كوباني.. هل ستكون نقطة التحول ضد «داعش»؟

التنظيم خسر في معركة {عين العرب} 1075 مقاتلا

كوباني.. هل ستكون نقطة التحول ضد «داعش»؟
TT

كوباني.. هل ستكون نقطة التحول ضد «داعش»؟

كوباني.. هل ستكون نقطة التحول ضد «داعش»؟

ابتهج المقاتلون الأكراد مع نجاحهم بتحرير «كوباني» بعد معارك طاحنة استمرت 4 أشهر. وفي الوقت الذي رأى الكثير أن النصر الذي حققته القوات الكردية في المدينة السورية الصغيرة المتاخمة للحدود التركية، ينبئ بنهاية «داعش» لا تزال المجموعة المتشددة تسيطر على أجزاء كبيرة في كلا البلدين (العراق وسوريا) ولا تزال قادرة على جذب وتجنيد عدد كبير من المقاتلين الأجانب. تمكن المتطرفون في بداية المعارك من السيطرة على «كوباني» في العام الماضي نظرا لموقعها الاستراتيجي كنقطة عبور بين سوريا وتركيا. إنما مع احتدام المعارك، اتخذت المدينة الكردية المعروفة باسم «عين العرب» باللغة العربية، مكانة رمزية كونها المدينة الأولى التي أبدت مقاومة شرسة ضد هجومات «داعش».

