اجتماعهما مؤخراً في مقره بالرجمة، وذلك في أول زيارة له إلى المنطقة الشرقية منذ اختياره لمنصبه الجديد.
ويعتزم المنفي زيارة كل المناطق في ليبيا. ونقلت وسائل إعلام محلية عن متحدث باسمه أنه يسعى إلى التوافق بين جميع الأطراف، لتوحيد مؤسسات الدولة كافة، على أمل أن ينعكس ذلك بالإيجاب على حياة المواطن.
ومن جانبه، عد عبد الحميد دبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، أنه قد حان الوقت لطي صفحة الماضي، وإطلاق السلام في ليبيا، فيما قال مكتبه الإعلامي إنه يخطط لزيارة المنطقة الشرقية خلال الأسابيع المقبلة.
ومع اقتراب الاحتفال بمرور 10 سنوات على الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011، دعا دبيبة مدينة مصراتة التي ينتمي إليها، خلال لقاء عقده بمنزله، إلى قيادة المصالحة في عموم البلاد، بعد سنوات من الحرب. وشدد على أن المدينة «يجب أن تقود الوطن بالمصالحة والخدمة»، وحذر مما وصفه بـ«حملة ضخمة لكراهية المدينة». وقال بهذا الخصوص: «مصراتة لا بد أن تعود لحضن الوطن»، مشيراً إلى أن «من يتحالفون مع مصراتة الآن لا يتجاوزون 20 في المائة من الليبيين، أما البقية الذين كانوا ينظرون لمصراتة بنوع من الإعجاب، فجميعهم يقف اليوم ضدنا».
ولفت دبيبة الذي التقى أمس في مصراتة حشداً من وجهائها إلى أن شخصيات من المدينة ستشارك في حكومته الجديدة، وستكون في مقدمتها، دون أن يحددها، موضحاً أنه قد يستعين بخدمات فتحي باشاغا وزير الداخلية الحالي في حكومة «الوفاق» في الحكومة الجديدة التي يعكف على تشكيلها في الوقت المحدد لها، لكنه لم يحدد ما إذا كان باشاغا سيستمر في عمله وزيراً للداخلية أم سيعهد إليه بحقيبة وزارية أخرى.
كان دبيبة قد أوضح، في بيان وزعه مكتبه مساء أول من أمس، أنه بدأ مشاورات تشكيل الحكومة، والأسماء المرشحة لتقلد حقائبها الوزارية، تمهيداً للمصادقة عليها في المهلة المحددة لها حسب حوار جنيف.
وجاء ذلك في وقت واصل فيه يان كوبيش، رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، اتصالاته مع الأفرقاء الليبيين، بمن فيهم المشير حفتر، لمناقشة التطورات والأولويات، لا سيما في الملف الأمني، حيث رحب بدعمه لتنفيذ وقف إطلاق النار.
وقالت البعثة الأممية، في بيان لها مساء أول من أمس، إن كوبيش أجرى خلال اليومين الماضيين اتصالات تمهيدية مع المسؤولين الليبيين، شملت خالد المشري رئيس مجلس الدولة، وأحمد معيتيق نائب السراج، وفتحي باشاغا وزير داخليته، للتعرف على آرائهم بشأن الخطوات التالية، لضمان الإسراع في تشكيل الحكومة المؤقتة.
وأجرى السفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، سلسلة مكالمات هاتفية، هنأ خلالها المنفي وعضوي المجلس الرئاسي عبد الله اللافي وموسى الكوني، المكلفين في السلطة التنفيذية المؤقتة الجديدة.
وأشار نورلاند، طبقاً لبيان وزعته السفارة الأميركية مساء أول من أمس، إلى أن السلطة التنفيذية المؤقتة الموحدة الجديدة «أوضحت عزمها على اتخاذ خطوات مهمة نحو المصالحة»، معتبراً أن «هناك الآن فرصة لكل قادة ليبيا لتوحيد الصفوف من أجل أن تكون ليبيا دولة مستقرة موحدة».
وفي غضون ذلك، ظهرت دعوات أمس بين نشطاء وسياسيين محليين لمقاطعة الاستفتاء المقرر على الدستور الذي تعتزم بعثة الأمم المتحدة تنظيمه في وقت لاحق مع السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا.
وكانت مفوضية الانتخابات العليا قد حذرت، خلال اجتماع اللجنة الدستورية المشتركة من مجلسي الدولة والنواب بمنتجع الغردقة المصرية مؤخراً، من صعوبة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة قبل نهاية العام الحالي، وقالت إن الاستفتاء على الدستور يحتاج في مرحلته الأولى إلى 7 شهور كاملة لإنجازه.
وفي تطور مفاجئ، أعادت ميليشيات ما يعرف باسم «القوة الثالثة» التابعة لحكومة «الوفاق» إغلاق بوابة الدافنية، المدخل الغربي لمدينة مصراتة (غرب البلاد)، للمطالبة بصرف «مستحقات» مالية متأخرة لسنوات منذ فترة «خدمتهم» في الجنوب. ومع ذلك، قالت مصادر محلية إن المرحلة الثانية من تجميع مخلفات الحرب استمرت أمس في منطقة أبوقرين حتى بوابة الخمسين (غرب مدينة سرت).



