شاشة الناقد

TT

شاشة الناقد

- الحديث إلى الجثث
> الفيلم : The Little Things
> إخراج: ‪ جون لي هانكوك‬
> الولايات المتحدة | بوليسي (2021)
> تقييم: ★★★
بعد أقل من ساعة على بدء هذا الفيلم، يجلس التحري جو ديكون (دينزل واشنطن) أمام جثّة الفتاة المسجية على فراش المشرحة وحيداً معها. يمعن النظر إليها ويقول لها: «تستطيعين الحديث إلي. أنا الصديق الوحيد الذي تملكينه».
يخطر للمُشاهد أن هذا التحري ربما بدأ يفقد رجاحة عقله، أو ربما فقدها قبل حين طويل عندما عاقبته الإدارة مرّة وخسر الترقية ثلاث مرات وطلّقته زوجته التي لا يزال يحب صمتاً لكنه ليس كذلك مطلقاً. هو بالتأكيد ذلك النوع من التحريين الذين ينقلون إلى الشاشة إحباطات الحياة ومشاكلها المستديمة ودينزل واشنطن يكسيها اللحم والعظام الحيّة اللافتة للاهتمام. كل ممثل (تقريباً) يستطيع أن يلعب شخصية التحري الذي نجح في استقصاءاته وفشل في كل شيء آخر، لكن غالبيتهم سيصدح بمشاكله علناً. سيسعى للفت النظر إلى خلفيّته. واشنطن يترجمها إلى أحاسيس ويجسدها في سلوكيات ولا يتحدّث عنها إلا نادراً.
في المقابل لدينا التحري جيم باكستر (رامي مالك): نقيض إلى حد كبير. «مظهرجي»، سريع في أحكامه. لا يعترف بأن الخبرة تنقصه. يخطأ ولا يعلم إلا لاحقاً. والقضية التي عليهما الاشتراك في حلّها هي قضية قاتل متسلسل (Serial Killer) يصطاد ضحاياه من النساء من دون منهج معيّن. والمشكوك به، من بعد تحريات تستغرق نحو نصف الفيلم، هو ألبرت (يارد ليتو في إداء لافت كالعادة). لكن ألبرت يؤكد براءته وباكستر ساذج والاثنان يتعاملان مع بعضهما البعض من منطلقاتهما الذاتية: باكستر يريد إثبات التهمة فيقوده ألبرت في الليل لينقب عن جثّة غير موجودة. باكستر يطلق عليه النار في لحظة فالتة من أسبابها ويقتله. ديكون يصل إلى مكان الجريمة متأخراً. سيعلم ما حدث وسيساعد باكستر على إخفاء جريمته.
بالنسبة لديكون تتألف الحياة من أشياء صغيرة تؤدي في مجموعها إلى الشيء الكبير. يمارس ذلك في تحقيقاته ويعرف ذلك في نفسه وفي علاقاته ويتبع المبدأ ذاته في تحليل تلك اللحظة التي أدّت بباكستر لجريمة لم يقصد ارتكابها. لكن المجرم الفعلي يبقى غير معروف والمُشاهد الذي اعتاد الفيلم الذي لن ينتهي قبل أن يكشف له عن القاتل، سيكتشف أن هوية القاتل (قد يكون ألبرت وقد لا يكون) ستبقى مجهولة.
هناك خيوط فالتة ويوحي الفيلم بأن المخرج جون لي هانكوك رغب فيلماً لم ينجزه كما أراد. لكن إذا كانت هناك من حسنات أساسية فهي في أداء واشنطن وليتو. أولهما يستطيع الحديث إلى الفيلم ولو كان الفيلم جثّة هامدة. في المقابل حاول الفيلم مناصفة البطولة بين دينزل ورامي مالك لكنه بذلك أضاع فرصة محورية ولم يكسب أشواطاً في سبيل توفير بطولة ثنائية. وللواقع، لا وجه رامي مالك كان معبّراً عن دواخله جيداً ولا تمثيله ارتفع لمستوى قريب من تمثيل دينزل لدوره.

