الصحة هدفاً إقليمياً للتنمية المستدامة في البلدان العربية

جائحة «كورونا» تكشف التفاوت في نظم الرعاية الصحية

الصحة هدفاً إقليمياً للتنمية المستدامة في البلدان العربية
TT

الصحة هدفاً إقليمياً للتنمية المستدامة في البلدان العربية

الصحة هدفاً إقليمياً للتنمية المستدامة في البلدان العربية

الصحة بصفتها هدفاً إقليمياً للتنمية المستدامة هي موضوع الحلقة السادسة من سلسلة المقالات عن الصحة والبيئة في البلدان العربية. ويستند هذا المقال إلى الفصل الخاص بالعلاقة بين الصحة والتنمية في تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) الذي صدر مؤخراً. وقد أشرفت على تأليف الفصل الدكتورة ريما حبيب، رئيسة قسم الصحة البيئية في كلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت، بالاشتراك مع الباحثتين ناتالي الحداد وشيلبي سورديك.
وتواجه نُظم الرعاية الصحية في معظم الدول العربية عدداً من التحديات، تتمثل في: قلة عدد الأطباء، ومحدودية البيانات عن مرافق الرعاية الصحية، ونقص الاستعداد للطوارئ، إلى جانب ضعف الميزانيات المخصصة للقطاع. وقد ظهرت هشاشة هذه النُظم مع تفشي جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) التي من المتوقع أن تترك آثارها المنهجية الشديدة -وربما الكارثية- على العالم العربي.
ويناقش تقرير «الصحة والبيئة» الذي صدر عن المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) الدوافع البيئية الرئيسية التي لها تأثير كبير على مختلف جوانب صحة الإنسان، ويستعرض التقدم الذي أحرزته الدول العربية في تحقيق الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة الذي ينطوي على «ضمان تمتع الجميع بأنماط عيش صحية والرفاهية للبشر من جميع الأعمار».
ويلخّص التقرير كذلك التحديات التي تواجه الدول العربية في تحقيق هذه الأهداف، ويقترح إطاراً متكاملاً للصحة والتنمية المستدامة، ويوصي بآفاق جديدة للعمل المحلي والإقليمي، إلى جانب نهج التغطية الصحية الشاملة لتحقيق الصحة للجميع.
- كيف تتحقق «الصحة للجميع»
يشتمل الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة على تسعة مقاصد لعدد من المؤشرات التي تضم: صحة الأم، وصحة الطفل، والأمراض المعدية وغير المعدية، وتعاطي المخدرات، وإصابات ووفيات حوادث الطرق، والصحة الجنسية والإنجابية، والتغطية الصحية الشاملة، والصحة البيئية. وهو يلحظ أربع وسائل للتنفيذ مع مقاصد محددة، تتعلق باعتماد أطر لمكافحة التدخين، والابتكار في الطب والتحصين، وبناء القدرات والدعم المالي للصحة، والتأهب والاستجابة للمخاطر الصحية.
وتتأثر الصحة في الدول العربية بالحالة الاجتماعية والسياسية في كل بلد. وتعد التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية، وغياب الاستقرار السياسي، وطغيان النزاعات المسلحة، وندرة الموارد، عوامل ضاغطة تترك بصمتها على الصحة العامة.
وتؤدي الاضطرابات النفسية، كالاكتئاب والقلق، إلى جانب التهابات الجهاز التنفسي السفلي، إلى زيادة سنوات العمر الضائعة بسبب اعتلال الصحة في منطقة شرق البحر المتوسط. كما يسجل مرض السكري، من بين أمراض أخرى غير معدية، زيادة في العالم العربي، مما يستوجب التدخل للسيطرة على هذا المرض الذي بلغ حد «الوباء».
وتنتشر أمراض سرطانات الرئة والمثانة والبروستات والثدي والقولون والمستقيم والكبد على نحو واسع في مختلف البلدان العربية. ولا تزال هناك تفاوتات في معدلات الإصابة والوفيات بين الدول، حيث يسجل لبنان أحد أعلى معدلات الإصابة بجميع أنواع السرطان في منطقة شرق البحر المتوسط.
