أنقرة تجدد مطالبة واشنطن بوقف دعم «الوحدات» الكردية

TT

أنقرة تجدد مطالبة واشنطن بوقف دعم «الوحدات» الكردية

جددت تركيا مطالبتها للولايات المتحدة بوقف دعمها لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية التي تعد أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والتي تعتبرها أنقرة ذراعا لحزب العمال الكردستاني المحظور، في شمال سوريا ولمحت في الوقت ذاته إلى إمكانية القيام بعملية عسكرية ضد الحزب في قضاء سنجار بمحافظة نينوى في شمال العراق في خطوة تستهدف قطع طرق إمداد قسد عبر العراق.
وحث المتحدث باسم الرئاسة التركي، إبراهيم كالين، الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن، على النظر بجدية إلى مطالب بلاده بضرورة إنهاء الدعم الأميركي للوحدات الكردية في شمال سوريا.
وذكر كالين، في مقابلة مع التلفزيون الرسمي التركي ليل الخميس - الجمعة، أنه بحث، الثلاثاء قبل الماضي، خلال اتصال هاتفي مع مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان، عددا من القضايا والموضوعات الخلافية بين واشنطن وأنقرة في مقدمتها الدعم الأميركي «الوحدات» الكردية، منذ عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، مشيرا إلى أنها إحدى القضايا الأساسية التي تتسبب في توتر العلاقات مع الإدارات الأميركية، منذ عهد أوباما، وتمادت بشكل كبير في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، الذي «مع الأسف لم تتخذ إدارته على الأقل خطوات ملموسة لتريحنا حول هذه القضايا».
وتابع: «نحن مختلفون بخصوص دعم تنظيم الوحدات الكردية في سوريا، لكن لدينا العديد من النقاط المشتركة بخصوص مستقبل نظام بشار الأسد، هذا إلى جانب نقاط أخرى مشتركة، مثل العراق، ومكافحة الإرهاب هناك وتنظيم (داعش) الإرهابي وشرق المتوسط، وليبيا وأماكن أخرى». وأضاف: «لذلك سوف نعرض المشاكل بوضوح وننظر في كيفية معالجتها. وسنقوم بذلك وفقاً لمبدأ المساواة، أي سندافع عن مصالحنا الوطنية، وكذلك الولايات المتحدة ستدافع عن مصالحها الوطنية. نعتقد أنه يمكننا حل هذه القضايا وفقا لمبدأ الاحترام المتبادل».
وتعتبر الولايات المتحدة «قسد» حليفا وثيقا نظرا للدور الكبير الذي لعبته القوات التي يغلب على تشكيلها الوحدات الكردية في دعم الحرب التي شنها التحالف الدولي على تنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا، لكن أنقرة تصنف «قسد» تنظيما إرهابيا.
في السياق ذاته، أشار كالين إلى استمرار بلاده في اتخاذ تركيا تدابير وقائية ضد التهديدات الإرهابية المحتملة، قائلا إن احتمال تنفيذ «عملية سنجار» العسكرية لا يزال قائما ويمكن تحديد شكل ونطاق وعمق تلك العمليات بالتنسيق مع السلطات العراقية بحسب الحاجة، واتخاذ خطوات وفق ذلك.
وعقب زيارة قام بها وزير الدفاع التركي خلوصي أكار لبغداد وأربيل، الشهر الماضي، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن تركيا قد تدخل سنجار بين ليلة وضحاها لإخراج الإرهابيين (عناصر العمال الكردستاني) منها.
وقال كالين إن الجيش وجهاز المخابرات التركيين يقومان بجميع التقييمات اللازمة في هذا الإطار، ونوه باتفاق بغداد وأربيل بشأن إخراج عناصر العمال الكردستاني من سنجار.
وتسعى تركيا منذ سنوات للحصول على موافقة بغداد على التدخل في سنجار والقيام بعملية عسكرية ضد العمال الكردستاني هناك، حيث ترى أن ذلك من شأنه قطع طريق الدعم لـ«قسد» عبر الأراضي العراقية.
وذكر كالين: «سنجار خطوة أولى، ومجرد بداية، ونحن أعربنا عن ترحيبنا بذلك، وبالتزامن مع ذلك فإن كفاحنا لإنهاء الاعتداءات الإرهابية على أراضينا سيتواصل حتى النهاية».
في غضون ذلك، قصفت القوات التركية وفصائل ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري»، الموالي لأنقرة، المتمركزة في قرية عريشة ضمن ما يسمى مناطق «نبع السلام»، قريتي طويلة ودشيشة بريف بلدة تل تمر ضمن مناطق نفوذ «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) بريف الحسكة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.