استمرار الاحتجاجات في ميانمار وعقوبات أميركية على جنرالات

مظاهرة أمام السفارة الصينية تتهم بكين بدعم المجلس العسكري

احتجاجات أمام السفارة الصينية في رانغون واتهام لبكين بدعم الانقلاب (إ.ب.أ)
احتجاجات أمام السفارة الصينية في رانغون واتهام لبكين بدعم الانقلاب (إ.ب.أ)
TT

استمرار الاحتجاجات في ميانمار وعقوبات أميركية على جنرالات

احتجاجات أمام السفارة الصينية في رانغون واتهام لبكين بدعم الانقلاب (إ.ب.أ)
احتجاجات أمام السفارة الصينية في رانغون واتهام لبكين بدعم الانقلاب (إ.ب.أ)

لليوم السادس على التوالي خرج المتظاهرون الرافضون للانقلاب إلى الشوارع في عدد من مدن ميانمار أمس الخميس في وقت أعلن الرئيس الأميركي جو بادين فرض عقوبات على جنرالات الجيش وطالبهم بالتخلي عن السلطة وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإرجاع الدولة إلى الحكم المدني. وقال مسؤول حزبي في الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية أمس الخميس إن مساعدا مقربا من زعيمة الحزب ميانمار التي أطاح بها الجيش أونج سان سو تشي ألقي القبض عليه في موجة اعتقالات جديدة في أعقاب الانقلاب العسكري. وشغل مساعد سو تشي المعتقل تشاو تينت سوي منصب وزير مكتب مستشارة الدولة خلال حكم زعيمة ميانمار المدنية التي يحتجزها الجيش. ويعتبر تينت سوي ذراع سو تشي اليمنى، وكان أحد ممثليها في محادثات صعبة مع الجيش في الأيام التي سبقت الإطاحة بالحكومة المدنية. وقال تشي توي، عضو لجنة الإعلام في حزب الرابطة الوطنية، إن تينت سوي وأربعة آخرين على صلة بالحكومة السابقة اقتيدوا من منازلهم خلال الليل فيما ألقي القبض على كبار المسؤولين في لجنة الانتخابات السابقة. كما تصاعد القلق الخميس من أن تكون المجموعة العسكرية تخطط لفرض تدابير أكثر صرامة واستدامة على الإنترنت. ونزل المتظاهرون إلى الشارع مجددا في احتجاج سلمي في نايبيداو العاصمة ومعقل الجيش، إضافة إلى رانغون كبرى مدن البلاد وعاصمتها الاقتصادية. وخرجت مسيرات جديدة في مدينتي داويي وماندلاي رفع خلال المتظاهرون لافتات كتب عليها «أعيدوا لنا الديمقراطية» و«ندين الانقلاب العسكري».
وتستمر موجة الغضب والتحدي منذ أن أطاح الجيش بالحاكمة الفعلية للبلاد أونغ سان سو تشي الأسبوع الماضي واعتقلها إلى جانب شخصيات أخرى في حزب «الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية» التي اكتسحت الانتخابات التشريعية الأخيرة وحصلت على ٨٠ في المائة من المقاعد. وبرر الجيش الانقلاب الأسبوع الماضي بحصول تزوير واسع في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) التي حقق فيها حزب سو تشي فوزا ساحقا.
وكانت قوات الأمن استخدمت الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه والأعيرة المطاطية ضد متظاهرين. وصعدت الشرطة إجراءاتها ضد الحزب مع مداهمة مقره. وهتفت مجموعة من المتظاهرين أمام البنك المركزي في رانغون «لا تذهبوا إلى مكاتبكم»، وذلك ضمن مسعى للدعوة إلى عصيان مدني حضوا في إطاره الموظفين الحكوميين وفي القطاعات الأخرى لمقاطعة العمل والضغط على الجيش. وقال موظف في بنك انضم إلى التظاهرة لوكالة الصحافة الفرنسية «لن نذهب إلى العمل لأسبوع أو شهر... نحن مصممون على القيام بذلك حتى النهاية عندما يتم إطلاق سراح (سو تشي) والرئيس يو وين ميينت».
