الولايات المتحدة «لن تسمح» بإيران مسلحة نووياً

إدارة بايدن تتمسك بالاتفاق النووي منصة لمعالجة «نشاطها الخبيث»

أكدت إدارة الرئيس الأميركي أنها «لن تسمح أبداً» لإيران بتطوير سلاح نووي (أ.ب)
أكدت إدارة الرئيس الأميركي أنها «لن تسمح أبداً» لإيران بتطوير سلاح نووي (أ.ب)
TT

الولايات المتحدة «لن تسمح» بإيران مسلحة نووياً

أكدت إدارة الرئيس الأميركي أنها «لن تسمح أبداً» لإيران بتطوير سلاح نووي (أ.ب)
أكدت إدارة الرئيس الأميركي أنها «لن تسمح أبداً» لإيران بتطوير سلاح نووي (أ.ب)

أكدت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أنها «لن تسمح» على الإطلاق بإيران مسلحة نووياً، بصرف النظر عن اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية، ومن يفوز فيها ممن يصنفون معتدلين أو محافظين، مشددة في الوقت ذاته على الانطلاق من الاتفاق النووي بصفته منصة للتوصل إلى اتفاقات أخرى لمعالجة «النشاط الخبيث» لطهران.
وجاء الموقف الأميركي في وقت عدت فيه بريطانيا وفرنسا وألمانيا، في موقف مشترك أمس (الجمعة)، أن إيران تجازف بفقدان فرصة مباشرة الجهود الدبلوماسية لتنفيذ اتفاق 2015 بالكامل بشأن برنامجها النووي، بعدما بدأت في إنتاج معدن اليورانيوم. وقالت الدول الثلاث، في بيان: «من خلال زيادة عدم امتثالها، تقوض إيران فرصة العودة إلى الدبلوماسية لتحقيق أهداف خطة العمل الشاملة المشتركة بشكل كامل»، وأضافت: «تلتزم إيران بموجب الاتفاق بعدم إنتاج اليورانيوم المعدني، وعدم إجراء البحوث والتطوير في مجال تعدين اليورانيوم لمدة 15 عاماً».
ولفتت وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أفادت، مساء الأربعاء، بأن إيران بدأت إنتاج اليورانيوم المعدني، موضحة أنها «تحققت» في 8 فبراير (شباط) من وجود «3.6 غرامات من اليورانيوم المعدني في منشأة أصفهان» (وسط). وتابعت أن هذه المسألة حساسة، إذ إن اليورانيوم المعدني قد يستخدم في إطار صناعة أسلحة نووية.
وقالت الدول، في بيانها: «نعيد تأكيد أن هذه الأنشطة التي تشكل خطوة أساسية في تطوير سلاح نووي تفتقر إلى أي مسوغ مدني موثوق به في إيران»، داعية إياها في الوقت نفسه إلى «وضع حد لها دون إبطاء، والامتناع عن أي انتهاك آخر لالتزاماتها النووية».
وأكد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، أن الرئيس جو بايدن منذ كان مرشحاً كان «واضحاً للغاية» في أنه «لن يقر بإيران مسلحة نووياً»، وقال: «نحن نتبع نهجاً دبلوماسياً لضمان أن إيران لن تتمكن أبداً من امتلاك سلاح نووي»، ملاحظاً أن «ذلك كان في صلب خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، وهذا سيكون المبدأ الإرشادي لنهجنا في اتجاه هذا التحدي».
وسئل عن تشاور الإدارة مع الأصدقاء والشركاء والحلفاء والكونغرس حول كيفية التعامل مع هذه القضية في ضوء الانتخابات الرئاسية الإيرانية في يونيو (حزيران) المقبل، فأجاب أن الولايات المتحدة تتعامل مع الموضوع «من منظور أمننا القومي، وأمن شركائنا وحلفائنا في المنطقة»، مشدداً على أن «سياسة الرئيس (بايدن) في جوهرها هي فهم أنه لا يمكن السماح لإيران بتطوير سلاح نووي (...) سيظل هذا مبدأً أساسياً بالنسبة إلينا»، بصرف النظر عن الانتخابات الإيرانية، ومن يفوز فيها بين المصنفين معتدلين أو محافظين، مكرراً أنه «إذا استأنفت إيران امتثالها الكامل للاتفاق النووي لعام 2015، سنفعل الشيء نفسه. سنسعى إلى إطالة بنود تلك الصفقة وتعزيزها. سنستخدمها منصة للبناء والتفاوض بشأن اتفاقات المتابعة لمعالجة المجالات الأخرى للنشاط الخبيث لإيران»، في إشارة إلى استمرار النظام الإيراني في تطوير ترسانته من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، وإلى استمرار اعتداءاته، مباشرة وعبر الميليشيات التابعة له، في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن، فضلاً عن تدخله في الشؤون الداخلية للدول الأخرى في المنطقة وزعزعة الاستقرار الإقليمي. وقال: «لا أعتقد أننا سندع التطورات في أماكن أخرى تملي أي تغييرات على هذا النهج».
وفي غضون ذلك، وزعت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) مقتطفات طويلة من تصريحات أدلى بها مستشار قائد القوات المسلحة الإيرانية للشؤون الدفاعية واللوجيستية، العميد حسين دهقان، لصحيفة «الغارديان» البريطانية، قال فيها إن الولايات المتحدة «ليست في موقع يؤهلها لوضع الشروط للعودة للاتفاق النووي». وأضاف دهقان: «إنهم خرقوا الاتفاق، لذا عليهم من أجل العودة للمفاوضات إلغاء إجراءات الحظر الأحادية اللاقانونية ضد إيران، والالتزام بتعهداتهم أولاً».
وتابع دهقان، وزير الدفاع الإيراني السابق: «في حال عودة أميركا إلى طاولة المفاوضات، ستتوفر الفرصة للبحث حول الأضرار الناجمة عن خروجها من الاتفاق النووي»، معتبراً أن «إدارة بايدن تحدثت عن الدبلوماسية والتعددية والتعامل في الأجواء الدولية والعودة للتعهدات الدولية، لكننا ما زلنا نرى السياسات المتخذة في إدارة ترمب ذاتها من قبل الإدارة الأميركية الجديدة». وأشار في هذا الإطار إلى عدم رفع إدارة بايدن ما وصفه بـ«الحظر الظالم على الشعب الإيراني»، وإلى أن الأرصدة الإيرانية من بيع النفط ما زالت مجمدة في بنوك أجنبية، وأن «كل هذه الأمور مؤشر إلى استمرار الترمبية في العلاقات الدولية».
ورفض دهقان دور أوروبا بصفتها وسيطاً بين إيران وأميركا، معتبراً أن «الاتحاد الأوروبي فقد هويته منذ فترة خافيير سولانا، أي من 1999 إلى 2009، حيث فقدت أوروبا هويتها، وأقول بوضوح أكثر: إن الأوروبيين لا استقلالية لديهم أمام أميركا».
وشدد دهقان على أن ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة «لا يعني عسكرة المجتمع الإيراني»، لافتاً إلى أن «ديغول وأيزنهاور كانا أيضاً ضابطين عسكريين، وتم انتخابهما لحكومات مدنية».



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.