- حفل التخرّج | The Prom
> إخراج: ‪رايان مورفي‬
> الولايات المتحدة | ميوزيكال (2021)
تقييم: ★★
لو شاهد سكان ولاية إنديانا هذا الفيلم قبل انتخابات الرئاسة الأميركية لصوّتوا جميعاً لترمب.
ينقض الفيلم على الولاية منتقداً باسم الليبرالية (ولو عبر حكاية مختلقة) إلغاء حفلة تخرّج لأن واحدة من المتخرّجات مثلية. هذا يستدعي اعتراض أربع ممثلين من نيويورك الذين ينتقلون من نيويورك إلى أنديانا لتعليم أهلها معنى حرية الاختيار. فيلم جيد في تنفيذ مشاهد الرقص ودون ذلك في معظم الخانات الأخرى بما فيها خانة خلق شخصيات جديرة بالإعجاب.

- لا أحد | Nobody
> إخراج: ‪إليا نايشولر‬
> الولايات المتحدة | أكشن (2021)
> تقييم: ★★
يتدخل بطل الفيلم لمساعدة امرأة تتعرّض لتحرش مجموعة من الشبّان غير مدرك لتبعات فعلته التي تؤدي به سريعاً لمواجهة عصابة قوية.
الحكاية ليست جديدة في حبكتها العامّة، لكن الفيلم يستفيد من تقديم شخصية رجل عادي ومجهول السمات إلى أن تحاول العصابة الانتقام منه فتكتشف أنه ليس الحلقة الضعيفة في المجتمع. بالطبع لو أدركت ذلك لما كان هناك فيلم يُروى.

(*) لا يستحق
(**) وسط
(***) جيد
(****) ممتاز
(*****) تحفة


مقالات ذات صلة

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يوميات الشرق أحمد عز في لقطة من فيلم «فرقة الموت» (الشرق الأوسط)

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يبدو أن سحر الماضي دفع عدداً من صناع السينما المصرية إلى اللجوء لفترة الأربعينات من القرن الماضي بوصفها مسرحاً لأحداث أفلام جديدة.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق مهرجان القاهرة السينمائي لتنظيم ورش على هامش دورته الـ45 (القاهرة السينمائي)

«القاهرة السينمائي» يدعم صناع الأفلام بالتدريبات

أعلن «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» عن تنظيم مجموعة متخصصة من الورش لصنّاع الأفلام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج معتز التوني يتوسط وأمينة خليل فريق العمل خلال العرض الخاص بالقاهرة (الشركة المنتجة)

«X مراتي» فيلم مصري جديد يراهن على «الضحك» فقط

يرفع الفيلم المصري «X مراتي» شعار «الضحك للضحك» عبر كوميديا المواقف الدرامية التي تفجرها قصة الفيلم وأداء أبطاله.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق  الحدث يهتم بالتنوّع البيولوجي والسينما (مهرجانات ريف)

انطلاق «مهرجانات ريف»... ومشكلات بيئة جنوب لبنان في الصدارة

تُعدّ «مهرجانات ريف» المُقامة في بلدة القبيات، الوحيدة لبنانياً التي تتناول موضوعات البيئة، فتضيء على مشكلاتها وتزوّد روّادها بحلول لمعالجتها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق حورية فرغلي (إنستغرام)

حديث حورية فرغلي عن حياتها الشخصية يلفت الانتباه في مصر

لفتت الفنانة المصرية، حورية فرغلي، الانتباه في مصر بعد حديثها عن تفاصيل في حياتها الشخصية، والسبب الذي لأجله قالت إنها «تمنت الموت».

محمد الكفراوي (القاهرة )

على هامش محاولة اغتيال ترمب... تاريخ السينما غني بأفلام المؤامرات السياسية

دنيال داي لويس في في ستيفن سبيلبرغ «لنكولن» (دريمووركس)
دنيال داي لويس في في ستيفن سبيلبرغ «لنكولن» (دريمووركس)
TT

على هامش محاولة اغتيال ترمب... تاريخ السينما غني بأفلام المؤامرات السياسية

دنيال داي لويس في في ستيفن سبيلبرغ «لنكولن» (دريمووركس)
دنيال داي لويس في في ستيفن سبيلبرغ «لنكولن» (دريمووركس)

لم يكن هناك شك. رجل اعتلى مبنى مطلاً على الحفل الانتخابي وجهّز سلاحه وانتظر ما اعتقد أنها اللحظة المناسبة لقتل المرشح الذي وقف وراء المنصّة خاطباً في الحاضرين. انطلقت الرصاصة وأصابت أذن المرشح على بعد سنتيمترات قليلة من الدماغ. سقط المرشّح الرئاسي وراء المنصّة ثم وقف والدماء تنزف منه. أما مطلق النار فقد أرداه الأمن قتيلاً على الفور.