وفي آخر خطوة بارزة ملموسة للضغط على الجيش، وقع الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء أمرا تنفيذيا بفرض عقوبات جديدة على المسؤولين عن الانقلاب وكرر مطالبه لقادة ميانمار العسكريين بالتخلي عن السلطة وإطلاق سراح الزعماء المدنيين. وستحدد واشنطن المجموعة الأولى المستهدفة بالعقوبات هذا الأسبوع وستتخذ خطوات لمنع القادة العسكريين في ميانمار من استخدام أرصدة تابعة لحكومة بلادهم في الولايات المتحدة وتبلغ فيمتها مليار دولار. وقال بايدن ملوحا بمزيد من العقوبات «أدعو مجدداً الجيش البورمي إلى الإفراج الفوري عن القادة والناشطين السياسيين الديمقراطيين الذين يحتجزهم». وأضاف «يجب على الجيش التخلي عن السلطة». بدوره حذر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من أن الكتلة يمكن أن تفرض عقوبات جديدة على الجيش. وكتب المحلل السياسي ريتشارد هورسي ومقره ميانمار في تغريدة «يبدو أنها سلسلة تدابير منسقة بشكل جيد (...) وإشارة قوية إذ أعلنها الرئيس بايدن بنفسه»، واصفا العقوبات بأنها «رسالة واضحة» للجيش. تحدث مزيد من التقارير عن اعتقالات الخميس، طالت أشخاصا من بينهم نائب رئيس البرلمان ومساعدا كبيرا لسو تشي، ما يرفع عدد المعتقلين على خلفية الانقلاب إلى أكثر من مائتي شخص، بحسب مرصد «جمعية مساعدة السجناء السياسيين». وسارع إلى وضع موالين له في المحاكم وفي مناصب سياسية واضعا حدا لعقد من الحكم المدني. وأطلقت ذخيرة حية على تظاهرة في نايبيداو هذا الأسبوع ما أدى إلى إصابة شخصين بجروح خطيرة، أحدهما امرأة أصيبت في الرأس. وتناقل رواد الإنترنت صورة المرأة بشكل واسع مع تعليقات تعبر عن الحزن والغضب. وقال المقرر الخاص للأمم المتحدة توم أندروز في تغريدة الأربعاء «يمكنهم أن يطلقوا النار على شابة لكنهم لا يستطيعون سرقة أمل شعب وتصميمه». ولقيت التدابير القمعية للجيش على الإعلام بوقف الإنترنت، مع الطلب من شركات تكنولوجيا قطع الاتصالات بشكل متقطع، إدانات واسعة. وقالت منظمة المجتمع المدني ميدو والتي تعنى بالتكنولوجيا في تغريدة أن مشروع قانون حول الأمن السيبراني أرسل إلى شركات اتصالات، من شأنه السماح للجيش بقطع الإنترنت وفرض حظر على مواقع إلكترونية. ويطلب مشروع القانون من منصات التواصل الاجتماعي تسليم بيانات وصفية حول مستخدمين.
كما تجمع مئات المحتجين أمام السفارة الصينية في يانجون واتهموا بكين بدعم المجلس العسكري وهو الأمر الذي تنفيه. ولم ترد السفارة الصينية حتى الآن على طلب للتعقيب، لكنها نشرت في وقت متأخر مساء أمس الأربعاء بيانا على فيسبوك ينفي صحة تقارير على الإنترنت بشأن خطط لجلب كوادر فنية. وقالت، كما جاء في تقرير رويترز، إن رحلات الطيران الوحيدة هي رحلات النقل التجاري المعتادة لاستيراد وتصدير سلع منها المأكولات البحرية.
وتجمع متظاهرون أيضا بالقرب من سفارات الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وأمام مكاتب الأمم المتحدة. وخرج السفير الفرنسي إلى المحتجين معبرا عن دعمه للديمقراطية ولإطلاق سراح المحتجزين. وستدرس المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة مشروع قرار اليوم الجمعة صاغته بريطانيا والاتحاد الأوروبي يندد بالانقلاب العسكري ويطالب بدخول مراقبين لميانمار على الفور. لكن دبلوماسيين توقعوا أن تعارض الصين وروسيا، اللتان تربطهما علاقات وثيقة بجيش ميانمار، مشروع القرار أو تحاولان إضعاف صيغته.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».