إبعاد «حماس» عن إدارة غزة... هل يجهض خطة «التهجير»؟

مسلحون من «حماس» قبل تسليم رهائن إسرائيليين إلى فريق الصليب الأحمر في خان يونس (أ.ف.ب)
مسلحون من «حماس» قبل تسليم رهائن إسرائيليين إلى فريق الصليب الأحمر في خان يونس (أ.ف.ب)
TT

إبعاد «حماس» عن إدارة غزة... هل يجهض خطة «التهجير»؟

مسلحون من «حماس» قبل تسليم رهائن إسرائيليين إلى فريق الصليب الأحمر في خان يونس (أ.ف.ب)
مسلحون من «حماس» قبل تسليم رهائن إسرائيليين إلى فريق الصليب الأحمر في خان يونس (أ.ف.ب)

وسط حالة من الضبابية تحيط بمستقبل قطاع غزة، جاء إعلان مصري عن عدم مشاركة «حماس» في إدارة القطاع ليمنح أملاً في إزالة عثرة بملف «اليوم التالي» في مواجهة تشبث من إدارة دونالد ترمب بـ«التهجير» شرطاً لإعادة الإعمار، ورفض عربي واسع، ومساعٍ لحلول تنهي تعقيدات المشهد السياسي.

ورغم عدم وجود موقف واضح وصريح لـ«حماس»، فإن ذلك يحمل «موافقة ضمنية من الحركة»، حسب تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بما سيعزز الخطة المصرية - العربية التي تجري حالياً، ويجعلها بديلةً لسيناريوهات ترمب ونتنياهو الداعمة لتهجير الفلسطينيين، ومن ثم المضي في إعمار القطاع دون إخراج سكانه، وإيجاد مسار تهدئة مؤقت أو مستدام بالقطاع مع الوقت.

وخلال زيارته الحالية لإسرائيل، قال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، في مؤتمر صحافي، الأحد، مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إن ترمب أكد أنه «لا يمكن لـ(حماس) أن تستمر كقوة سياسية وعسكرية أو مستقبل في غزة»، مضيفاً: «ترمب كان جريئاً جداً في رأيه حول ما يجب أن يكون عليه مستقبل غزة، ليس الأفكار المملة نفسها من الماضي، بل شيء جريء»، في إشارة أقل حدة من تصريحات الرئيس الأميركي بشأن طلب تهجير الفلسطينيين لمصر والأردن.

وكان مصدر مصري مطلع على مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة، أفاد السبت، لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، بأن هناك «اتصالات مصرية مكثّفة لتشكيل لجنة مؤقتة للإشراف على عملية إغاثة القطاع وإعادة إعماره»، مشيراً إلى أن «(حماس) تؤكد التزامها باتفاق وقف إطلاق النار بمراحله الثلاث، وعدم مشاركتها في إدارة القطاع خلال المرحلة المقبلة».