ووفقاً لبيانات سنة 2017 الصادرة عن معهد القياسات الصحية والتقييم في جامعة واشنطن، توجد مجموعة من الأسباب وعوامل الخطر الرئيسية التي تؤثر في سنوات الحياة الصحية المفقودة في العالم العربي، أهمها أمراض نقص التروية القلبية، واضطرابات حديثي الولادة، والتهابات الجهاز التنفسي السفلي، وأمراض الإسهال، واضطرابات تعاطي المخدرات، والتشوهات الخلقية، والإصابات المرورية، والسكتات الدماغية، واضطرابات الصداع، وآلام أسفل الظهر، والسكري، وفيروس نقص المناعة (الإيدز).
وتحتل الأمراض غير المعدية وإصابات الطرق والصحة العقلية المرتبة الأولى في البلدان ذات الدخل المرتفع، في حين تزداد وطأة الأمراض المعدية وأمراض حديثي الولادة في البلدان المنخفضة الدخل. أما أهم عوامل الخطر التي تؤدي إلى اعتلال الصحة في البلدان ذات الدخل المنخفض، فهي سوء التغذية، والمياه والصرف الصحي والنظافة، وتلوث الهواء. ويقابلها في البلدان ذات الدخل المرتفع ارتفاع مؤشر كتلة الجسم (البدانة)، وارتفاع ضغط الدم، وتعاطي المخدرات، وارتفاع نسبة الغلوكوز في البلازما في أثناء الصوم، والتدخين.
وتزداد المخاوف بشأن صحة السكان في العالم العربي مع تفشي الأمراض المعدية الناشئة، مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس) وجائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، مما يعطل الإجراءات لتحسين الصحة وتحقيق الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة.
- أثر كورونا على النُظم الصحية
بعد أسابيع من ظهور فيروس «كورونا» المتجدد، أعلنت منظمة الصحة العالمية تحوُّله إلى جائحة تشكل حالة طوارئ صحية عامة، وتثير قلقاً دولياً، وتشكل خطراً وجودياً على البلدان ذات النُظم الصحية الضعيفة. وقد انتشر الفيروس في جميع الدول العربية، وعدد الحالات في ازدياد دائم. ومؤخراً، ارتفعت أعداد الإصابات والوفيات الناتجة عن فيروس كورونا بشكل ملحوظ في معظم الدول العربية، بحيث إن الأعداد المتراكمة في العالم العربي قاربت 4 ملايين في منتصف شهر فبراير (شباط)، إلى جانب نحو 70 ألف وفاة. وقد استمر مركز أنظمة العلوم والهندسة في جامعة جونز هوبكنز في تسجيل ما بين 12 و26 ألف إصابة يومياً منذ 4 أشهر في الدول العربية. فقد سجلت بعض الدول العربية أرقاماً قياسية بعدد الإصابات اليومية، مثل الإمارات ولبنان، التي تخطت 3 آلاف إصابة في اليوم الواحد في بعض الأحيان، وتجاوزت 6 آلاف في لبنان، وهو من الأعلى في العالم نسبة إلى عدد السكان. أما معدل الوفيات فتعدى 2 في المائة في 45 في المائة من الدول العربية. وتظهر اختلافات ملحوظة بين الدول، بحيث حصلت اليمن على أعلى نسبة وفيات (29 في المائة)، تتبعها سوريا والسودان ومصر بنسبة 5-6 في المائة، بينما سجلت قطر والإمارات والبحرين ودول الخليج الأخرى ولبنان النسب الأقل في معدلات الوفيات (أقل من 1 في المائة). هذا الاختلاف في نسب الوفيات ليس مفاجئاً، نظراً إلى الاختلاف الكبير بين البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المرتفعة الدخل في الموارد والبنية التحتية الصحية وخدمات الرعاية الصحية المتاحة لرعاية المرضى المصابين ودعمهم. ومن جهة أخرى، يؤشر انخفاض عدد الحالات المبلغ عنها في اليمن، في مقابل الأعداد الأعلى المبلغ عنها في الدول المجاورة، إلى الاختلاف الكبير في قدرة إجراء فحوصات تشخيص المرض.
ويشير تقرير «أفد» إلى أن تفشي فيروس كورونا المستجد كشف عن العواقب الوخيمة للنُظم الصحية الهشة، وعدم الاستعداد للطوارئ في معظم الدول العربية، وكذلك ضعف القدرة على حشد الموارد لصالح الصحة العامة ورعاية المرضى في البلدان العربية المنخفضة الدخل أو ذات الدخل المتوسط الأقرب إلى المنخفض.
- العلاقة بين الصحة والاقتصاد
يزداد عبء المرض في الدول العربية التي يميل دخلها إلى الانخفاض، في مقابل تلك التي تتمتع بدخل أعلى، رغم التاريخ والثقافة المشتركين بين بعض البلدان. وفي مقابل التقديرات الواردة في إحصاءات منظمة الصحة العالمية لسنة 2016، زادت الأمراض غير المعدية ومعدلات وفيات تلوث الهواء بمرور الوقت في جميع البلدان العربية. ومن ناحية أخرى، انخفض معدل الوفيات الناجمة عن حوادث المرور في البلدان ذات الدخل المرتفع أو المتوسط، وتراجعت معدلات الانتحار في البلدان التي يميل دخلها إلى الانخفاض.