«فمعركة كوباني هي معركة رمزية؛ والغريب في الأمر أن كوباني هي مدينة صغيرة وبالتأكيد ليست المعقل الأساسي للأكراد مثل كركوك. والمثير للاهتمام أيضا أنه للمرة الأولى منذ ظهور (داعش) في العراق في شهر يونيو (حزيران) الماضي، لم يتمكن التنظيم المتشدد من احتلال المدينة على الرغم من الهجمات المتعددة التي شنها» وفق الخبير المتخصص في الشؤون العراقية في مركز كارنيغي، ريناد منصور. في حديثه لـ«الشرق الأوسط».
فبدعم هائل عبر الضربات الجوية الأميركية، ومؤازرة القوات الكردية العراقية التي انضمت إلى الأكراد السوريين، تمكن الأكراد من استعادة المدينة من أيدي «داعش» التي كان قد أخلاها سكانها المدنيون. ونفذ التحالف الدولي ما يزيد على 600 ضربة جوية على كوباني – أي ما يوازي 80 في المائة من مجموع عملياته في سوريا - وقدرت كلفة هذه الضربات بمئات ملايين الدولارات.
كما مني التنظيم بخسارة كبيرة بلغت 1075 مقاتلين تقريبا، وأجبر على استقدام تعزيزات في محاولة لتفادي الهزيمة، بينما خسر الأكراد أكثر من 459 مقاتلا وفق بيانات المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا. وعلى الرغم من أن مدينة كوباني دمرت بالكامل تقريبا، إلا أن النجاح بدحر «داعش» منها أثبت فعالية الضربات الجوية الدولية. «ولأول مرة تم وضع حد لزحف التنظيم المتشدد لا بل خسر أرضا كانت تحت سيطرته» كما قال فلاديمير وان ويلجنبرج، الخبير في مؤسسة جيمس تاون، في حديث مع «الشرق الأوسط».
أما الفوز الذي حققه الأكراد في هذه المعركة فقد يمهد الطريق لإنشاء كانتونات في سوريا وعلى الأخص في منطقة عفرين، وكوباني (أو عين العرب) وكذلك في مناطق الجزيرة في سوريا، وقد يساعد «الأكراد على تحقيق هدفهم المتمثل في إنشاء فيدرالية في هذه المناطق»، وفق منصور. هذا ويعتبر كل من حزب الاتحاد الديمقراطي السوري (PYD) فرع حزب العمال الكردستاني التركي وأكراد العراق أن إنقاذ الأكراد هو رهن به. والأكيد بعد معركة كوباني «أن العلاقة بين حزب الاتحاد الديمقراطي ومسعود برزاني قد تحسنت بشكل كبير» وفق وان ويلجنبرج.
يتفق جميع الخبراء على أن الانتصار على «داعش» في كوباني هو رمزي أكثر منه عسكري. فتنظيم داعش اعتمد حتى الآن على «الترويج الإعلامي»، وفق منصور. وركز على انتصاراته العسكرية لبث فكره الآيديولوجي المجرم، مما سمح له بجذب الكثير ضمن صفوفه وفي الوقت عينه بث الذعر في قلب العدو وخير مثال على ذلك، هروب الجيش العراقي إزاء تقدم «داعش» في العراق في يونيو (حزيران) العام الماضي. ومن أساليب البروباغندا التي اعتمدها «داعش» أن «الله بجانبه» ويبارك انتصاراته، مقولة لم تعد تنطبق منذ أن خسر في كوباني، وفق منصور. يشارك وان ويلجنبرج هذا الرأي مشيرا إلى أن «داعش» يصنف مقاتليه على أنهم «جنود الله»، تشبيه لم يعد ممكنا بعد الخسارة التي مني بها.
وفي السياق نفسه، تجلت الأهمية الرمزية التي تتمتع بها كوباني بالنسبة إلى التنظيم من خلال فيلم وثائقي دعائي صور في كوباني يظهر الصحافي البريطاني جون كنتلي الذي يحتجزه تنظيم داعش يتجول في أرجاء المدينة الكردية ويبجل في الانتصارات التي حققها التنظيم ويتحدث عن فشل العدو (الأكراد).
فضلا عن ذلك، وعوضا عن التعليق على سقوط كوباني، أصدر المتحدث باسم «داعش» أبو محمد العدناني - الشامي بيانا أعلن فيه عن توسيع ما يسمى الخلافة باتجاه منطقة خراسان، التي تشمل أفغانستان، وهدد بقتل طيار أردني وصحافي ياباني كان التنظيم احتجزهما. هذا وتدل الانتصارات التي يحققها الأكراد والجيش العراقي في كوباني وفي مناطق أخرى في محافظة ديالى على أن ظاهرة «داعش» قد تكون احتويت وأن التنظيم لم يعد يحقق انتصارات ميدانية كالسابق، ولو أنه ما زال يسيطر على مساحات واسعة من الأراضي والمدن الرئيسية في كل من سوريا والعراق.
فالتنظيم لا يزال يحكم قبضته على المناطق الخاضعة له ويتحكم بجميع مواردها أكانت بشرية أم لا. كما زاد عدد المقاتلين الأجانب الذين توجهوا إلى سوريا والعراق للقتال إلى جانب «داعش»، إلى 20 ألف مقاتل – أي بزيادة 5000 مقاتل، مقارنة بالتقديرات السابقة في شهر أكتوبر، وفقا للمركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي (ICSR).
يشير منصور إلى أن التنظيم «لا يزال يحرز تقدما في سوريا». كما يجمع الخبراء على أنه من الصعب جدا أن يتكرر سيناريو كوباني في مدن أخرى في العراق أو في سوريا، بحيث يشرح وان ويلجنبرج أن الأكراد لعبوا دورا أساسيا في تحرير مدينتهم بما أنهم كانوا يقاتلون من أجل بقائهم. والأمر ليس متساويا في الموصل حيث خير السكان بين دعم «داعش» أو الهروب، وأنه من غير الممكن استرجاع المدينة العراقية بمجرد الاعتماد على الضربات الجوية فحسب من دون دعم محلي على الأرض.
ويضيف منصور «أنه من غير الممكن التوصل إلى حل مسألة (داعش) في الموصل ما لم تستعد الثقة بين الحكومة العراقية والقبائل السنية. فالناس يتحدثون كيف أن مجالس الصحوة في العراق (وهي تجمعات عشائرية سنية في أغلبها أنشئت لمواجهة القاعدة) تمكنت من إضعاف تنظيم القاعدة في العراق سابقا، وكيف من الأصعب تحقيق هذا الأمر من جديد إثر سياسات (رئيس الوزراء السابق المالكي) والجرائم التي ارتكبتها الميليشيات الشيعية».
فقد تحدث مقالة نشرت في 26 يناير (كانون الثاني) نقلا عن 5 شهود عن عمليات إعدام مزعومة حصلت في قرية بشرق مدينة بروانة، ويقول السكان والمسؤولون في المحافظة إنه تم قتل ما لا يقل عن 72 عراقيا على يد مجموعة من الميليشيات الشيعية وعناصر قوات الأمن. «يعلم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن العناصر المسلحة الشيعية تشكل عائقا أمام العملية الديمقراطية، والسؤال الذي يطرح نفسه إلى أي حد يمكنه أن يستمر في هذه اللعبة السياسية؟»، يتساءل منصور.
وبغض النظر عن التحدي الذي تشكله الميليشيات الشيعية وتدني انجذاب القبائل السنية للتنظيم، ليست الخسارة التي مني بها «داعش» كبيرة بما يكفي لكي تزعزع قوته في المدن الكبيرة. إلا أن الواضح أن «(داعش) بات أضعف من ذي قبل، وبات في موقع الدفاع بدل الهجوم، وقد خسر الكثير من القرى المحيطة بسد الموصل»، وفق وان ويلجنبرج.
ولا شك أن إخراج المنظمة الإرهابية من الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق، لن يكون بالأمر السهل إطلاقا، على الرغم من وضع خطة لاستعادة السيطرة على المدينة في الربيع أو الصيف القادم، وفق منصور. كما أنه من غير المرجح أن تلعب القوات الكردية دورا في مثل هذا الهجوم الذي يتطلب كسب السكان السنة المحليين، الأمر الذي يبدو بعيد المنال على الرغم من جهود الحكومات الغربية والعراقية. على الرغم من كل ذلك، فلا شك أن فقدان كوباني قد يكون نقطة تحول في أسطورة «داعش»، ولو أن تدمير التنظيم لن يتحقق في يوم واحد، إنما قد تكون كوباني الخطوة الأولى في مسيرة الألف ميل.

