مشرّعون أميركيون يطالبون بايدن بـ«محاسبة» إيران

مشروع قرار سانده 112 نائباً يدين «المخططات الإرهابية» لطهران

دان مشروع قرار سانده 112 نائباً أميركياً «المخططات الإرهابية» للنظام الإيراني وطالب إدارة بايدن بـ«المحاسبة» (إ.ب.أ)
دان مشروع قرار سانده 112 نائباً أميركياً «المخططات الإرهابية» للنظام الإيراني وطالب إدارة بايدن بـ«المحاسبة» (إ.ب.أ)
TT

مشرّعون أميركيون يطالبون بايدن بـ«محاسبة» إيران

دان مشروع قرار سانده 112 نائباً أميركياً «المخططات الإرهابية» للنظام الإيراني وطالب إدارة بايدن بـ«المحاسبة» (إ.ب.أ)
دان مشروع قرار سانده 112 نائباً أميركياً «المخططات الإرهابية» للنظام الإيراني وطالب إدارة بايدن بـ«المحاسبة» (إ.ب.أ)

تتواصل ضغوط أعضاء الكونغرس على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في الملف الإيراني، وصعد المشرّعون من الحزبين مساعيهم لحث الإدارة الديمقراطية على التصرف بحزم مع طهران والإبقاء على سياسة العقوبات.
وفي آخر المساعي، طرح أكثر من مائة نائب جمهوري وديمقراطي مشروع قرار يعرب عن دعم الكونغرس لـ«إيران ديمقراطية وعلمانية» ويدين «المخططات الإرهابية» للنظام الإيراني.
وحث المشروع الذي طرحه الديمقراطي براد شرمان والجمهوري توم مكلينتوك، الإدارة الأميركية على العمل مع الحلفاء الأوروبيين لتحميل إيران مسؤولية انتهاك الأعراف الدبلوماسية، بحسب نص المشروع. كما حث المشرعون المجتمع الدولي على «وقف أنشطة إيران الخبيثة»، مذكرين بـ«اعتداءات طهران الإرهابية بحق الأميركيين والمعارضين الإيرانيين». ويشير المشروع الرمزي إلى دعم مجلس النواب الأميركي للشعب الإيراني «في صراعه ضد النظام وسعيه لتأسيس بلد ديمقراطي وعلماني وغير نووي»، بحسب نصه الذي حظي حتى الساعة بتوقيع 112 نائباً من الحزبين عليه.
وأرسل عرابا المشروع رسالة إلى الرئيس جو بايدن لإبلاغه بتفاصيل المشروع، وهو رمزي وغير ملزم للإدارة. وتقول الرسالة إنه «ومن خلال طرح هذا المشروع، أراد تحالف من الحزبين في الكونغرس إظهار تشجيعهم لكل الجهود الهادفة إلى الاعتراف بحقوق الشعب الإيراني وصراعه في سبيل تأسيس بلد ديمقراطي وعلماني وغير نووي، مع الحرص على تحميل النظام المسؤولية لتصرفاته المزعزعة».
وتضمنت الرسالة موقفاً حاسما لوّح فيه المشرعون بمعارضتهم لنية بايدن العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، فقالوا: «على الولايات المتحدة أن تبقى حاسمة في سعيها لمحاسبة الحكومة الإيرانية على أنشطتها النووية وسياساتها المزعزعة للسلام في المنطقة، تحديداً دعمها للإرهاب وتطويرها للصواريخ الباليستية وانتهاكات حقوق الإنسان».
وفي نص المشروع الذي يتوقع أن يحظى بدعم عدد كبير من النواب، يذكر المشرعون إدانة القضاء البلجيكي، الأسبوع الماضي، للدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي بتهمة التخطيط لهجوم يستهدف المعارضة الإيرانية قرب باريس، ويشير النص كذلك إلى استعمال النظام لسفاراته بهدف شن اعتداءات ضد المعارضين في الخارج. ورحب المشرعون بطرد الحكومة الألبانية للسفير الإيراني للاشتباه بتخطيطه لاعتداء في البلاد، ووصفوا الخطوة بالإيجابية والمهمة.
ورغم أن مشروع القرار المطروح غير ملزم لبايدن فإنه يظهر الجو العام في الكونغرس والدعوات المتتالية لاعتماد سياسة حاسمة في الملف الإيراني. ويتزامن مع طروحات أخرى كان آخرها إعلان عدد من الجمهوريين في مجلس الشيوخ معارضتهم عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مع إيران. ودعا المشروع المطروح إدارة بايدن إلى عدم رفع العقوبات الأميركية على طهران حتى تلبي شروطاً عدة، بينها التحكم بقدراتها على تطوير سلاح نووي وصواريخ باليستية، كما حذر المشروع من أن إيران تشكل خطراً جدياً على الولايات المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط، وأشار إلى أن طهران لا تزال تدعم التنظيمات الإرهابية وتمولها بهدف زعزعة الأمن في المنطقة وتهديد القوات الأميركية والحلفاء هناك، إضافة إلى ذلك يسعى الجمهوريون في مجلس النواب إلى طرح عدد من مشاريع القوانين التي تسعى لعرقلة رفع العقوبات عن طهران، في دليل على وجود إجماع في مجلسي الكونغرس على ضرورة عدم التخفيف من العقوبات في الوقت الراهن.



إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».