وفي دراسة أجريت على مدى 25 سنة، أظهرت وفيات الأمهات انخفاضاً ملحوظاً في معظم البلدان العربية، ومع ذلك لا تزال المعدلات مرتفعة نسبياً في البلدان التي يميل دخلها إلى الانخفاض. وبين سنتي 2016 و2019، أظهرت بعض البلدان انخفاضاً في معدلات وفيات الأطفال دون سن الخامسة، وفي معدلات وفيات الأطفال حديثي الولادة.
وتتباين معدلات الوفيات بسبب سوء نوعية المياه والصرف الصحي والنظافة بين الدول العربية، وهي الأعلى في الصومال. ومن الشائع نسبياً تدخين التبغ بين المواطنين العرب، ويسجل لبنان أعلى نسبة للمدخنين بمعدل 33.8 في المائة.
ويحذر تقرير «أفد» من الزيادة الملحوظة لمعدلات الوفيات الناتجة عن تلوث الهواء في العالم العربي بين سنتي 2016 و2019، فمن بين كل 100 ألف شخص ارتفعت الوفيات من 32.2 إلى 50.9 في العراق، ومن 29.7 إلى 51.4 في لبنان، ومن 13.5 إلى 53.9 في عُمان، ومن 9 إلى 47.4 في قطر. وتبرز الزيادة المقلقة في معدل الوفيات الناجمة عن تلوث الهواء أهمية حماية البيئة، بصفتها جانباً أساسياً لتحسين الصحة في المنطقة.
ورغم وجود تطور إيجابي في عدد من المؤشرات، بما في ذلك تراجع معدلات الإصابة بالملاريا ومعدلات وفيات الأطفال دون سن الخامسة والمواليد، فإن مؤشرات أخرى ظلت من دون تغيير نسبياً، مثل معدلات الإصابة بالسلّ، وتفاقم القليل منها، ومعدلات وفيات تلوث الهواء. وهذا يدل على أن الصحة في العالم العربي تتحسن على نحو متواضع، ولكن هناك مجالات معينة بحاجة إلى معالجة للنجاح في تحقيق الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة.
وتواجه الدول العربية تحديات مختلفة تعيق قدرتها على تحقيق أهداف التنمية المستدامة وضمان «الصحة للجميع». وتشمل هذه التحديات الأوضاع السياسية والاقتصادية، لا سيما النزاعات المسلحة في عدد من البلدان التي كان لها تأثير إقليمي واسع النطاق.
وإلى جانب المعدلات المرتفعة للإصابات والوفيات، تؤدي النزاعات المسلحة في العالم العربي إلى تدمير النُظم البيئية والبنى التحتية، وتدهور النُظم الصحية، واضطراب خدمات الرعاية الصحية، وظهور أمراض تم القضاء عليها سابقاً، أو زيادة معدلات بعض الأمراض، كما في ظهور شلل الأطفال من جديد، وزيادة الإصابة بالليشمانيات في سوريا، واتساع المجاعة وانتشار الكوليرا في اليمن. وتتجاوز هذه النزاعات نطاقها الجغرافي لتؤثر على البلدان المجاورة بفعل آثارها الاقتصادية الإقليمية والأعداد الهائلة من اللاجئين الذين يعبرون الحدود بحثاً عن الملجأ الآمن.
وتمثل الأزمات البيئية عقبات أمام التقدم في العالم العربي، حيث يعد تلوث الهواء أحد أكثر المشكلات شيوعاً في المنطقة. كما تؤدي الإدارة غير الملائمة للمياه العادمة والنفايات الصلبة إلى عبء بيئي في بعض البلدان. وتشير التقديرات إلى أنه بحلول سنة 2030، سيقيم 70 في المائة من المواطنين العرب في المدن، مما يؤدي إلى زيادة الاكتظاظ.
وفي حين يشير تقرير «أفد» إلى أن جائحة «كورونا» ستؤثر سلباً على التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة في الدول العربية، من خلال زيادة معدلات الإصابة بالأمراض والوفيات، وإجهاد أنظمة الرعاية الصحية والبنى التحتية، يخلص إلى أن نجاح العالم العربي في تحقيق الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة يتوقف على اعتماد مقاربة أفضل على المستويين المحلي والإقليمي لخلق بيئة مناسبة تضمن الصحة والرفاهية للجميع. وهذا يستدعي التعاون بين الدول العربية عبر تبادل القدرات والموارد، والتأهب لحالات الطوارئ التي تؤثر على الصحة.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