* زميل غير مقيم في المجلس الأطلسي مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط



«المراجعات»... فكرة غائبة يراهن عليها شباب «الإخوان»

جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)
جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)
TT

«المراجعات»... فكرة غائبة يراهن عليها شباب «الإخوان»

جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)
جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)

بين الحين والآخر، تتجدد فكرة «مراجعات الإخوان»، الجماعة التي تصنفها السلطات المصرية «إرهابية»، فتثير ضجيجاً على الساحة السياسية في مصر؛ لكن دون أي أثر يُذكر على الأرض. وقال خبراء في الحركات الأصولية، عن إثارة فكرة «المراجعة»، خصوصاً من شباب الجماعة خلال الفترة الماضية، إنها «تعكس حالة الحيرة لدى شباب (الإخوان) وشعورهم بالإحباط، وهي (فكرة غائبة) عن قيادات الجماعة، ومُجرد محاولات فردية لم تسفر عن نتائج».
ففكرة «مراجعات إخوان مصر» تُثار حولها تساؤلات عديدة، تتعلق بتوقيتات خروجها للمشهد السياسي، وملامحها حال البدء فيها... وهل الجماعة تفكر بجدية في هذا الأمر؟ وما هو رد الشارع المصري حال طرحها؟
خبراء الحركات الأصولية أكدوا أن «الجماعة ليست لديها نية للمراجعات». وقال الخبراء لـ«الشرق الأوسط»: «لم تعرف (الإخوان) عبر تاريخها (مراجعات) يُمكن التعويل عليها، سواء على مستوى الأفكار، أو السلوك السياسي التنظيمي، أو على مستوى الأهداف»، لافتين إلى أن «الجماعة تتبنى دائماً فكرة وجود (محنة) للبقاء، وجميع قيادات الخارج مُستفيدين من الوضع الحالي للجماعة». في المقابل لا يزال شباب «الإخوان» يتوعدون بـ«مواصلة إطلاق الرسائل والمبادرات في محاولة لإنهاء مُعاناتهم».