الحدث واضح ولا يدع مجالاً للشك. الصورة لا تكذب، لكن عدم كذبها قد لا يكون، بالنسبة لآخرين، صدقاً. من الواقف وراء المحاولة؟ رئيس الجمهورية الحالي؟ الدولة العميقة؟ أم لعله المرشّح على أساس توضيب الوضع، بحيث لا تصيبه الرصاصة في مقتل وذلك لكي تزداد شعبيّته؟

ما سبق يمكن أن يكون موضوع فيلم يطرح الأسئلة ضمن إطار من نظرية المؤامرة. تلك النظرية التي لا تصدّق الرواية الرسمية، بل تجد فيها ثقوباً كافية لكي تكوّن احتمالات أخرى تُطرح كبدائل، إذا لم يكن في الواقع المعاش، فعلى شاشة السينما على الأقل.

هاريسون فورد في «الطائرة الرئاسية» (كولمبيا)

حبكة مثيرة

أفلام عديدة أنتجتها هوليوود سبقت تلك الحادثة وتناولت خططاً لاغتيال رئيس أميركي أو أي مرشّح قريب من هذا المنصب. هذه الأفلام سبقت حتى اغتيال جون ف. كندي وشقيقه روبرت ف. كندي. ولو كانت هناك سينما قبل اغتيال الرئيس أبراهام لينكولن سنة 1865 لسبقت، على الأرجح، الحادثة بحفنة أفلام مماثلة.

هذا لأن الموضوع مثير كحبكة تشويقية من ناحية، ولأن الضحية، المحتملة أو التي تم اغتيالها فعلاً، تتبوأ أعلى منصب في البلاد. ومع أن السينما لم تكن موجودة عندما قام جون ويلكس بوث باغتيال الرئيس لينكولن الذي كان يؤم مسرحية «عمّنا الأميركي» للكاتب المسرحي البريطاني توم تايلور، إلا أن ذلك لم يمنعها من التطرّق إلى الموضوع مرّات عديدة.

لم تترك السينما اغتيال لينكولن يمضي من دون أفلام دارت عنه وعن مقتله وذلك من عام 1924 عندما أخرج فل روزن «الحياة الدراماتيكية لأبراهام لينكولن» (The Dramatic Life of Abraham Lincoln). بعده بستة أعوام تبرّع ديفيد وورث غريفيث بتحقيق «لينكولن» متابعاً مراحل ذلك الرئيس إلى النهاية. ثم تدخل جون فورد فحقق «يونغ مستر لينكولن» (1939) وصولاً إلى فيلم ستيفن سبيلبرغ «لينكولن» سنة 2012 الذي سعى فيه إلى سرد الأيام السابقة لاغتياله وأنهى فيلمه بخروج لينكولن من بيت الرئاسة في تلك الليلة صوب المسرح حيث سبقته زوجته.

كلينت ايستوود في «في خط النار» (كولمبيا)

قنّاصة

القنص في الاغتيالات عنصر أساسي. القنّاص هو قاتل لا يقف وسط الجموع ولا يصل إلى مكان الجريمة محاطاً بعصبة تصاحبه ولا يحمل بندقية رشاشة يطلق رصاصها كما اتفق. عادة ما يصعد سطح المبنى المشرف على المكان وينبطح في المكان مع بندقيّته ذات المنظار مترقباً اللحظة الحاسمة.