السعودية تستهدف تحويل 60 % من مناطقها إلى «غابات مُنتجة»

TT

السعودية تستهدف تحويل 60 % من مناطقها إلى «غابات مُنتجة»

الاستفادة من التقنيات الحديثة في تشجير البيئات الجافة واستعادة الأراضي المتدهورة من أهداف المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير (تصوير: تركي العقيلي)
الاستفادة من التقنيات الحديثة في تشجير البيئات الجافة واستعادة الأراضي المتدهورة من أهداف المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير (تصوير: تركي العقيلي)

يواصل «المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير» استقبال الحضور اللافت من الزوّار خلال نسخته الثانية في العاصمة السعودية الرياض، بتنظيم من المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، في منطقة «COP16» بالرياض.

وفي الإطار، وقّع، الخميس، المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، مذكّرة تفاهم مع مركز البحوث الزراعية والغابات الدولية (CIFOR-ICRAF)، للتعاون بهدف استغلال الزراعة الحراجية لإدارة الأراضي المستدامة.

اهتمام مجتمعي كشفه مستوى الحضور إلى المعرض. (تصوير: تركي العقيلي)

وخلال جولة «الشرق الأوسط» في المعرض، كشفت أميرة العبدلي، مديرة الغابات الاجتماعية في المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، أن الزراعة الحراجية تستهدف «الغابات المنتجة للغذاء» أو أراضي الغطاء النباتي المنتجة التي تسمى أيضاً «الغابات المدمجة».

 

الزراعة الحراجيّة

وأكدت العبدلي أن هذه الشراكة تأتي لتحقيق مستهدفات المركز في خطة يجري بناؤها الآن للزراعة الحراجية إلى عام 2030، وأضافت: «نستهدف خلالها تحويل 50 إلى 60 في المائة من مناطق السعودية إلى غابات منتجة».

ونوّهت العبدلي إلى أن «الزراعة الحراجية» تُعد محوراً رئيسياً ضمن مبادرة السعودية الخضراء.