مبادرات شبابية
مبادرات أو رسائل شباب «الإخوان»، مجرد محاولات فردية لـ«المراجعة أو المصالحة»، عبارة عن تسريبات، تتنوع بين مطالب الإفراج عنهم من السجون، ونقد تصرفات قيادات الخارج... المبادرات تعددت خلال الأشهر الماضية، وكان من بينها، مبادرة أو رسالة اعترف فيها الشباب «بشعورهم بالصدمة من تخلي قادة جماعتهم، وتركهم فريسة للمصاعب التي يواجهونها هم وأسرهم - على حد قولهم -، بسبب دفاعهم عن أفكار الجماعة، التي ثبت أنها بعيدة عن الواقع»... وقبلها رسالة أخرى من عناصر الجماعة، تردد أنها «خرجت من أحد السجون المصرية - بحسب من أطلقها -»، أُعلن فيها عن «رغبة هذه العناصر في مراجعة أفكارهم، التي اعتنقوها خلال انضمامهم للجماعة». وأعربوا عن «استعدادهم التام للتخلي عنها، وعن العنف، وعن الولاء للجماعة وقياداتها».
وعقب «تسريبات المراجعات»، كان رد الجماعة قاسياً ونهائياً على لسان بعض قيادات الخارج، من بينهم إبراهيم منير، نائب المرشد العام للجماعة، الذي قال إن «الجماعة لم تطلب من هؤلاء الشباب الانضمام لصفوفها، ولم تزج بهم في السجون، ومن أراد أن يتبرأ (أي عبر المراجعات) فليفعل».
يشار إلى أنه كانت هناك محاولات لـ«المراجعات» عام 2017 بواسطة 5 من شباب الجماعة المنشقين، وما زال بعضهم داخل السجون، بسبب اتهامات تتعلق بـ«تورطهم في عمليات عنف».
من جهته، أكد أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية بمصر، أن «(المراجعات) أو (فضيلة المراجعات) فكرة غائبة في تاريخ (الإخوان)، وربما لم تعرف الجماعة عبر تاريخها (مراجعات) يُمكن التعويل عليها، سواء على مستوى الأفكار، أو على مستوى السلوك السياسي التنظيمي، أو على مستوى أهداف الجماعة ومشروعها»، مضيفاً: «وحتى الآن ما خرج من (مراجعات) لم تتجاوز ربما محاكمة السلوك السياسي للجماعة، أو السلوك الإداري أو التنظيمي؛ لكن لم تطل (المراجعات) حتى الآن جملة الأفكار الرئيسية للجماعة، ومقولتها الرئيسية، وأهدافها، وأدبياتها الأساسية، وإن كانت هناك محاولات من بعض شباب الجماعة للحديث عن هذه المقولات الرئيسية».