اسأل فرانك سيناترا الذي كان عمد، سنة 1954، لبطولة فيلم بعنوان «صدنلي» (Suddenly) وهو أيضا اسم بلدة صغيرة لا تقع فيها مفاجآت. يصل إليها سيناترا واثنان من أعوانه ويقتحمون منزلاً يشرف على محطة القطار حيث سيتوقف قطار رئيس الجمهورية. يقدّم الفيلم سيناترا كمهووس خدم في الحرب الكورية وخرج منها قاتلاً محترفاً لمن يدفع وهناك جهة «أجنبية» استأجرته للغاية.

صدى ذلك تردد بالفعل قبل أيام قليلة عندما تم الإعلان من أن هناك شكوكاً تدعم فكرة أن إيران هي التي خططت لاغتيال دونالد ترمب. في ذلك الفيلم لا يتوقف القطار ويتم القضاء على الشرير ورجليه. في الواقع الحاضر، لم تصب الرصاصة ما هدفت إليه ونجا المرشّح الرئاسي. لكن مع سرعة قتل صاحب المحاولة (عوض العمل على إلقاء القبض عليه لاستجوابه) تم دفن الباعث والدافع سريعاً.

من وحي الواقع

الأفلام التي دارت عن اغتيال جون ف. كندي، الذي تم اقتناصه أيضاً خلال جولة في مدينة دالاس. بعض تلك الأفلام كان تسجيلياً (Killing Kennedy لنلسن ماكورميك. 2013)، وبعضها كان درامياً لكن بأسلوب التحقيقات المسجّلة (JFK لأوليفر ستون، 19991) أو روائياً خيالياً مبني على خيط من الحقيقة كما حال «في خط النار» (On the Line of Fire) الذي أخرجه وولفغانغ بيترسن من بطولة كلينت إيستوود سنة 1993.

كون هذا الفيلم غير مبني على واقعة محددة سمح له بأن يكوّن إثارة تم صنعها وسردها جيداً. حكاية حارس أمني كان أحد أعضاء الفريق الذي كلف بحماية الرئيس جون ف. كندي، لكن بعدما تم اغتيال الرئيس فقد الحارس جزءاً من ثقته بنفسه وتحمّل سخرية زملائه. فجأة تصله معلومة بأن أحدهم يخطط لقتل الرئيس الحالي. لا أحد يصدّق لكن إيستوود يأخذ على عاتقه اكتشاف هوية القاتل وإنقاذ حياة الرئيس مسترداً مكانته.

أدى نجاح هذا الفيلم إلى قيام بيترسن، سنة 1997، بقبول عرض لفيلم آخر من النوع ذاته هو «الطائرة الرئاسية» (Air Force One) لكن الخيال هنا ذهب بعيداً فرئيس الجمهورية الأميركي، كما قام به هاريسون فورد، يجيد القتال اليدوي وها هو يتصدى بنفسه للإرهابيين الذين تسللوا إلى طائرة الرئاسة وهاجموه وهي في الأجواء العالية.

الأعمال البطولية استمرت بعد هذا الفيلم من خلال سلسلة «أوليمبوس» التي بدأت سنة 2013 بفيلم Olympus Has Fallen لأنطوان فوكوا. لكن هذه المرّة ينقذ رجل أمن (جيرار بتلر) حياة رئيس الجمهورية (ارون إكهارت) بعدما نجحت كوريا الشمالية بإرسال طائرات قصفت البيت الأبيض.

ليس من قبيل الصدفة، بل من قبيل الاستفادة من فرصة القبض على ما تعكسه تلك الحبكة من فرص نجاح، قام رولاند إيميريش في السنة ذاتها بإخراج فيلم آخر عن قيام فرد واحد (تاتوم شانينغ هنا) بإنقاذ رئيس البلاد (جايمي فوكس) من القتل داخل البيت الأبيض وذلك في White House Down.

من يستعرض هذه الأفلام، وهناك غيرها الكثير، قد يدرك حقيقة غائبة، وهي أن أخطر منصب في العالم هو منصب رئيس الجمهورية، وحين النظر إلى من تم اغتيالهم في التاريخ الأميركي كما في السينما تتراءى حقيقة أخرى، وهي وجود شغف جماهيري بالحكايات ونظريات المؤامرة الواقعية منها والخيالية.