المعرض استقطب حضور دولي للإطلاع على كافة الأجنحة والأركان. (تصوير : تركي العقيلي)

وفي إطار متّصل، كشفت العبدلي لـ«الشرق الأوسط» عن البدء في حصر الأشجار المعمِّرة في السعودية وشرحت: «استندنا في رحلتنا لحصر الأشجار المعمِّرة إلى المعرفة لدى المجتمعات المحلية بالأشجار الموجودة في المنطقة»، وحول عدد الأشجار التي حُصرت، أفادت العبدلي بأنه «خلال المرحلة الأولى استطعنا حصر 383 موقعاً لأشجار معمِّرة في مناطق عسير وجازان والباحة، ووضعنا لها لوحات تعريفية بالإضافة لعمل حماية لها، وأنهينا المرحلة الأولى بإنجاز بنسبة 100 في المائة».

شجرة معمِّرة تفاعلية على هامش المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير (الشرق الأوسط)

وعن المرحلة الثانية من الحصر، أشارت العبدلي إلى أنها ستركِّز على إدارة الغابات، و«نستهدف أن تكون لدينا قاعدة بيانات رقمية بحيث يمكن معرفة موقع ومعلومات الشجرة عن طريق الإنترنت».

 

جازان وعسير والباحة في المرحلة الأولى لحصر الأشجار المعمِّرة

وبالسؤال عن أين توجد أغلب الأشجار المعمِّرة في السعودية، أفادت العبدلي بأن أغلب الأشجار المعمِّرة «موجودة في المنطقة الجنوبية في الغابات الجبلية، حيث رصدنا في جازان 208 أشجار معمَّرة، وفي عسير 80 شجرة معمِّرة، وفي الباحة 60 شجرة معمِّرة، وهذه الأرقام في طور الزيادة».

وسلّطت العبدلي الضوء على المساهمة البيئية لهذه الأشجار، معتبرةً أنه في ظل الحديث عن الكربون وكيفية تخزينه «فكلما كبُر عمر الشجرة كان تخزينها للكربون أكبر، إلى جانب أنها تعدّ نظاماً بيئياً متكاملاً يحمي الكائنات الحيّة ويحمي التربة من الانجراف ويسهم في الحماية من التغيّرات المناخية».

 

مشاركة المجتمعات المحلّية

ويربط بين الأشجار المعمِّرة والغابات المنتجة للغذاء مشاركة المجتمعات المحلّية، وكان المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، قد وجّه دعوة لأفراد المجتمع المحلي للمشاركة في تحديد مواقع الأشجار المعمرة والنادرة؛ لإدراجها ضمن قاعدة بيانات مخصصة، وتأهيلها وفق معايير علمية عالية.

ولفت المركز إلى أن ذلك يأتي انطلاقاً من المسؤولية المشتركة نحو حماية ورعاية الغطاء النباتي، والحفاظ على الثروات الطبيعية للبلاد.

شجرة معمِّرة تفاعلية على هامش المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير (الشرق الأوسط)

 

«بُعد أخضر»

وعلى الهامش تستمر حملة «بُعد أخضر» للتعريف بأهداف وتطلعات النسخة الثانية من المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير، وأكد المسؤولون عن الحملة أنها جاءت في ظل اهتمام كبير تحظى به النسخة الحالية من المعرض والمنتدى، إذ تُقام بالتزامن مع انعقاد مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «COP16»، الذي يُعقد للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط، وتسعى إلى إبراز جهود السعودية في حماية البيئة ومكافحة التصحر والجفاف على المستوى العالمي، فضلاً عن تعزيز الاهتمام المتزايد بالغطاء النباتي، الذي يعدّ من الركائز الأساسية للاستراتيجية الوطنية للبيئة، إلى جانب دعوة المهتمين إلى زيارة مقر الفعالية التي تحتضنها المنطقة الخضراء في «COP16» في العاصمة السعودية الرياض.