محاولات فردية
وقال أحمد بان إن «الحديث عن (مراجعة) كما يبدو، لم تنخرط فيها القيادات الكبيرة، فالجماعة ليس بها مُفكرون، أو عناصر قادرة على أن تمارس هذا الشكل من أشكال (المراجعة)، كما أن الجماعة لم تتفاعل مع أي محاولات بحثية بهذا الصدد، وعلى كثرة ما أنفقته من أموال، لم تخصص أموالاً للبحث في جملة أفكارها أو مشروعها، أو الانخراط في حالة من حالات (المراجعة)... وبالتالي لا يمكننا الحديث عن تقييم لـ(مراجعة) على غرار ما جرى في تجربة (الجماعة الإسلامية)»، مضيفاً أن «(مراجعة) بها الحجم، وبهذا الشكل، مرهونة بأكثر من عامل؛ منها تبني الدولة المصرية لها، وتبني قيادات الجماعة لها أيضاً»، لافتاً إلى أنه «ما لم تتبنَ قيادات مُهمة في الجماعة هذه (المراجعات)، لن تنجح في تسويقها لدى القواعد في الجماعة، خصوصاً أن دور السلطة أو القيادة في جماعة (الإخوان) مهم جداً... وبالتالي الدولة المصرية لو كانت جادة في التعاطي مع فكرة (المراجعة) باعتبارها إحدى وسائل مناهضة مشروع الجماعة السياسي، أو مشروع جماعات الإسلام السياسي، عليها أن تشجع مثل هذه المحاولات، وأن تهيئ لها ربما عوامل النجاح، سواء عبر التبني، أو على مستوى تجهيز قيادات من الأزهر، للتعاطي مع هذه المحاولات وتعميقها».
وأكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية بمصر، أن «الجماعة لم تصل لأي شيء في موضوع (المراجعات)، ولا توجد أي نية من جانبها لعمل أي (مراجعات)»، مضيفاً: «هناك محاولات فردية لـ(المراجعات) من بعض شباب الجماعة الناقم على القيادات، تتسرب من وقت لآخر، آخرها تلك التي تردد أنها خرجت من داخل أحد السجون جنوب القاهرة - على حد قوله -، ومن أطلقها صادر بحقهم أحكام بالسجن من 10 إلى 15 سنة، ولهم مواقف مضادة من الجماعة، ويريدون إجراء (مراجعات)، ولهم تحفظات على أداء الجماعة، خصوصاً في السنوات التي أعقبت عزل محمد مرسي عن السلطة عام 2013... وتطرقوا في انتقاداتهم للجوانب الفكرية للجماعة، لكن هذه المحاولات لم تكن في ثقل (مراجعات الجماعة الإسلامية)... وعملياً، كانت عبارة عن قناعات فردية، وليس فيها أي توجه بمشروع جدي».
وأكد زغلول، أن «هؤلاء الشباب فكروا في (المراجعات أو المصالحات)، وذلك لطول فترة سجنهم، وتخلي الجماعة عنهم، وانخداعهم في أفكار الجماعة»، مضيفاً: «بشكل عام ليست هناك نية من الجماعة لـ(المراجعات)، بسبب (من وجهة نظر القيادات) (عدم وجود بوادر من الدولة المصرية نحو ذلك، خصوصاً أن السلطات في مصر لا ترحب بفكرة المراجعات)، بالإضافة إلى أن الشعب المصري لن يوافق على أي (مراجعات)، خصوصاً بعد (مظاهرات سبتمبر/ أيلول الماضي) المحدودة؛ حيث شعرت قيادات الجماعة في الخارج، بثقل مواصلة المشوار، وعدم المصالحة».
وفي يناير (كانون الثاني) عام 2015، شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي، على أن «المصالحة مع من مارسوا العنف (في إشارة ضمنية لجماعة الإخوان)، قرار الشعب المصري، وليس قراره شخصياً».
وأوضح زغلول في هذا الصدد، أن «الجماعة تتبنى دائماً فكرة وجود (أزمة أو محنة) لبقائها، وجميع القيادات مستفيدة من الوضع الحالي للجماعة، وتعيش في (رغد) بالخارج، وتتمتع بالدعم المالي على حساب أسر السجناء في مصر، وهو ما كشفت عنه تسريبات أخيرة، طالت قيادات هاربة بالخارج، متهمة بالتورط في فساد مالي».