وهو ما يتسق مع طرح الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، قبل أيام في مقابلة متلفزة، بأنه «إذا كانت الرؤية الدولية، والمصلحة الفلسطينية، تتطلبان أن تتنحى (حماس) عن الوجود في الصورة بهذا الشكل الواضح، فليكن وبإرادة عربية، وبتوافق وتراضٍ فلسطيني، وتأخذ السلطة الفلسطينية مسؤوليتها وتدير هذا القطاع، من خلال أي طرح من مصر أو القمة العربية (الطارئة المقبلة أواخر الشهر بدعوة من القاهرة) إذا ما قررت ذلك».

وأيّد المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، أنور قرقاش، الجمعة، أبو الغيط، قائلاً في منشور عبر منصة «إكس»: «الدعوة العقلانية لأمين عام الجامعة العربية، بتنحي (حماس) عن إدارة غزة في محلها، فمصلحة الشعب الفلسطيني يجب أن تتقدم على مصلحة الحركة، خصوصاً في ظل الدعوات لتهجير الفلسطينيين من غزة».

وبرأي سفير فلسطين السابق، بركات الفرا، فإن تصريحات روبيو تأتي في سياق عدم الرغبة ببقاء «حماس»، وهي رغبة تتلاقى مع أطروحات عربية، خصوصاً وهي تستخدم ذريعةً لاستمرار الحرب، وبالتالي ما ذكره المصدر المصري بشأن «حماس» هو سد لهذه الثغرات.

وبشأن موقف «حماس»، أكد الفرا أن «مصر لم تصرح من فراغ، وهي دولة كبيرة مسؤولية، وبالتالي التصريحات جاءت بعد أن أقنعتها في ظل التطورات والتصعيد في ملف التهجير، والحركة وافقت وإلا كانت ستنفي على الفور».

وباعتقاد أستاذ العلوم السياسية الدكتور طارق فهمي، فإن «إبعاد (حماس) عن المشهد أو مشاركتها بصورة غير مباشرة، أو تحولها لطرف ليس رئيسياً في المعادلة أمر مهم بهذه المرحلة الحاسمة كي لا نعطي ذريعة لإسرائيل»، مشيراً إلى أن «(حماس) لن تتنحى بشكل كامل هي تدرك أنها ستبقى ضمن الفواعل والقوى الرئيسية على أساس أننا في مرحلة حاسمة تتعامل مع الواقع ضمن شراكة فلسطينية محسوبة وخطة مصرية عربية تعد لتجاوز أي ذرائع».

وسبق أن ذكر روبيو، في 12 فبراير (شباط) الحالي، خلال مقابلة متلفزة، أن المقترح الذي تقدَّم به ترمب بشأن تهجير سكان غزة، هو «المخطط الوحيد المتاح»، قائلاً: «على الحلفاء تقديم بديل إذا كانت لديهم خطة أفضل».

طفل فلسطيني يحمل حاوية على رأسه في المغراقة وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وكشف وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال لقاء وفد من مجلس النواب الأميركي، الأحد، بالقاهرة، أن تلك الخطة المصرية لإعمار غزة دون تهجير «تتم بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية والدول العربية والإسلامية وبدعم من المجتمع الدولي».

فيما أعرب رئيس الكونغرس اليهودي العالمي رونالد لاودر في بيان عقب مقابلة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالقاهرة عن تطلعه للمقترح المصري العربي بشأن غزة، بعد تأكيد الرئيس المصري «أهمية البدء في إعادة إعمار قطاع غزة، مع ضرورة عدم تهجير سكانه من أراضيهم»، مشيراً إلى أن «مصر تعد خطة متكاملة في هذا الشأن»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية الأحد.

وباعتقاد الفرا، فإن إعلان عدم مشاركة «حماس» بإدارة غزة سيعزز الموقف العربي وخطة مصر التي تعد مشكورة لإعادة إعمار غزة دون تهجير، لنرى موقفاً قوياً وصريحاً وموحداً بالقمة العربية مبنياً على أسس وخطة واضحة لا يمكن أن تقف إسرائيل أو واشنطن أمامها بذريعة وجود «حماس»، بالتالي إفشال أي مخططات تعد.

وبرأي فهمي، فإن «طرح مشروع بديل مهم، كما تفعل مصر، سينال مشروعية وقوة في (القمة العربية) أواخر الشهر الحالي أمام تمسك ترمب بفكرة التهجير».