جس نبض
وعن ظهور فكرة «المراجعات» على السطح من وقت لآخر من شباب الجماعة. أكد الخبير الأصولي أحمد بان، أن «إثارة فكرة (المراجعة) من آن لآخر، تعكس حالة الحيرة لدى الشباب، وشعورهم بالإحباط من هذا (المسار المغلق وفشل الجماعة)، وإحساسهم بالألم، نتيجة أعمارهم التي قدموها للجماعة، التي لم تصل بهم؛ إلا إلى مزيد من المعاناة»، موضحاً أن «(المراجعة أو المصالحة) فكرة طبيعية وإنسانية، وفكرة يقبلها العقل والنقل؛ لكن تخشاها قيادات (الإخوان)، لأنها سوف تفضح ضحالة عقولهم وقدراتهم ومستواهم، وستكشف الفكرة أمام قطاعات أوسع».
برلمانياً، قال النائب أحمد سعد، عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، إن «الحديث عن تصالح مع (الإخوان) يُطلق من حين لآخر؛ لكن دون أثر على الأرض، لأنه لا تصالح مع كل من خرج عن القانون، وتورط في أعمال إرهابية - على حد قوله -».
وحال وجود «مراجعات» فما هي بنودها؟ أكد زغلول: «ستكون عبارة عن (مراجعات) سياسية، و(مراجعة) للأفكار، ففي (المراجعات) السياسية أول خطوة هي الاعتراف بالنظام المصري الحالي، والاعتراف بالخلط بين الدعوة والسياسة، والاعتراف بعمل أزمات خلال فترة حكم محمد مرسي... أما الجانب الفكري، فيكون بالاعتراف بأن الجماعة لديها أفكار عنف وتكفير، وأنه من خلال هذه الأفكار، تم اختراق التنظيم... وعلى الجماعة أن تعلن أنها سوف تبتعد عن هذه الأفكار».
وعن فكرة قبول «المراجعات» من قبل المصريين، قال أحمد بان: «أعتقد أنه يجب أن نفصل بين من تورط في ارتكاب جريمة من الجماعة، ومن لم يتورط في جريمة، وكان ربما جزءاً فقط من الجماعة أو مؤمناً فكرياً بها، فيجب الفصل بين مستويات العضوية، ومستويات الانخراط في العنف».
بينما أوضح زغلول: «قد يقبل الشعب المصري حال تهيئة الرأي العام لذلك، وأمامنا تجربة (الجماعة الإسلامية)، التي استمرت في عنفها ما يقرب من 20 عاماً، وتسببت في قتل الرئيس الأسبق أنور السادات، وتم عمل (مراجعات) لها، وبالمقارنة مع (الإخوان)، فعنفها لم يتعدَ 6 سنوات منذ عام 2013. لكن (المراجعات) مشروطة بتهيئة الرأي العام المصري لذلك، وحينها سيكون قبولها أيسر».
يُشار إلى أنه في نهاية السبعينات، وحتى منتصف تسعينات القرن الماضي، اُتهمت «الجماعة الإسلامية» بالتورط في عمليات إرهابية، واستهدفت بشكل أساسي قوات الشرطة والأقباط والأجانب. وقال مراقبون إن «(مجلس شورى الجماعة) أعلن منتصف يوليو (تموز) عام 1997 إطلاق ما سمى بمبادرة (وقف العنف أو مراجعات تصحيح المفاهيم)، التي أسفرت بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية وقتها، على إعلان الجماعة (نبذ العنف)... في المقابل تم الإفراج عن معظم المسجونين من كوادر وأعضاء (الجماعة الإسلامية)».
وذكر زغلول، أنه «من خلال التسريبات خلال الفترة الماضية، ألمحت بعض قيادات بـ(الإخوان) أنه ليس هناك مانع من قبل النظام المصري - على حد قولهم، في عمل (مراجعات)، بشرط اعتراف (الإخوان) بالنظام المصري الحالي، وحل الجماعة نهائياً».
لكن النائب سعد قال: «لا مجال لأي مصالحة مع (مرتكبي جرائم عنف ضد الدولة المصرية ومؤسساتها) - على حد قوله -، ولن يرضى الشعب بمصالحة مع الجماعة».